الوضع المظلم
الأحد ٠٥ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • سوريا بعد الانتخابات.. تأويلات وتحدّيات متوقعة

سوريا بعد الانتخابات.. تأويلات وتحدّيات متوقعة
عمار زيدان

انتهت الانتخابات الرئاسية السورية بنسختها الثانية خلال سنوات الأزمة الماضية، وما تضمنته من حملات وإعلانات دعائية موالية منها ومعارضة، هدفت بصورتها الرئيسية لإضعاف الروح المعنوية للطرف الآخر فقط، كون عمليات توزيع وتقسيم النفوذ بين الأطراف الفاعلة في المشهد السوري والجماعات المحلية التابعة لها قد تمت بشكل شبه نهائي.


نسبة رمزية


حصلت الانتخابات وجرى ما كان متوقعاً، فلم تضف إليها نزاهةً شهادة المراقبين التابعين للدول الحليفة، ولم يضعفها التنديد الغربي بهزليتها، لكن خلاصتها المباشرة هي أن الرئيس السوري بشار الأسد حقق نقطة إيجابية لمصلحته في مسار الأزمة السورية، هو والحلفاء تحت مسمى النصر المؤزر على المعارضة وداعميها العرب والغربيين، لأنها أفشلت النقطة الجوهرية في تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2254 الصادر في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2015، والذي وضع أسس حل سلمي في سوريا بما يشمل إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف أممي.


واقع الأمر أن نسبة 95،1% التي حصل عليها "الأسد"، هي نسبة رمزية ومعنوية فقط أكثر من كونها حقيقية، لأنّ حسبة ساذجة بسيطة لعدد المهجرين والنازحين والقتلى والجرحى والمعتقلين تجعل انتخاب 14 مليون سوري، بحسب إحصائيات لجنة الانتخابات الحكومية، مسألة صعبة التصديق، في أدنى تقدير.


وفي عام 2014، أعيد انتخاب الرئيس السوري بشار الأسد بأكثرية 88% من الأصوات، بحسب النتائج الرسمية التي عادة ما تشكك فيها المعارضة والدول الغربية.


المعادلة الجديدة بعد الانتخابات الرئاسية لا تختلف عما سبقها بكثير، لكنها تؤكد على نظام مدعوم بالمال والسلاح من إيران وحلفائها، وبالسياسة من موسكو وبكين إلى حدّ ليس بقليل، على الرغم من العقوبات الأمريكية المتمثلة بقانون "قيصر"، إلى جانب العقوبات الأوروبية على شخصيات وكيانات حكومية، والتي أسفرت عن ضائقة مالية وأزمة معيشية بالغة السوء يعاني منها المواطن السوري، يقابل كل ذلك معارضة مفككة تنخرها وتشوه صورتها ممارسات المتطرفين، حيث تبيعها واشنطن كلاماً، وأوروبا ترفع يديها عجزاً، وتركيا تتخبط عبر تدخلها في الشأن السوري باستخدام القوة العسكرية وسيطرتها على مدن سورية عدة، أما الدعم العربي فيقتصر عملياً على بعض الدول في مجلس التعاون الخليجي، الذي يئس من محاولات إقناع حلفائه الغربيين بجدوى دعم المعارضين المعتدلين سياسياً أو عسكرياً.


رحيل "الأسد"


الاختلاف الوحيد الذي بدى بارزاً في هذه المرحلة من عمر الأزمة السورية، بشكل عام، والانتخابات الرئاسية، بشكل خاص، هو إبداء العديد من المناطق السورية، سواء في شمال وشرق سوريا وغربها، أيضاً، إلى جانب الجنوب، وبالتحديد محافظتي درعا والسويداء، معارضتهم العلنية للانتخابات الرئاسية، سواء عبر منع الحكومة من تنظيمها في هذه المناطق، أو الخروج  في مظاهرات مناوئة لها.


ويرى مراقبون، أنّ روسيا وحدها القادرة على تحديد الفائز والخاسر في الانتخابات الرئاسية السورية، حيث إن بقاء "الأسد" في السلطة خلال المرحلة الحالية يخدم مصالح موسكو، في دليل واضح على قوة الأخيرة واستفادة روسيا وإيران من حالة التقاعس النسبي للغرب في تنفيذ ما يسعى إليه لتسوية النزاع، إلا أنه ومع مرور الوقت، وإذا تم إبرام اتفاق بشأن الصراع السوري، يمكن لروسيا أن تقدم تنازلات قد تؤدي إلى رحيل "بشار الأسد".


ويدرك "الأسد" أنّه في حاجة إلى تطبيع العلاقات، على المستوى الإقليمي، في يوم ما، فعلى سبيل المثال، تدعم مصر عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد تعليق عضويتها في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2011، بسبب فشل الحكومة السورية في وقف إراقة الدماء، أما الإمارات فقد أعادت فتح سفارتها في العاصمة دمشق عام 2018، كما قامت سلطنة عمان بتعيين مبعوثها في سوريا أواخر العام الماضي.


فرضيات متناقضة


الأهم من كل ذلك، يتمثل في مدى اندفاع بشار الأسد مزهواً بنتائج الانتخابات الرئاسية المحسومة مسبقاً إلى التصعيد العسكري ضد المعارضة المدعومة تركياً، شمال غربي سوريا، وربما ضد قوات سوريا الديمقراطية شمال شرقي سوريا، والتي ما تزال العلاقة معها بين شد وجذب يسودها التوتر غالباً، الاندفاع المفترض نحو الخيار العسكري تدعمه تلميحات عن فرض السيادة وهيبة الدولة على الأراضي الخارجة عن السيطرة، بالإضافة الى الشعارات التي لطالما رددها مسؤولو "حزب البعث" على مسامع الموالين خلال جولاتهم التي حشدت للانتخابات الرئاسية.


ولعلّ أنصار فرضية التصعيد العسكري للحكومة بعد الانتخابات، يعتبرون أنّ تحركات الحلفاء، كروسيا وإيران، خلال الفترة الحالية، مؤشرات مهمة تدعم فرضيتهم، في حين يرى فريق من المعارضة السورية أن الحكومة لا تسعى للتصعيد العسكري مع المعارضة وقسد، وستواصل مساعيها بدعم من حلفائها لإصلاح علاقاتها مع الدول الإقليمية، فهي غير قادرة أصلاً على المخاطرة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها.


عمار زيدان


ليفانت - عمار زيدان

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!