-
سقوط النظام الإيراني ضرورة إنسانية وحضارية وتاريخية
وجهت الجالية الإيرانية في فرنسا رسالة مشاركة في الانتفاضة الشعبية التي تشهدها إيران، للشهر الخامس على التوالي، أكد الآلاف الذين شاركوا فيها رفضهم للدكتاتورية بجميع أشكالها، طالبوا برحيل الملالي، وطي صفحة عودة نظام الشاه المقبور إلى الأبد.
رفع المشاركون في المسيرة، التي انطلقت من ميدان دانفر روشيرو في باريس إلى ساحة إينوليد التاريخية، الأعلام الإيرانية، إحياء لذكرى ثورة الشعب الإيراني المناهضة للشاه وهم يرددون هتافات “الموت للديكتاتور”، “الموت للظالم، سواء كان الشاه أو المرشد” مشددين على الخطوط الحمراء الفاصلة بين الشعب وأعدائه.
شهد التاريخ الإنساني الکثير من الأنظمة الاستبدادية الدموية التي ارتکبت الجرائم الفظيعة التي يندى لها الجبين الإنساني، ولکن الأمر الذي يجب ملاحظته وأخذه بنظر الاعتبار أن تلك الأنظمة التي تنتمي إلى حقب تاريخية غابرة، قد أصبحت ضمن سجلات التاريخ ولم يعد لها من أي دور أو تأثير في هذا العصر، لا سيما وأن التطور الحاصل في المجالين الإنساني والحضاري على مر التاريخ، وبسبب من التغيير الحاصل والجاري على العلاقات الاجتماعية من حيث الشکل والمضمون، فإن تلك النظم الاستبدادية وبسبب من أفکارها ومفاهيمها التي تتعارض مع التطور الحاصل في المجتمعات، تعتبر بحکم الملغية ولا يمکن إحياءها في العصور اللاحقة، لکننا إذا ما تمعنا في النظام الإيراني الذي يقوم على أساس نظرية ولاية الفقيه القرووسطائية، فإننا نجد أنفسنا أمام حالة شاذة وغريبة وفريدة من نوعها ابتلي بها الشعب الإيراني.
أغرب ما في الحالة الإيرانية، أن نظام ولاية الفقيه، قد تأسس على أنقاض الحکم الملکي الدکتاتوري الذي أسقطه الشعب الإيراني بثورته الکبرى في عام 1979، وذلك عندما قام التيار الديني المتطرف بقيادة خميني بأکبر عملية کذب وخداع من نوعها عندما قام باستغلال الدين کغطاء وطفق خميني يغدق الوعود والعهود المعسولة على الشعب بالعرية والحياة المرفهة، لکنه وفي الوقت نفسه کان يقوم بشحذ سکاکين الدکتاتوية والاستبداد ويمهد ليس لعودة الدکتاتورية التي أسقطها الشعب بثورته، بل حتى لنظام غريب وشاذ من نوعه قادم من أعماق القرون الوسطى.
لأن الأفکار والمفاهيم الاجتماعية والفکرية والسياسية وحتى الاقتصادية التي يدعو إليها نظام ولاية الفقيه، تنتمي بأشکالها ومضامينها الى العصور الوسطى ولا تنتمي إلى العصر الحديث بصلة، فقد کان من الطبيعي جداً أن يحدث حالة من التناقض وعدم الانسجام والتطابق فيما بينها وبين الشعب الإيراني الذي يعيش ضمن أفکار ومفاهيم متطورة بفعل خضوعها للتقدم الإنساني والحضاري الذي شمل معظم جوانب الحياة.
نعم ربطت تظاهرة باريس الضخمة أهداف ثورة شباط 1979 بالانتفاضة الوطنية الراهنة، والتقطت رسالة الرئيسة المنتخبة من المقاومة مريم رجوي، التي أكدت دخول البلاد إلى مناخات الثورة الديمقراطية، وشددت على مطالبات الإيرانيين بجمهورية ديمقراطية خالية من التعذيب والقتل والاستبداد والتبعية، ورفضهم للدكتاتوريات، سواء كانت بالعمامة أو التاج، محددة ملامح مستقبل إيران والإيرانيين، الذي يقابل بالترحيب لدى شعوب العالم.
ليفانت - مهدي عقبايي
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!