الوضع المظلم
الخميس ٠٢ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • "زجاجة الوطن" تفضح فبركات النظام السوري ومؤسسات إعلامية كبيرة

"زجاجة الوطن" تفضح فبركات النظام السوري ومؤسسات إعلامية كبيرة

إعداد وتحرير: مرهف دويدري


 



تداولت صفحات عديدة لموالين لنظام الأسد ومسؤولين في حكومة النظام السوري، حول (سر الزجاجة) التي ظهرت خلف بشار الأسد في كلمته بعد السيطرة الكاملة على مدينة حلب، حيث خرج على الإعلام ليعلن أن (نصر حلب قد اكتمل). ولكن في الوقت الذي كانت فيه قنوات موالية ومواقع الكترونية تعمل على تلميع النظام، وشكر الأسد لروسيا وإيران على تحقيق النصر، عمل الإعلام المعارض على عرض التناقض في الخطاب، وكان الإعلام الموالي يستعدّ لتلقي ضربة كبيرة تثبت افتقاره للمصداقية وتؤكّد مرّة جديدة أن القائمين على وسائل الإعلام الموالية ما هم إلا ببغاوات تعيد ترديد التعليمات التي تتلقاها دون محاولة تدبّر هذه التعليمات ومحاكمتها.



حيث نشر موقع (المنصة) مقالاً يتحدث فيه عن (سر الزجاجة التي خلف الأسد)، في إطار ساخرٍ، لتهميش ما قاله رئيس النظام السوري الذي كان يقرأ على ما يبدو الكلام من شاشة أمامه، وفق نصّ مكتوب أملي عليه من قبل (حميميم)، السلطة التنفيذية الحقيقية في سوريا!


 



وفي (السر) الذي تناقله مؤيّدو النظام السوري، حول حكمة (القائد الخالد) وشجاعة (القائد بشار)، أن القصة تعود إلى أيام حرب تشرين، حيث تسلّل جنديان إلى شواطئ بحيرة طبرية، أحدهما ملأ (مطرته) من ماء البحيرة، والآخر ملأ حقيبته من رمل الشاطئ ونقلوها لصانع (التحرير)، فبكى الأسد الأب ووعد بإعادة الماء إلى البحيرة في إشارة إلى تحرير الجولان ... فصنع حافظ الأسد من رمل شاطئ البحيرة زجاجة لا مثيل لها، ووضع ماء البحيرة بداخلها، وقد قام حافظ الأسد بعرضها على بيل كلينتون متوعداً بتحرير الجولان.



 


وضع بشار الأسد هذه الزجاجة خلفه في رسالة لإسرائيل والولايات المتحدة، أنه بعد القضاء على المؤامرة الكونية والإرهاب، سيأتي وقت تحرير الجولان، ولم ينس ذلك. ما تسبب بصدمة كبيرة في أوساط الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية.


 



هذا ملخص للقصة الافتراضية التي كتبها الصحفي السوري (محمد السلوم) على موقع المنصة، (وهو موقع ساخر للسخرية) من كلمة الأسد في السيطرة على حلب، ومفاهيم السيادة الوطنية والتمييز بين الوطنيين والعملاء، وكيف أن معركة (الشعب السوري) على الإرهاب مستمرة؛ هذا (الشعب ) الذي انتصر بفضل المقاتلات الروسية والمليشيات الإيرانية وقوات حزب الله اللبناني ولواء القدس الفلسطيني والحرس الثوري الإيراني.


 



ما يثير السخرية حقاً أن هذه المقالة أثببت للمرة الألف حجم الاستغباء الذي يمارسه نظام الأسد على مواليه، خاصة وأن تقديس (الرئيس) والعائلة الحاكمة هو أساس الحكم في سوريا على مبدأ (الأسد أو نحرق البلد)، أو ما كان يروّج في منتصف التسعينيات بعد موت الابن البكر لحافظ الأسد (باسل) بمقولة تشبيحية خطيرة (قائدنا إلى الأبد أي واحد من بيت الأسد) في دلالة على توريث بشار آنذاك.


 



نشر محمد السلوم (صاحب المقالة الساخرة) على صفحته على فيسبوك: (أنا العبد الفقير لرحمة الله تعالى، أقر وأعترف أنني من كتب الهراء الذي يتداوله الإخوة البهائم أدناه.. وهو منشور على موقع المنصة)، ووضع صوراً لصفحات ومواقع موالية لنظام الأسد نقلت هذه المقالة على أنها حقيقة ومن إعجازات (القائد الخالد)، ومن هذه المواقع الإخبارية موقع (روسيا اليوم) التابع لشبكة روسيا اليوم التلفزيونية الإخبارية. حيث أنّه من المعروف ان هذا الموقع يروّج لروايات النظام عن مكافحة الإرهاب والانتصارات المدوية على المؤامرة الكونية، لكنّ محرر الموضوع على موقع روسيا اليوم عدّل مادته الصحفية بعد أن علم أنها مقالة ساخرة، وكتب في نهاية المقال ( يقول كثيرون إنه تم تأليف هذه القصة من باب السخرية، لكن الآن يتم تداولها على أنها قصة حقيقية) للهروب من الفخ الذي وقعوا فيه.


 



 


وفي تصريح خاص لـ ليفانت قال الصحفي السوري محمد السلوم "المادة التي لقيت رواجاً مستغرباً كانت قد نشرت في موقع المنصة، الذي أعمل عليه بشكل مستقل وفردي، وتقع في قسم (الحقيقة وراء الاخبار). هذا القسم هدفه محاكاة عقلية النظام في أنه هناك مؤامرة، ولديه دائماً أسرار وخفايا وحكايا غامضة. و تستخدم فيه لغة النظام الإعلامية من خلال مصطلحاته البعثية المليئة بتقديس القائد والأب المؤسس والمنعطف التاريخي واللحظة المفصلية".


 



ويتابع السلوم: "لم يكن الهدف هو خداع الناس وإنما السخرية من النظام من خلال اعتماد سردياته بشكل مبالغ به جداً، والقصة الحقيقية التي نشرت في المنصة أن النظام حكم بالإعدام على الجنديين، ولكن تدخل (القائد الخالد) وخفف الحكم للمؤبد، وكلّنا يعرف كيف يتعامل النظام مع أي شخص يقترب من إسرائيل، ولكن المواقع الموالية شطبت هذا الجزء وروّجت للحكاية التي تتفق مع النظام".


 



وبضيف: "الحقيقة أنا متفاجئ من هذا الحجم الهائل من تناقل هذه القصة وتصديقها، ومستغرب أن هناك من يصدّق هكذا روايات، وهذه المرة الثانية التي يتناقل فيها موالو النظام هكذا روايات. المرة الأولى كانت مادة بعنوان (هل استخدم بشار الأسد سلاحه التكتوني في زلزال تركيا) وعلى الرغم من انها لاقت انتشاراً إلا أنها مقارنة بالأخيرة فهي تكاد لا تذكر، أنا متفاجئ جداً بهذا الانتشار ومتفاجئ بهذا الوعي المسطحي للسوريين الموالين"



 



وفضح هذا الفخ (غير المقصود) الذي وقع فيه عدد كبير من موالي النظام؛ فضح المسؤولين الحكوميين، وعلى سبيل المثال نقل مرشد ملوك  مدير المكتب الإعلامي رئاسة مجلس الوزراء في حكومة النظام السوري هذه القصة الافتراضية على انها من حكمة (الأسدين) الأب والابن، وهو ما يكشف مستوى الحضيض الذي وصله مسؤولو النظام السوري إليه.




وتعليقاً على هذا النقل الأعمى لمواد تقدّس الديكتاتور، يقول الصحفي السوري صخر إدريس: (أن تتورط مؤسسة إعلامية ميزانيتها عشرات الملايين مثل #روسيا_اليوم بنشر خبر ساخر كتبه المعتر محمد السلوم عن الزجاجة خلف بشار الأسد فهذا لعمري يثبت نظرية الابداع لأهالي كفرنبل من جهة، ويؤكّد على سخف وسطحية إعلام البربوغاندا الأسدي الوضيع.

للعلم ان بقالية روسيا اليوم تورطت عشرات المرات في مثل هذه الأخبار وعلى رأسها المجسمات.

شكرا محمد، وشكرا #روسيا اليوم لأنك دكانة)


 



من جانبه نشر الصحفي كرم قرنفل على صفحته في فيسبوك تعليقاً على خبر نشر روسيا اليوم للمقالة الساخرة (إعلام بليرة)، مؤكداً أنه تم تعديل المادة الصحفية بعد أن علم المحرر أنها تسخر من بشار الأسد!


 


ليست المرّة الأولى التي تنشر فيها وسائل إعلام النظام روايات وهرطقات على أنهّا حقائق وتصدّرها لجمهورها من المرتزقة والشبيحة الذين يسبّحون بحمد هذا النظام ليتبنّوها دون التحقّق من مصدرها، فمنذ البدايات خرجت قناة الدنيا الموالية على الجمهور بفبركات كثيرة من قبيل أن المظاهرات التي تحدث في سوريا لا وجود لها، وأن الدلالات الجغرافية كساعة حمص وغيرها ماهي إلا مجسمات تمّ تصنيعها في قطر أو أن أهالي حي الميدان الدمشقي خرجوا ليشكروا الله على نعمة المطر، وأن ما قاموا به لم يكن من قبيل التظاهر (لا قدّر الله!)، حتى أنهم اتهموا أحدا الأشخاص ممن كان يقدّم الماء للمتظاهرين في ساحة السوق بإدلب أنّه كان يقدّم للناس مشروباً (مهيجاً) للمتظاهرين.


 



هذه المرّة انقلب السحر على الساحر، وكانت البروباغاندا المضادة التي أطلقها السلوم رداً قوياً على هذا الإعلام المزعوم، ودليل جديد على أنّ وسائل الإعلام التي تعيش في كنف الأنظمة لا يمكن لها أن تكون مصدراً خبرياً في حال من الأحوال..


 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!