الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
رُهاب البنوك بين السياسة والممارسة
باسل كويفي

الودائع هي الأموال التي وُضعت في البنوك أو المؤسسات المصرفية لحفظها. ويحق لصاحب الحساب ( سواء حكومات أم شركات أم شخصيات اعتبارية) سحب الأموال المودعة على النحو المبين في الأحكام والشروط التي تحكم اتفاقية الحساب، بالتالي الودائع نفسها هي التزام قانوني مستحق من البنك للمودع،



إن القوانين موضوعة لحماية النظام المالي في بلدان العالم والشركات والمؤسسات التجارية والمجتمع من الاستغلال بكافة أشكاله ومنها الإجرامي ،وإن عدم الامتثال الجاد والمنهجي يجعل من النظام المالي والمصرفي مفتوحاً ليتم استغلاله من قبل الفاسدين وتسييس الملفات وتغيير الحقائق.



ذريعة الظروف الاستثنائية والقوة القاهرة لا تبرّر الإجراءات القاسية التي تمارسها البنوك بحق زبائنها، كما لا تعفيها من مخالفتها للقوانين, في هذا السياق تأتي العقوبات الاقتصادية والمالية التي تمارسها أمريكا والاتحاد الاوروبي (عبر وزارات الخزانة والمالية والبنوك لديها) بحق الدول التي لا تنفذ سياساتها، خارج إطار القانون وتزيدها بحصار اقتصادي يستهدف الشعوب وقدراتها ومواطنيها.

 

النزاعات مكوّن من مكونات حياتنا، نتعرض له في كثير من الأحيانورغم أن المنازعات قد تحمل في طياتها خطر هدم العلاقات فإن حُسن إدارتها يتيح حل المشكلات وفي ذات الوقت تحسين العلاقات"


 


دور البنوك المركزية هو رئيسي في صياغة وتنفيذ السياسة النقدية للدولة بعدة آليات منها تنظيم الائتمان والإقراض والتقاص والرقابة على عمل البنوك العامة والخاصة وحل النزاعات بين البنوك والعملاء، تطبيقاً للسياسات العامة -الاقتصادية والمالية والتنموية والاجتماعية والقانونية في إطار الحفاظ على الحقوق العامة والخاصة للأفراد والمؤسسات والشركات، إضافة إلى تفعيل القوانين واللوائح التنفيذية والتعليمات وتحديد الفوائد والغرامات بما يتناسب مع الواقع المحلي وبالاستناد إلى المؤشرات العالمية بما يحقق التنافسية والعدالة وتوفير حوامل حقيقية للاستثمار والنمو واستدامة الاستقرار النقدي وتحديد أسعار الصرف وطرح السيولة والسندات والأوراق المالية اللازمة لرفد ميزانية الدولة وتمويل المشاريع على مختلف تصنيفاتها.


 




كما يُلزم البنوك بالتقيد بتطبيق كافة القوانين والتشريعات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب، من خلال الإشراف والتواصل بما يختص بمخاطر عدم الالتزام، وتقديم المشورة والاقتراحات وفي ذات الوقت العمل على تعزيز الضوابط الرقابية المانعة لحدوث مخالفات نظامية.



 


محاكم البداية والاستئناف المصرفية السورية قامت في السنوات الأخيرة برد ورفض العديد من مذكرات الدفاع للمتعاملين في القضايا مع البنوك، آخذة بعين الاعتبار وكدلائل ثابتة كشوفات حسابات (قرائن وليست دليل) صادرة عن البنوك ومعتمدة عليها في إصدار أحكامها بالرغم من أن تلك الكشوفات يعتريها العديد من المخالفات ويحدد فيها البنك مصلحته من خلال نقل وفتح حسابات فرعية ورفع الغرامات والفوائد بحيث تحقق ادعاءات البنك، التي في معظمها تعسفية في حقوق العملاء ومعطوفة على عقود إذعان بين المدينين والبنوك دون النظر إلى الظروف الاستثنائية والطارئة، في ما يتعدى الحدود المعروفة والأسس القانونية وتأتي إجرائاتها في منحى مخالف للقانون في معظم الحالات ( إدراج منع خروج ومغادرة، حجوزات تنفيذية تتعدى قيمة القرض وفوائده التي حددتها اجتهادات بالقانون المدني بحيث لاتتجاوز قيمة القرض بالغاً ما بلغت...).


 



وتصدر أحكامها بصيغة التأييد لمطالب البنوك تناقضاً مع مبادىء المحاكمة العادلة والمساواة أمام القانون، بما يزيد من قلق وتخوف المستثمرين بدلاً من تحفيزهم.

 


يتزايد إدراك البلدان النامية للوساطة (حل المنازعات) بوصفها بديلاً للعملية القضائية الرسمية، إذ أنها تتسم بالفعالية والخصوصية والمرونة وتبعد عن إنشاء خصومات في إطار حل المنازعات التعاقدية التي تكون بطيئة وشاقة في كثير من البلدان.




وااستخدمت الوساطة على نطاق واسع في معظم البلدان المتقدمة لأكثر من 40 عاماً كوسيلة بديلة لتسوية المنازعات، ويشير تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2017   الصادر عن البنك الدولي إلى أن 174 بلداً يدرك أن الوساطة الطوعية أو التوفيق هي وسيلة صالحة لتسوية المنازعات التعاقدية، وذلك بالإضافة إلى المحاكم الرسمية. وتتيح الوساطة العديد من الفوائد، مثل خفض التكاليف القانونية، ومنع التقاضي تماماً أو في المستقبل، والمرونة في إيجاد حل للنزاع على أساس المصلحة المتبادلة للأطراف، وليس فقط على الحقوق القانونية.


 




تعتمد معظم البلدان النامية حالياً الوساطة لحل طائفة واسعة من القضايا، بدءً بالمنازعات التعاقدية البسيطة بين الشركات والبنوك، إلى النزاعات بين المؤسسات المالية والمستهلكين، والمفاوضات المعقدة المتعددة الأطراف بين الدائنين والشركات المدينة في سياق الاقتراب من الإعسار والتعثر وقد تسمح الأساليب غير الرسمية، مثل الوساطة الطوعية، بالتمكين من إجراء عملية غير رسمية أكثر فعالية في عمليات إعادة هيكلة الشركات واستمرار عملها بعيداً عن الإفلاس بما يرفع من وتيرة تدوير الإنتاج الوطني وخصوصاً في البلدان التي شهدت أو تشهد الظروف الطارئة أو القاهرة ،"فالظرف الطارئ كالحرب والزلزال والإضراب المفاجئ وفرض سعر رسمي أو ارتفاع أو نزول فاحش بالأسعار فهذه كلها توصف بالظروف الطارئة".


 



ويتطلب ذلك من الحكومات والسلطات القضائية إعداد القوانين واللوائح ذات الصلة للعمل على دمج الوساطة التجارية لحل المنازعات في نظامها القانوني وفق المنهج الاقتصادي - الاجتماعي - التنموي - المالي - الاستثماري ولكل الحالات التي أصابها الضرر بما يضمن جبر الضرر، لوضع سياسة فعّالة للوساطة تعالج احتياجات البلد المعني وتحولها إلى قانون للوساطة.

 

‏تشير الاستطلاعات إلى أن ما يزيد عن 65% من مواطني الدول النامية ⁧‫يعتقدون أن مؤشر الفساد في ازدياد في بلدانهم وأن حكوماتهم لا تتخذ الإجراءات المناسبة لكبح هذه الظاهرة وأن عليها تكثيف جهودها الرامية لمحاربة مظاهر ⁧‫الفساد‬⁩.

 

‏بالرغم من توفر المنطق والعلم والقوانين وتعدد التجارب، فإننا للأسف لم نستطع تجاوز تلك الأخطاء في حقوق أنفسنا والآخرين وتأصيل الانصاف في ثقافتنا كأداة لإصدار الأحكام بعيداً عن موقفنا من أصحابها لا من جوهر تلك القضايا، مستمرون بالأمل والعمل في وطن يتسع للجميع فلنحافظ عليه ونتشبث به لتعزيز الثقة والأمن الاجتماعي وبناء السلام والاستقرار .

سورية للجميع ... وفوق الجميع .

 


 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!