-
روسيا والاختبار الإسرائيلي في سوريا.. إخراج إيران أو القصف
كان النظام السوري واضحاً، حتى ما قبل اندلاع المظاهرات المنادية بإسقاطه في آذار العام 2011، باختياره نظام ولاية الفقيه في إيران، كمظلة حماية إقليمية، من خلال الترويج لأسطوانة المقاومة المزعومة لـ"الاحتلال الإسرائيلي".
لكن السوريين الذين كانوا آنذاك، مغيبين بواسطة الإعلام الرسمي، باتوا ينظرون عقب انتفاضتهم، إلى إيران، كاحتلال جديد جاثم على صدورهم، بفرق أنّ إسرائيل تحتلّ الجولان وبشكل جلّي، فيما تحتلّ إيران سوريا عامة، ويستولي مسلحوها وميلشياتها على غالبية الخيرات السورية، في المناطق الخاضعة للنظام السوري.
إسرائيل تتصيّد إيران في سوريا
ولأنّ الحال ذلك، ولعجز السوريين كشعب عن إخراج إيران، ورغبة السلطة في بقاء طهران وميلشياتها، كونها أدوات حماية للسلطة الحاكمة وكرسي بشار الأسد، اتخذت إسرائيل قرارها وأخذت الأمر على عاتقها، من خلال الإعلان المتكرر عن عدم سمحاها لإيران بالتمدد في سوريا، كون ذلك يتعارض بشكل مباشر مع مصالح إسرائيل الأمنية.
اقرأ أيضاً: نصف قرن.. بين النساء في شرق سوريا وغربها
فلجأت تل أبيب إلى تصيّد مليشيات إيران في أصقاع الأراضي السورية، ومنها استهداف مستودعات أسلحة للحرس الثوري الإيراني بمعامل الدفاع في منطقة السفيرة بحلب، بتاريخ العشرين من يوليو الماضي.
لتتدخل روسيا وتلوح بإمكانية إغلاق الأجواء السورية أمام الطائرات الإسرائيلية، عندما أصدرت وزارة الدفاع الروسية بيانين منفصلين خلال تلك الفترة، كما أكدت وزارة الدفاع الروسية، في السابع والعشرين من يوليو، أنّ قوات الدفاع الجوي السورية، تصدّت لضربة نفذّتها مقاتلتان إسرائيليتان ضد منطقة السيدة زينب، جنوب دمشق، المعروفة بأنهّا معقل إيران وميليشياتها في سوريا، والتي كانت ثالث عملية من قبل القوات الإسرائيلية، خلال ذلك الأسبوع.
واستمرّت تل أبيب باستهداف مليشيات إيران في سوريا، فقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، في السابع عشر من أغسطس الماضي، إنّ انفجارات دوت في ريف القنيطرة الشمالي، كانت ناجمة عن قصف إسرائيلي على مواقع عسكرية قرب بلدة حضر، التي تتواجد فيها ميليشيات تابعة لإيران، فيما أقرّت قناة "الإخبارية السورية" التابعة للنظام السوري، بالضربات، وقالت إنّ الانفجارات التي سمعت في محافظة القنيطرة ناتجة عن "عدوان إسرائيلي".
اقرأ أيضاً: بين محاولات خائبة وأخرى ناجحة.. أفريقيا قارة للانقلابات العسكرية
وفي التاسع عشر من أغسطس، قالت وكالة أنباء النظام السوري الرسمية "سانا"، إن الدفاعات الجوية تصدّت لأهداف "معادية" في سماء العاصمة السورية دمشق، حيث سمع فيها أصوات انفجارات، وأشارت المعلومات وقتها، إلى أنّ قصفاً إسرائيلياً صاروخياً طال سوريا عبر لبنان، بينما ذكرت قناة الإخبارية السورية، التابعة للنظام أيضاً، أن أصوات انفجارات دوت في سماء دمشق ومحيطها، وتحدّثت عن إطلاق صواريخ من بوارج بحرية إسرائيلية باتجاه العاصمة السورية.
وبداية سبتمبر الجاري، وتحديداً في الثاني منه، ذكرت وسائل إعلام سورية، أنّ الدفاعات الجوية السورية تصدّت لصواريخ معادية في سماء دمشق، وقال مصدر عسكري سوري إنّ "العدو الاسرائيلي قد نفّذ عدواناً جوياً من اتجاه جنوب شرق بيروت، مستهدفاً بعض النقاط في محيط مدينة دمشق".
الاختبار الإسرائيلي لروسيا
وبالتوازي مع استمرار مسلسل القصف الإسرائيلي على المواقع الإيرانية في سوريا، توجهت إسرائيل إلى سبيل آخر قد يكفل إخراج إيران، ألا وهي روسيا، إذ أكد وزير خارجية إسرائيل، يائير لابيد سيجري، في الخامس من سبتمبر، أنه سيتوجه إلى موسكو لإجراء محادثات مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، فيما نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن مصدر سياسي، قوله إن الزيارة تهدف إلى مناقشة المسائل الاستراتيجية والأمنية والسياسية، وذلك في ظل تقارير عن إبداء روسيا معارضتها لجولة الغارات السابقة، التي شنّتها إسرائيل على سوريا.
اقرأ أيضاً: طالبان تدنو من قلب موسكو.. ونيل الاعتراف منها
وبالفعل، أعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في التاسع من سبتمبر، تمسك موسكو بضمان أمن إسرائيل، محذّراً من تحويل أراضي سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات بين دول أخرى، قائلاً خلال مؤتمر صحفي مشترك، عقده في موسكو مع نظيره الإسرائيلي، يائير لابيد: "أما بخصوص الغارات الإسرائيلية على سوريا، فنحن نعارض تحويل سوريا إلى حلبة صراع بين دول أخرى، وفي هذا الصدد لا نريد أن تستخدم الأراضي السورية لمهاجمة إسرائيل أو أي بلد آخر".
وأشار وزير الخارجية الروسي، إلى أنّ الوضع في سوريا ما يزال معقداً ولا يقلّ تعقيداً حالياً، معللاً ذلك بكثرة اللاعبين الخارجيين الذين لديهم مصالح خاصة بهم في التسوية السورية، مؤكداً أنه ناقش مع لابيد التواجد الإيراني في سوريا.
بيضة القبان الروسيّة
وبما أنّ الزيارة الإسرائيلية قد جاءت بعد سلسلة استهدافات لإيران، يبدو أنّها قد حملت معها العديد من الرسائل، من ضمنها التويلح لإيران بضرورة الخروج بكرامة من سوريا، تحت طائلة العقوبة بتكرار مسلسل القصف الأسبوعي، بجانب وضع روسيا أمام استحقاقات المرحلة، والتي يبدو أنّ تل أبيب ترى فيها ضرورة تقليل اللاعبين على الساحة السورية، خاصة أولئك الذين يستهدفون أمنها.
اقرأ أيضاً: الجيش التركي خارج الحدود.. الخسائر متكررة والعبرة في سوريا
وبالتالي، يبدو أنّ الطرف الروسي أضحى بيضة القبان على الأرض السورية، أو أقله في مناطق سيطرة النظام، حيث بات ملقى على عاتقه إخراج طهران وميلشياتها، لضمان سماح إسرائيل له بالعمل على تعويم النظام السوري، وهو ما يضع موسكو أمام اختبار صعب، خاصة مع تغلل طهران في كل المناطق السورية تقريباً.
فيما يبقى السؤال مشروعاً، حول القوى الإقليمية الأخرى التي تستولي على مساحات ظاهرة من الأرض السورية، رافعةً علمها عليه، والمقصود هنا تركيا تحديداً، إذ لا يمكن لأي حلّ أن يقوم في سوريا، بوجود هذين العاملين المزعزعين وهما (الإيراني-التركي)، الذين سفكا دماء السوريين، تحت الذريعة ذاتها، وهي المناصرة المزعومة لـ"الشعب السوري".
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!