الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • سؤال وجواب: مع الكاتب و المحلل السياسي اللبناني لقمان سليم

سؤال وجواب: مع الكاتب و المحلل السياسي اللبناني لقمان سليم
سؤال وجواب: مع الكاتب و المحلل السياسي اللبناني لقمان سليم

ليفانت نيوز - احمد الجباوي


أجرت ليفانت نيوز حواراً مع الكاتب و المحلل السياسي اللبناني لقمان سليم للحديث عن الشأن اللبناني عامة والشيعي خاصة والتعليق على الخطابات الأخيرة التي ألقاها حسن نصر الله.



لقد شهدت السنوات التي تلت انسحاب الجيش السوري من لبنان بروز عدد من المبادرات الشيعية السيادية وقد شاركت في إطلاق وفي تنشيط عدد منها. أين أصبحت كل هذه المبادرات ولماذا خفت صوتها حتى الانمحاء ؟



جزيل الشكر على هذا السؤال الذي أحب أن يحاول الإجابة عنه كل الزملاء والزميلات الذين/اللواتي شاركوا بشكل أو بآخر في هذه المبادرات. من جهتي سوف أحاول أن أقدم شهادة شخصية لعلها تساعد في مراجعة ما كان، وتهدي إلى الوجهة الأصوب.


في 14 شباط 2005 دوى ذلك الانفجار العملاق الذي قتل بسببه رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري. رغم الملاحظات الكثيرة التي كانت للعديد من اللبنانيين على سياسات رفيق الحريري سواء فيما يتعلق بالاقتصاد أو بالسيادة، انعقد يومذاك ما يشبه الاجماع العفوي على أن دم الرجل أرضية مشتركة لا ينبغي التفريط به فكان ما كان من خروج اللبنانيين، بمباركة من بعض المجتمع الدولي، مطالبين بالحقيقة وبخروج جيش بشار الاسد ثم كان ما كان من قيام ما عرف بـ«14 اذار».


صحيح أن الثقل الطائفي لـ«14 اذار» كان سنيًا مارونيًا، ولكن لحظة 14 آذار تلك مثّلت ما يشبه أن يكون قضية جامعة يلتقي عندها ويتحلق حولها كل اللبنانيين. في ظل هذه القضية المشتركة، كانت هناك محاولات عديدة لانشاء جسم شيعي يعبّر عما يمكن تسميته بالحساسية الشيعية ضمن 14 آذار ويكون ذا شرعية في مخاطبة الجمهور الشيعي تحت العنوان المذهبي.


هذه هي باختصار قصة كل تلك المبادرات التي حملت أسماء متعددة وسعت إلى اشتقاق محل للبنانيين الشيعة في سياق الجملة اللبنانية السيادية.


ما هو سبب الفشل في تأسيس حِراك شيعي سيادي لبناني ؟


على سبيل التبسيط يمكن إيراد ثلاثة أسباب أساسية للفشل في تأسيس نواة حراك شيعي سيادي لبناني:

السبب الأول هو أن ما جَمَعَ المشاركين في هذه المبادرات والمشاركات اقتصر على الضدية حيال حزب الله وسياساته فلم يقدم هؤلاء أي مشروع حقيقي يخاطب اللبنانيين الشيعة في هواجسهم وهمومهم.

السبب الثاني هو أن 14 آذار لم تحمل أصدقاءها الشيعة على محمل الجد والاحترام بل أرادتهم «كومبارس» تتوسل بأصواتهم وبحيثياتهم عند الاقتضاء وعند الطلب. 

أما السبب الثالث ولعله السبب الأهم فهو أن المحور الإقليمي والدولي الذي عبرت عنه 14 آذارفي لبنان قد مني خلال السنوات الماضية بسلسلة من النكسات من أبرز تعبيراتها ما نشاهده اليوم من سيطرةٍ شبه كاملة لإيران ولحزبها في لبنان، حزب الله، على لبنان دولة ومؤسسات.


ما مدى قوة علاقة حركة أمل بحزب الله، كون الأولى ليست مقربة من إيران؟ وهل سنشاهد في يوم من الأيام انحسار هذا التقارب إذا ما تم إضعاف شوكة حزب الله في المنطقة؟ أم أننا أمام علاقة عقائدية؟



ليس من قبيل الصدفة أن زعيم حركة أمل وصف يوماً ما العلاقة بين حركته وبين حزب إيران في لبنان بالعلاقة الوجودية بل ذهب إلى حد القول إلى أنهما روح واحدة في جسدين. يحب البعض أن يذكر بأن نشوء حزب الله كان على حساب حركة أمل وأن العلاقة بين التنظيمين لم تخل من محطات دموية.

كل هذا صحيح ولكن مياه كثيرة جرت منذ أن ولدت حركة أمل تحت برج الانشقاق عن حزب الله ويبدو لي ان الرهان على حركة أمل كاطار شعبي بديل ينضوي تحته اللبنانيون الشيعة هربًا من النكبات الدموية التي تلاحق حزب الله بسبب تورطه في نزاعات المنطقة من يمنها إلى شامها وبسبب نكباته المالية وبسبب التضييق على إيران والعقوبات عليه، هو رهان خاسر اقله لسببين اثنين:

السبب الاول هو أن إحدى استراتيجيات حزب الله طوال العقود الماضية كانت «احتلال» جمهور حركة أمل على المستوى الأيديولوجي، (ومن ثم فلقد بات من الصعب جداً التمييز عقائديًا على المستوى الشعبي بين تشيع حزب الله وتشيع حركة أمل).

السبب الثاني وهو لا يتدنى أهمية عن الأول أن الدولة اللبنانية التي شكلت خلال العقود الماضية الرافد المالي الأساسي لحركة أمل من خلال التوظيف والصفقات وغيرها تعاني اليوم من إفلاس بالمعنى التقني للكلمة. وإذا أضفنا أن حزب الله ينافس حركة أمل منذ سنوات على موارد الدولة، تبينا أن شبكة الأمان المالية التي أتاحت لحركة أمل الاستمرار باتت واسعة الحلقات، ولم تعد قادرة، بالتالي، على تلقف كل أولئك الذين يرغبون بالتظلل بها.


       بناء عليه يبدو لي أن السؤال الأوجه والأصعب على الإجابة هو التالي : ما هو مصير الشيعة اللبنانيين في ظل الإفلاس المزدوج للدولة اللبنانية من جهة ولإيران راعية حزب الله ومرضعته من جهة ثانية؟!



بناء على ما تقدم هل تظن أن العقوبات قد أثّرت حقاً على حزب الله؟



قبل الجواب المباشر على هذا السؤال يبدو لي أنه من المفيد أن نتفق على الغاية التي ترمي إليها أي عقوبات يفرضها بلد على بلد آخر.

هدف العقوبات تعريفًا هو دفع خصم ما إلى تغيير سلوكه. لا تخرج الولايات المتحدة في ضغوطها على إيران عن هذا الهدف ومن ثم ما يدهش البعض منا أحيانا من «تناقض» التصريحات الأميركية أحياناً حيال إيران فنراها حيناً متشددة وحيناً آخر مهاودة حد الدعوة إلى التفاهم والحوار.


تحت هذا العنوان من الطبيعي أن يرتد أثر العقوبات أول ارتداده على الشعب الايراني وعلى حلفاء إيران في المنطقة وفي الطليعة منهم حزب الله.

هو كذلك ولكن هذا التقييم يحتاج إلى مزيد تدقيق فإذ نشهد في لبنان مثلا عسر نفقاتٍ من طرف حزب الله حيال بعض الخدمات وعلى مستوى بعض المؤسسات الإعلامية والإجتماعية لا نرى الأمر نفسه فيما يتعلق بالإنفاق الأمني والعسكري بل نرى أحياناً مزيد استثمار في هذه القطاعات.


ببساطة، إيران اليوم تعتبر نفسها في حالة حرب وتتصرف اقتصاديًا على هذا الأساس وحلفاء إيران يجارونها ويحذون حذوها. هو كذلك على أن الخصاصة المالية ليست، لربما أهم ما في الأمر. أكثر وقعاً من الخصاصة المالية هو ما تثبته العقوبات الأميركية على حزب الله، من أن هذا التنظيم الذي يتفاخر بعدد صواريخه وبشراسة مقاتليه وبما في سجله الحربي من انتصارات، يبدو اليوم أكثر من أي وقت مضى عاجزًا عن حماية أي حساب مصرفي أو أي عملية تحويل بالدولار الأميركي يشتبه بأنها تصب لمصلحته.

خلاصة الأمر أن للعقوبات أثرًا لا شك فيه على صورة حزب الله ومقدراته. أما كيف يمكن لهذا الأثر الذي لا شك في أن يتحول إلى جملة سياسية جهيرةٍ في اعتراضها على حزب الله وعلى ارتهانه لإيران وتعريضه مصالح اللبنانيين عموماً واللبنانيين الشيعة على وجه الخصوص للخطر فهذه مسالة أخرى.


ألا تعتقدون بأن الشيعة الفرس يستخدمون الشيعة العرب في الصفوف الأمامية والأول يبقى كمستشار وممول ويتم زج الثاني "الشيعي العربي" في القتال؟ ومتى يدرك الشيعة العرب ما يُفعل بهم؟


• لا أشبه بسياسة إيران حيال الشيعة العرب وسواهم من شيعة هذه المنطقة، (فلا ننسى مثلا الأكراد الفيلية)، ــ لا أشبه بسياسة إيران من سياسة هتلر ونظامه النازي حيال من زكّى لديهم فكرة الاصطفاء الآري من الأوروبيين فاستعبدهم سياسيًا وزج بهم في مغامراته التوسعية برتبة عملاء له ضد أبناء جلدتهم.

ليس من ينكر أن الشيعةَ العرب عانوا من التهميش السياسي والاقتصادي في عدد من بلدان المنطقة، وليس من ينكر أن عددًا من مطالبات الشيعة محقةٌ، ولكن هذا الاجحاف وهذه المطالبة لا يمكن أن يبررا بأي شكل من الأشكال ما تورط فيه بعض وجوه الشيعة، وما ورطوا فيه أهلهم، من ارتهانٍ لإيران ولسياساتها خدمةً لمشاريعها التوسعية.

نعم لقد انتهزت إيران شعور الغبن الذي عانى منه بعض الشيعة لتتسلل على متنه، وتحوله إلى شعورٍ بالتفوق المذهبي، وللأسف الشديد فلقد أفلحت في مسعاها وبات هذا المزيج من الغبن/المظلومية ومن التفوق المذهبي ركيزةً لمنظومة كاملة تبرر التبعية لطهران.

وأما وقد تحول الشيعة في معظم دول المنطقة إلى طوابير خامسة في خدمة ولاية الفقيه وفي خدمة التوسع الفارسي فلا سبيل بعدُ للتصدي لما فتكته طهران بشيعة الشرق الأوسط إلا بالسعي الحثيث إلى ترميم فكرة الدولة الجامعة العادلة بين مواطنيها ومواطناتها.


ما رأيكم بالخطابات الأخيرة التي ألقاها حسن نصر الله ولاسيما بالخطاب الذي تلا واقعة الطائرتين المسيّرتين في ضاحية بيروت الجنوبية؟



• لا أظنني أبالغ إذا قلت بأن حسن نصر الله في كل ما ينسب إليه من قول إنما يتحدث بلسان المصالح الإيرانية العليا وتوجهات السياسة الإيرانية مهما موه أحياناً كلامه ومهما نسب كلامه إلى المصالح اللبنانية، فهو في نهاية المطاف كما وصف نفسه بنفسه «جنديٌ رهن إشارة الولي الفقيه».


بهذا المعنى ما يستفاد مما يقوله أو لا يقوله حسن نصر الله إلا باعتبار ما يمثله لبنان من وجهة النظر الإيرانية. لبنان كما صرّح بذلك أكثر من مسؤول إيراني هو شرفة طهران على المتوسط وهو أحد حدودها مع إسرائيل واحد أدواتها لذر الاضطراب، عند الحاجة، على المستوى الإقليمي.


بناء عليه فعندما يخفض حسن نصر الله من حدة خطابه إنما يخفض بالنيابة عن إيران والعكس صحيح. أضف إلى ما تقدم أن الاستثمار الإيراني في حزب الله وفي لبنان لا يكاد يوازيه استثمار إيراني آخر في هذه المنطقة ولواقع الحال هذا مفعول مزدوج وقد يبدو أحيانًا متناقضاً فحجم الاستثمار الإيراني في حزب الله وفي لبنان هو أحد الأسباب التي تدعو إيران إلى عدم تعريض لبنان للخطر ولكن حجم الاستثمار الإيراني في حزب الله وفي لبنان هو في المقابل ما يجعل منه الهدف الأول والأكثر أهمية في بنك أهداف أعداء إيران وعلى رأسهم إسرائيل.


استقرار لبنان هو ببساطة رهن هذه المعادلة وهذا الالتباس. إذا أضفنا إلى هذا جميعاً أن لبنان اليوم يأوي ما يزيد على مليون لاجئ سوري ويأوي مئات ألوف اللاجئين الفلسطينيين اتضح لنا سبب الحرص الذي يبديه المجتمع الدولي للحفاظ على حد أدنى من الاستقرار الداخلي في لبنان وللحفاظ على هدوء الحدود اللبنانية الإسرائيلية.


حتى إشعار آخر لا أرى أن من مصلحة أي طرف بما في ذلك إيران وإسرائيل أن يتحول تبادل الرسائل إلى مواجهة مفتوحة. ولكن لا يظنن أحد أن ثمن هذا الاستقرار على لبنان واللبنانيين، وفي الطليعة منهم الشيعة، أقل من ثمن المواجهة المفتوحة .


رحم الله أبا فراس الحمداني...

«وقالَ أصيحابي: الفرارُ أوالردى؟

فقُلتُ: هُمَا أمرَانِ، أحلاهُما مُرّ... 


سؤال وجواب: مع الكاتب و المحلل السياسي اللبناني لقمان سليم سؤال وجواب: مع الكاتب و المحلل السياسي اللبناني لقمان سليم سؤال وجواب: مع الكاتب و المحلل السياسي اللبناني لقمان سليم سؤال وجواب: مع الكاتب و المحلل السياسي اللبناني لقمان سليم

العلامات

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!