الوضع المظلم
الأربعاء ٠١ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • سؤال وجواب: مع "صلاح أبو شريف الأحوازي" رئيس المجلس الوطني لقوى الثورة الأحوازية

سؤال وجواب: مع
سؤال وجواب مع "صلاح أبو شريف الأحوازي" رئيس المجلس الوطني لقوى الثورة الأحوازية

خاص ليفانت  إعداد: مرهف دويدري


لطالما عانى عرب الأحواز من التهميش الإعلامي لقضيتهم، بفعل القبضة الحديدية لنظام الملالي، والذي عمد إلى عزل إقليم الأحواز، الذي شهد عدّة ثورات منذ أربعينات القرن المنصرم، ما أسفر عن تمادي إيران في التنكيل بمعارضيها، وإحكام قبضتها الأمنية على كافة مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية في الإقليم.


في الحوار التالي، التقت ليفانت رئيس المجلس الوطني لقوى الثورة الأحوازية "صلاح أبو شريف الأحوازي"، والذي قام بتوضيح التاريخ النضالي للمعارضة الأحوازية، وأماط اللثام عن الانتهاكات والفظائع المرتكبة بحقّ هذا المكوّن المهم في المجتمع الإيراني، والذي عانى طويلاً من الاضطهاد في إيران منذ عهد الشاه الإيراني وحتى اليوم.


وفي اللقاء التالي يوضح "صلاح أبو شريف الأحوازي" لـ"ليفانت"، الجذور التاريخية للصراع الأحوازي- الإيراني، ويسرد تفاصيل مهمة حول الممارسات القمعية التي طالت هذا الشعب، وعن تطلّعاته للاستقلال عن إيران التي يعتبر أنه لم يكن جزءاً منها في يوم من الأيام، كما يضيء على ماهية الاختلاف بين تطلّعات المعارضة الأحوازية وباقي أطياف المعارضة الإيرانية، والتي تقف حائلاً دون توحيد الجهود في مواجهة نظام الملالي، كما يوضّح بعض الأخطاء المتداولة إعلامياً، والتي كان لها الدور الأكبر في انصراف الرأي العام عن هذه القضية النضالية



  • حدثنا عنكم وعن مجلسكم، ولمحة سريعة عن الأحواز ومناطق تواجدهم في إيران؟


اسمح لي أن أشكركم على اهتمامكم والتواصل معنا


أما في ما يخصني، إنني مواطن عربي من الأحواز المحتلة، أقاتل بمعية كل المواطنين الأحوازيين منذ ثلاثة عقود لاستعادة سيادة دولة الأحواز التي أسقطت عبر احتلال عسكري أجنبي إيراني في العشرين من نيسان 1925، في مخالفة صارخة لكل الأعراف والقوانين الدولية، نقاتل عبر كل الوسائل المشروعة وقواعد القانون الدولي، لاسيما حق الشعوب المضطهدة والمقهورة والمحتلة في الإعلان العالمي لحقوق الانسان وحق الشعوب في تقرير المصير والاستقلال.


من واجباتي في المرحلة الراهنة رئاسة الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الأحوازي ومؤسساته، وفق نظامه الداخلي وفي ما يتعلق بالمجلس، فهو ائتلاف سياسي وطني، تأسّس لجمع أغلبية القوى الوطنية الأحوازية من تنظيمات ومؤسسات مجتمع مدني وأفراد، وصبّ جهودها في معركة التحرير والاستقلال، تحت مظلّة وطنية قادرة على أن تمثل الشعب العربي الأحوازي وتطلعاته المشروعة، وليقود قضيته العادلة في المؤسسات الدولية والشعبية في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة.


يضمّ المجلس بين طياته ثلاثة من أهم الفصائل الأحوازية، وهي جبهة الأحواز الديمقراطية وحركة النضال العربي لتحرير الأحواز وكذلك الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية، ويعمل على تواجد كل القوى الوطنية الأحوازية بين صفوفه.


أما عن الأحواز فهي أرض عربية، قامت على كتفيها أقدم الحضارات والممالك السامية، ومنها الحضارة العيلامية في الألفية الرابعة قبل الميلاد وقبل مجيء الفرس تمّ تأسيس أول تواجد لهم في مدينة كاشان الحالية، وسط ما يعرف بجغرافية إيران السياسية الحالية، وهي إحدى مدن الحضارة الآشورية في الألفية الأولى قبل الميلاد.


لم تكن الأحواز يوماً غير عربية، وهي تشكّل امتداداً طبيعياً لحضارة بين النهرين السامية والجزيرة العربية وخليجنا العربي، فسكانها كانوا ولا زالوا من القبائل العربية، سكنوا فيها منذ قديم الزمان وساهموا مساهمة كبيرة في الفتح الإسلامي في محاربة الفرس وهزيمتهم في الأحواز وفارس. تأسست على أرض الأحواز بعد الحكم الإسلامي دول عربية بأزمنة مختلفة، كانت آخرها إمارة المحمرة والتي أسقطت سيادتها في العشرين من نيسان 1925 وأسر أميرها الشيخ خزعل الكعبي ونقل للعاصمة الإيرانية طهران حتى استشهاده في سجنه عام 1936.



  • ما أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها الأحوازبون في إيران؟


يتعرّض الشعب العربي الأحوازي منذ العشرين من نيسان 1925 لسياسة تطهير عرقي ممنهجة من قبل الدولة الإيرانية،ّ تستهدف كيانه الوطني والقومي عبر كل الوسائل المحظورة دوليًا، وأولها عدم السماح بتدريس اللغة العربية والاحتفاظ بالكيان القومي للمواطن الأحوازي، منعت السلطات الإيرانية تواجد أي مدرسة عربية أو مكتبة ولا حتى قناة أو دار سينما أو تشكيل مكتبة عربية، وحتى نشر كتاب يعبّر عن الهوية القومية للمواطنين الأحوازيين, كما أن الدولة الإيرانية عمدت منذ عام 1936 إلى استبدال اسم الأحواز وتقسيمه إلى محافظات إيرانية خمسة وأسمتها خوزستان, بوشهر وعيلام وهرمزكان وكهكولية وبوير أحمد، كما أنها غيّرت أسماء المدن كالمحمرة العاصمة بخرمشهر والأحواز بالأهواز، وكذلك القرى وأسماء الشوارع والمعالم العربية وحتى الأنهر كشط العرب بنهر أروند.


وأقدمت على هدم كل القصور التي ترمز للدولة الأحوازية وسيادتها، ومنها قصر الفيلية المطل على شط العرب، وعمدت الدولة الإيرانية لتهجير العرب عبر مصادرة قراهم وأراضيهم الزراعية وعدم تشغيلهم في المصانع أو توظيفهم في الشركات النفطية وغيرها، بجانب جلب مئات الآلاف من المستوطنين لتغيير التركيبة السكانية في الأحواز.


ومن جانب آخر منعت حتى اليوم أيّ نشاط سياسي أو ثقافي، ويعتبر ذلك تهديداً للأمن القومي الإيراني، كما تقوم بإعدام من ينتمي للتيارات التحررية السرّية، ويتم كل ذلك وسط تعتيم إعلامي وعزلة عن كل المؤسسات الدولية، فرضتها الدولة الإيرانية على الأحواز، حيث تمنع وجود أو حضور أي مؤسسة إعلامية أو إنسانية تابعة للأمم المتحدة بما في ذلك المقرر الخاص للأمم المتحدة التي طلبت من الحكومة الإيرانية زيارة الأحواز وسجونها والتعرف عن قرب على الانتهاكات التي يتعرض لها هذا الشعب، حيث إن الانتهاكات لا تحصى في تعامل الدولة الإيرانية للأحوازيين.



  • ماذا عن المظاهرات والانتفاضة التي تعم مناطق الأحواز ضد الملالي، المطالب، والأهداف، ومن يشرف عليها؟


لم يتوقف كفاح الشعب العربي الأحوازي من أجل التحرر وحق تقرير المصير، ولا يعود ذلك لزمن حكم الملالي الإرهابي في إيران، بل منذ الحكم البهلوي الملكي السابق, حيث شهدت الأحواز سبعة عشر ثورة وانتفاضة منذ أربعينيات القرن الماضي وصولاً لثورة تشرين الثاني الذي قدم فيها شعبنا قوافل من الشهداء، وصلت الحصيلة إلى 300 شهيد خلال الأربعة أيام الأولى فقط.


أما عن المطالب والأهداف فلا بد ّمن التأكيد على أن شعبنا يقاتل من أجل استعادة وطن وسيادة اغتصبت من قبل احتلال أجنبي عسكري، فأهدافه تحرّرية وفق الشرعية الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بما أنه يشاطر كل الرافضين للهيمنة والاضطهاد والباحثين عن الحرية والحياة الكريمة في كل جغرافية ايران السياسية قضيتهم، ويشاركهم أهدافهم في إسقاط النظام وإن لم يكن ذلك من أهدافه ولا من استراتيجيته الكفاحية.



  • بات العالم أكثر دراية بجرائم النظام الإيراني بحق الأقلياّت والطوائف المتواجدة في إيران ومنهم العرب الأحواز، هل لك أن تتحدث عن ممارسات السلطات الأمنية ضد المتظاهرين السلميين من الإيرانيين؟


في البداية نحن نرفض نعتنا بالأقلية، نحن شعب احتُلّت أرضه وانتُهكت سيادته ولسنا جزءاً من إيران أساسًا، وإن التواجد الإيراني على أرضنا غير مشروع. أما عن الممارسات الأمنية وتعامل السلطات الإيرانية مع المتظاهرين السلميين، لابد ّمن القول إن السلطات الإيرانية تتعامل بكل وحشية مع المتظاهرين، ويعود ذلك لتخوّف هذا النظام من انهيار الدولة الإيرانية بشكل سريع، بسبب عدم وجود أي متنفّس أو حتى قدرة للنظام على الإصلاح الداخلي، فالدستور في إيران يعتبر الحكم مقدساً وإلهياً، وهذا جعل النظام في ورطة كبيرة، حيث يعتبر كلّ المتظاهرين أعداء الله وأعداء الشريعة والتشيُّع، وهذا بحدّ ذاته يستوجب القتل بتهمة محاربة الله، كما أن السلطات الإيرانية جعلت من نفسها مرجعيّة لكل المليشيات الإرهابية في المنطقة، ولا تريد أن تسقط هيبتها بين مليشياتها التي تطالبها في العراق ولبنان واليمن بالمزيد من القتل للمتظاهرين ولكل من يعارضها.



  • من هي الفصائل العسكرية أو القوى الأمنية التي تقوم بتنفيذ تلك العمليات من اعتقال وقمع وقتل، وتبعيتها لمن؟


أهم الصنوف العسكرية التي عادة تتدخل لقمع المتظاهرين، هي تلك التي تتبع للحرس الثوري "الإرهابي" وأجهزته الأمنية، وكذلك وزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية، حيث أن الأجهزة الأمنية في إيران مختلفة عن بعضها البعض، وكلّها لديها أذرع قمع مستعدة وفق التطورات للتدخل وقمع المتظاهرين، حيث تدخّلت في قمع مدينة معشور الأحوازية قوات الحرس مدعومة بالسمتيات والدبابات والرشاشات الثقلية، هذا وتشارك أحياناً المليشيات العراقية، وقبل ذلك كان حزب الله اللبناني يشارك في قمع الأحوازيين بالتحديد.



  • ما هي الآلية القضائية التي يحكم بها المعتقلون السياسيون بالإعدام؟


يعتبر كل أحوازي مخل للأمن القومي الإيراني ومحارب ومفسد في الأرض، لا يوجد قضاء وأحكام قضائية في محاكمة الأحوازيين بل هي سياسية وانتقامية، لإرهاب الأحوازيين والبطش بهم ولإرسال رسائل مبطّنة للدول الإقلمية وللعالم أجمع.



  • حدثنا عن حالات الاعتقال وظروف الاعتقال في إيران، وما يتعرض له السياسيون من التعذيب؟


الاتهامات تختلف بين المواطنين الفرس وبين أبناء الشعوب غير الفارسية، حيث تُهمهم عادة ما تكون محاربة الله والإخلال بالأمن الإيراني أو التجسس للدول العربية أو الأجنبية، وهي كلها اتهامات سياسية باطلة، و في ما يتعلق بالفرس عادة تكون الاتهامات معارضة النظام الإيراني والتجسس للأجنبي، أما التعذيب فيشمل الجانب الجسدي والنفسي وبكل وحشية.



  • طالبت الدول العربية في وقت سابق بفتح الجبهة الأحوازية، ودعم شرعية نضال شعبها العربي ضدّ إيران، برأيك كيف يكون ذلك؟ وهل لديكم القدرة بفتح جبهة مع الملالي؟


الأحواز جزء لا يتجزأ من الشعب العربي والوطن العربي، وأمنه لا يتجزأ عن الأمن القومي العربي، واحتلاله تسبّب بضرب الأمن القومي العربي وحتى الإقليمي، حيث تمكّنت إيران عبر استخدامها لثروات الأحواز النفطية الكبيرة وجغرافيتها الاستراتيجية احتلال العواصم العربية والهيمنة عليها، ولولا احتلال الأحواز لما تمكنت إيران من تنفيذ أيّ من مخططاتها العدوانية، أما حول قدرتنا على فتح جبهة لمواجهة الملالي، إن هذه الجبهة مفتوحة بالفعل وأبناء شعبنا في مقدمة المواجهة مع الاحتلال الإيراني ،وهم عرّابو الثورة في جغرافية إيران السياسية، والدليل على ذلك التعامل الوحشي لأجهزة الأمن الإيراني مع المتطاهرين الأحوازيين، وقتل المئات منهم بالرشاشات الثقيلة.



  • ما مدى تنسيقكم مع قوى المعارضة الأخرى في إيران؟


المعارضة في إيران تنقسم لقسمين أساسيين، الأول والأهم هم أبناء الشعوب غير الفارسية، فالأتراك في أذربيجان الجنوبية، والكورد والتركمان والبلوش وغيرهم من الشعوب المضطهدة والمحتلة، وهم يشكلّون أكثر من سبعين في المائة من سكان إيران، وجميعهم يطالبون بحق تقرير المصير والتخلص من الهيمنة الإيرانية، وهم حلفاؤنا الاستراتيجيين في مواجهة الاحتلال الفارسي.


أما الشقّ الثاني من المعارضة، وهم الفرس و المنقسمون إلى ثلاث تيارات، منظمة مجاهدي خلق والملكيين والتيار الثالث الذي يتشكل من مجاميع يسارية وليبرالية قومية، هذه التيارات لا تعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وهذا ما جعل بينها وبين فصائل الشعوب غير الفارسية خلافاً شديداً وعميقاً, فنحن لا نجتمع معهم حتى اللحظة وهذا بسبب عنصريتهم وعدم اعترافهم بحقنا في تقرير المصير.



  • هل تستطيع المعارضة الإيرانية تشكيل قوة سياسية بديلة للنظام الحالي؟


نعم بكل تأكيد، إذا اعترفت المعارضة الفارسية بحضور ووساطات دولية بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبحقّ الشعوب غير الفارسية المحتلة في تقرير مصيرها، وتعلن ذلك على العلن سوف يتشكل ائتلاف واسع وقوي جداً من كل الأطراف للإطاحة بالنظام الحالي.



  • برأيكم هل مقتل سليماني، سيحدّ من انتهاكات إيران في المنطقة؟


الإرهابي سليماني كان ماكينة وعرّاب السياسات الإرهابية الإيرانية في الدول العربية، وبمقتله من المؤكد سيتأثر هذا المشروع بشكل كبير جداً، ولكن المشروع الإيراني لن يتغيير.



  • الضربة الأمريكية للسليماني، هل سيكون لها انعكاس على تشتت الميليشيات الإيرانية في المنطقة؟


مقتل الإرهابي سليماني، سيكون له أثر كبير في تشتيت القيادات والزعامات التابعة للمليشيات الإيرانية في العالم العربي والدول المجاورة، كما سيعمّق الشرخ بين أجنحة النظام الإيراني، ويعزز الخلافات بين أجهزة الأمن الإيرانية على كل المستويات، سليماني كان مشروعاً متكاملاً ساعد بخلقه الظروف الإقليمية والدولية بعد عام 2003، كذلك ثورات الربيع العربي، وانتهى سليماني بضربة أمريكية استراتيجية في الوقت والظرف والمكان المناسب.

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!