الوضع المظلم
الأربعاء ٢٤ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
سمر الحلو سيدة المعدن.. تعبر الممر الأصفر
سمر الحلو - ليفانت

في أعمالها المشغولة بين الأسود والأبيض والرماديات حاولت الفنانة التشكيلية سمر الحلو إخفاء العالم الواقعي لإرهاصات واقعية وبذات الأهمية أرادت توضيح التباين بين متضادات الحياة المادية، وإبراز مكنوناتها ومعاناتها بخصوصية سوريالية اعتمدت الغموض في جهة قراءة اللوحة، من جهة والمكاشفة من جهة وضوح خطوط واثلام لوحاتها التي انفردت في طريقة التعامل الفني الشاق مع أليات التعبير.

فاللوحات ليست لوحات رسم مشغولة بالصباغ وليست لوحات تصويرية، إنما هي لوحات اعتمدت فن الغرافيك، فن الحفر والطبع لاحقاً، ومن هنا استحقت الفنانة الرقيقة لقب سيدة النحاس، وفنانة المعدن، فهي تمتلك مراساً وقوة وصبرا في التعامل مع الواح النحاس والأحماض وآلات الحفر الدقيقة التي تستوجب القوة والدقة والحذر، كما أنها تتعامل مع كتل صخرية ضخمة للنقش والحفر.. ومن هنا فأنه من الصعوبة تخيل طريقة عملها وتعاملها مع اللوحة، إن لم يكن المتلقي على معرفة بفن الغرافيك.

استطاعت سمر الحلو تكوين ما يسمى السريالية الممهدة التي تحاول الدمج بين طرائق السورياليين في تعاملهم مع اللوحة التشكيلية الزيتية، واساليب التعامل مع الخط التصويري للرسم، وذلك عبر انجاز فكرتها الخاصة ليس بالرسم المباشر، بل عن طريق الحفر والنقش على سطوح المعدن، وكل من يتعمق في تأمل أعمالها يكتشف فلسفة خاصة وحساً إدراكياً عالياً لفنانة لربما لو ولدت وعاشت ومارست فنها في بيئة متحضرة لكان لها العبور بطريقة أكثر جرأة ووضوحاً في فضح وكشف ستر تفاصيل الصورة الواقعية.

اقرأ المزيد: فتاة الحسكة ورزان زيتونة

وتمثل لوحتها " ممر أصفر " تمرد شخصية الانثى المهمشة الملامح على طرائق تعامل المجتمع لها، وتكشف لنا ممراً طويلاً يأخذ الحلم من عتبة معتمة نحو وهج ضوء أصفر حيث حياة جديدة وبيادر قمح وقرص شمس وربما بلادً جديدة، أو جغرافية اشرقت شمسها من جديد بعد عتمة طويلة.

 ونرى في خضم اللوحة رحلة شقائها وتهجيرها فتمضي من زمن العتمة إلى زمن الضوء، ومن ثم المعركة التي راحت شخوصها تقاتل مستعبديها لتنال ما تستحقه من الكرامة والعدالة، ولعبت المرأة في هذا العمل دور البطولة خاصة وأن سمر الحلو جعلت منها رمزاً للثورة والخصوبة، ففيها تقوم الأوطان ومن رحمها تستمر الحياة.

وبقي أن نقول إن الفنانة سم الحلو، أبنة الحسكة السورية، هي الفنانة الوحيدة التي تخصصت بدراسة الغرافيك خلال دراستها الأكاديمية بكلية الفنون الجميلة بدمشق، ويعتبر معرضها الحالي أول معرضٍ لفنون الغرافيك في الشمال السوري.

 والجدير بالذكر إنها اقامت معرضها الفردي الأول بدمشق في المركز الوطني للفنون البصرية تحت عنوان "ممر أصفر" والذي عده نقاد الفن وأساتذتها في الجامعة نقطة تحول وعلامة ظهور فنانة متميزة قادرة على مواصلة طريق الفنون الغرافيكية ونقله لأجيال فنية شابة في القادمات.

ويحاكي معرضها الفردي الثاني والأول على مستوى شمال شرق سوريا الذي تم افتتاحه 21تموز 2022 في صالة حديقة القراءة بالحسكة برعاية اتحاد المثقفين في إقليم الجزيرة تعريف الفنانة الحلو، لرواد المعرض عبر محاضرة حملت عنوان "ماهية الفن الغرافيكي" بتاريخ هذا الفن القديم والعريق، ومراحل تطوره، وشرحت كيفية العمل عبر وسائط شرح ضوئية باستخدام السينفزيون الضوئي.

ولاقى معرضها الإعجاب من رواده وزواره، كما كانت المحاضرة التي القتها الفنانة على هامش أعمال المعرض ذات اهمية بالغة في التعريف بهذا الفن الذي تحاول نشره في الجزيرة السورية، وتأمل من الجهات الأكاديمية العاملة في مجال الفنون الجميلة افتتاح قسم للفن الغرافيكي لأهميته الحضارية والفنية والصناعية أيضا. فقد تم عرض 22 لوحة غرافيكية تنوعت مواضيعها حول قضايا الانعتاق والجمال والموت والحياة، والهجرة والحرب.

قد يهمك: غوغل يحتفي بالفنانة التشكيلية العراقية نزيهة سليم

ما هو الغرافيك... ومن هي سمر الحلو؟

الفن الغرافيكي فن لا يتجزأ من منظومة الفنون، من حيث الأهمية في حياة البشر والمجتمعات وخاصة في ظل التطور التقني التواصلي العالمي. والـ "غرافيك" كلمة لاتينية مستمدة من مفردة (غرافوس) التي تعني الخط المرسوم أو المنسوخ ودخلت الكلمة اللغات الأوربية واصبحت مصطلحا يدل على "فن الحفر" وهو قريب إلى النقش، ذلك الفن الموغل في القدم ومع تقدم وسائل الحفر والطباعة بات فناً وعلماً له حضوره ووجوده في الحياة المعاصرة انطلاقا من الورق إلى الشاشات الالكترونية.

كما يعتبر الغرافيك الأب الشرعي لفنون الطباعة الصورية والكتابية.

وقد تم استحداث اقسام خاصة لدراسته وتعلمه كمادة وعلم دراسي له طرقه ومناهجه بما يقدم من ثقافة لها منهجيتها الخاصة من اهتمام بالعمق المعرفي للصورة وللحروف وثقافة نظرية بصرية التي اعتمدت مبادئ القواعد البصرية في التصاميم والعلوم التطبيقيةَ والتقنية والفنية كمصدر للجمال وتحديَ جديد لقدرات الانسان على خلق وصنع الجمال وعدم التوقف عند عتبات العمل الفني الكلاسيكي، فالغرافيك حداثة فنية تشكيلية مستمرة.. منذ العصور الموغلة في القدم، فمن زمن الصينيين والسومريين والحثيين مروراً بعهود أوربا ونهضتها الحديثة خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وصولا لزمن الثورة الرقمية والصورة وفنون الطباعة الرقمية.

فنانة الغرافيك سمر الحلو

مواليد مدينة الحسكة

كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق

تخرجت سنة 2020.

تخصصت بالدراسة الفنية بقسم الغرافيك (حفر وطباعة)

حازت على الترتيب الاول خلال سنوات الدراسة.

شاركت بعدة معارض جماعية كمعرض الربيع السنوي بدمشق

اقامت معرضها الفردي الأول بالمركز الوطني للفنون البصرية بدمشق.

حصلت على المرتبة الأولى ونالت التقدير العالي برتبة جيد جدا.

افتتحت معرضها الثاني في صالة حديقة القراءة بالحسكة برعاية اتحاد المثقفين في اقليم الجزيرة.

عبد الوهاب بيراني - كاتب وناقد سوري

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!