الوضع المظلم
الجمعة ٠٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • رقية فريد: القصة القصيرة فن ليس بالسهل وهي مثل لعبة الشطرنج يجب أن تضع كل كلمة في موضعها الصحيح وإلا ستفشل اللعبة

رقية فريد: القصة القصيرة فن ليس بالسهل وهي مثل لعبة الشطرنج يجب أن تضع كل كلمة في موضعها الصحيح وإلا ستفشل اللعبة
بسام الطعان

بدأت مشوارها في عالم الأدب والإبداع بوقت متأخر، وفي وقت قصير استطاعت أن تنساب مثل حكاية لم تخطر على بال وتنتقل بخفة فراشة من إبداع الى إبداع، حيث رسمت في أول مشوارها الأدبي رواية على بياض الورق، وبعد أن أمتعت القارئ بها، اتجهت إلى القصة القصيرة والخاطرة وأنتجت الكثير، ولم تنسَ الصغار، حيث ما زالت تمدهم بحكايات قصصها التي تأتي بها من عالم ديزني، ورقية ما زالت تشكل الأحلام أشرعة من ورق، ووعدتنا أن تظل تكتب رواية، قصة، خاطرة، وربما قصيدة.

ـ تمارسين كتابة الرواية والقصة القصيرة والخاطرة وقصص الأطفال، وكتابة أي جنس أدبي استلهام وعقيدة، همة وتجربة، قد يؤدي مجموعها إلى الاحتراف.. من هنا سأبدأ معك. ما رسالتكِ من وراء ذلك، ألا يساهم هذا في إضعاف المبدعة التي في داخلكِ؟ وفي أي جنس أدبي تجدين نفسك أكثر؟

*رسالتي من ذلك هي تقديم الرواية بشكل أدبي راقٍ كما كانت في العصور الماضية وإني أشعر أن لي كياناً ووجوداً في الحياة. نعم يزيد الحس الإبداعي بداخلي من خلال ممارسة الكتابة أو القراءة والاطلاع، حيث أنها تلهمني بأفكار جديدة، وكل فكرة تولد منها أفكاري فتجد نفسك أمام سلسلة لا تنتهي من الإبداع الخيالي والحسي معاً. أجد نفسي أكثر في الأدب الروائي، والقصة القصيرة والخاطرة هي ما أجد بها متسع لإخراج مكنون المشاعر وهي سريعة الوصول إلى القلوب والعقول حيث أنها تظهر ما تعتقده أنت وتمثلك بعض الشيء.

ـ لا ينجح الكاتب إلا إذا كان مبدعاً، والإبداع من وجهة نظري تكامل، إذ لا نستطيع اجتزاء الأشياء، والكاتب لن يكون ناجحاً إذا لم يجمع الموهبة والثقافة والإلمام بمعظم مجالات الحياة. ما رأيك؟

*الشعر موهبة والهام من الله، وكذلك كتابة القصص أو الروايات، لكن لا بد من وجود ثقافه تطور بها تلك الموهبة، حتى يتحقق لك أفضل ما تسعى إليه من نجاح وإبداع، فيجب أن تكون ملماً بكل أنوع الفنون والتاريخ أيضاً للماضي والحاضر.

ـ أروع موهبة للكاتب هو التأليف وهو أصعب جوانب العمل الروائي والقصصي، ولكن على ماذا يتوقف نجاح الكاتب، على فلسفته ونظرته إلى الحياة، أم على أسلوبه وأدواته التي تخصه وحده، أم على موهبته؟ وأين تكمن روعة القصة القصيرة الناجحة بكل المقاييس؟

*يتوقف ذلك على فلسفة الكاتب ونظرته للحياة تظهر من خلال ما يكتبه كما أن لكل كاتب أدواته وموهبته الخاصة التي تميزه بها عن غيره. تكمن روعة القصة باكتمال أركانها الابداعية، فهي كلعبة الشطرنج يجب أن تضع كل كلمة في موضعها الصحيح لها وإلا ستفشل اللعبة.

ـ في الماضي كانت الرواية هي التي تعرض وتصف وتحكي وتمتع وتنمي القدرة اللغوية عند الناس.. الآن كيف تنظرين إلى حضورها، هل ستبقى مهما كانت قيمتها قادرة على مواجهة التحدي، وسائل التواصل الاجتماعي والموبايل الذي لم يعد يفارق أي أيد مثلا، والاحتفاظ بالقارئ المثابر على القراءة التي قد تمتد لأيام؟

*نعم ستبقى برغم كل ما ذكرته من وسائل اللهو والانشغالات، إلا أن للقصة والرواية والشعر جمهور عظيم، واعي، مدرك، ويسعى إلى الاطلاع ويميل إلى العمل الأدبي القيم الذي يظل محتفظاً باللغة وقيمتها التي كانت عليها بالماضي.

ـ روايتكِ (الحقائق المدفونة) التي صدرت مؤخراً تحكي هل قصة الرواية حقيقية أم جئت بها من الخيال؟ أم من الاثنين معاً فالنص الروائي مكان مبهم الأبعاد، تنمو جذوره في الواقع، وتتفرع أغصانه في فضاءات الخيال؟

*رواية الحقائق المدفونة هي مزيج ما بين الواقع والخيال، وحوار قائم بين الخير والشر، قدمته بطريقة درامية، رومانسية، وإثارة غامضة، والرواية عبارة عن قصص منفصلة ولكن البطلة واحدة.

ـ إلى أي مدى تفعل اللغة فعلها في إبداعكِ، أقصد ما الحيز الذي تشغله اللغة عندكِ، إلى جانب مسائل العاطفة والمشاعر والخيال والحرفة القصصية، هل تجعلين اللغة بطلا في أعمالك الأدبية؟

*اللغة هي أساس البناء المتكامل، فلا أجد أي عمل إبداعي بغيرها، فأنا لا أفضل أن أقرأ أو أكتب راوية بالعامية.

ـ هل يعتبر المكان حاجة ضرورية للروائي ـالمكان ليس بعزلة جغرافية بل روحية حتى يتأمل ويستعيد الأشخاص والأحداث ويحللها ويركبها؟

*طبعاً بكل تأكيد، فأنا أفضّل الكتابة في الوقت الذي يكون فيها تجلي للروح، وهذا لا يتوفر في كل المكان أو كل الأوقات.

ـ بعض الكتاب في مصر الشقيقة يكتبون باللهجة العامية المصرية، أو تجنح كتاباتهم إلى استخدام لغة مبسطة إلى حد التقاطع مع العامية.. هل هذا لأنهم لا يتقنون العربية الفصيحة جيداً، أم يريدون الكتابة للشارع بلغة الشارع وهذا اتجاه وليس ضعفا؟

*جمهور الكتاب متنوع في فنون الكتابة، سواء باللغة العربية الفصحى أو اللهجة العامية أيضاً، لكل نوع من أنوع الكتابة جمهورها الخاص بها، فربما بعض الجمهور لا تصله المتعة أو المعلومة إلا بهذه اللهجة العامية.

ـ القصة القصيرة فن ليس بالسهل، وتحتاج إلى مهارات فنية عالية وموهبة استثنائية، وهي ومضة قريبة جداً من الرواية وبعيدة كل البعد عنها في نفس الوقت، ولا يمكن أن تكون القصة تدريب على الرواية، وإن كانت تخدم كاتب الرواية ومع ذلك نجد من يدعي أن القصة القصيرة تعتبر تدريبا يسبق الرواية؟

*ما يجعل القصة القصيرة أصعب، هو أنها يجب أن تكون كاملة الأركان في سطور محدودة، وهنا دور الكاتب الماهر الذي تدرب بالفعل على كتابة الرواية وطريقة سردها وكيف يختصرها كما يفعل مع ملخص روايته. وكان رأي "إيزابيل الليندي" أن القصة القصيرة تحتاج إلي يد ثابتة وتصويب جيد، وإلا فإن إصابة الهدف قد تضيع."

- يلاحظ أن القصة المكتوبة بلغة شعرية عالية لها جمهور لا يستهان به عكس القصة المكتوبة بلغة السرد البسيطة، فهل تكتبين باللغة الشعرية أم باللغة البسيطة؟

*أكتب بطريقة السرد البسيطة وأحيانا أدخل عليها بعضاً من اللغة الشعرية.

ـ في السابق عندما كان الكاتب يصدر كتاباً، كان يخلق ضجّة ويثير العديد من الأسئلة، واليوم نرى أن بعض الكتّاب يصدرون عشرات الكتب ولا أحد يسمع بهم أو بكتبهم. ما السبب برأيك؟

*ربما السبب الانفتاح الذي لم يكن في السابق فكثر عدد الكتاب وذلك ادى الى تزاحم بين كتاب العالم.

ـ ما شكل العلاقة بينك كأديبة وبين النقاد، وهل النقد الأدبي في مصر نقد حقيقي أم أنه أشبه بكذاب الزفة؟ وماذا عن الناقد الرسمي الذي تستصدر الدوائر والمؤسسات الرسمية قراراً بتسميته قارئاً وناقداً، ألا تحكمه نفس القوانين التي تحكم رئيس المجلس، ومأمور القسم، والعمدة، والغفير؟

*أرى أن النقد له دور هام في تطوير الكتابة، وهو يساهم بالإيجابية في تيسير فهم النص، والتنبيه على الحسن منه والسيء، والناقد الأدبي أو من يُطلق عليه بالإنجليزية " Literary Critic" هو الشخص الذي يفهم الكتاب الذي يقرأه فهمًا عميقًا ويقوم بتحليل وقائع وأحداث الكتاب، ويقوم بمشاركتنا رأيه وتحليلاته استنادًا على مبادئ ونظريات معينة في الأدب.

ـ ما مدى استفادتك إبداعياً من البيئة المصرية الغنية والمتنوعة، كيف يتم تناولك لهذه البيئة؟

*البيئة المصرية غنية ومتنوعة كما تفضلت وذكرتها بل وأكثر من ذلك، ففي كل ذرة تراب منها قصة من قديم الأزل، في كل قطرة ماء من نيلها ألف حكاية وحكاية، من بداية الأنبياء والرسالات المساوية والفتوحات والثورات، فهي مهد لجميع للحضارات.

ـ المرأة كائن مبدع بالفطرة ولا يفصل بينها وبين الخلق الفني سوى العثور على صوتها الموؤد، أنتِ كامرأة مبدعة، هل تواجهين أية صعوبات، معوقات، تحجيم دور، تقييد حرية؟

*لا على العكس، كرم الله المرأة في القرآن الكريم، وأعطى لها حريتها كاملة وبيّن حقوقها، ومالها وما عليها في حدود الشرع، فهي لا تقل مكانة عن الرجل كما أن المرأة تشغل عدة مناصب في المجتمع بكل حرية، حيث تحتل 90 مقعداً في مجلس النواب من أصل 596، كما تتولى ايضاً منصب محافظ ونائب محافظ وتعمل في وزارات هامة كالصحة والاستثمار والثقافة والسياحة والهجرة والتضامن الاجتماعي، كما أنها تعمل في مجالات شتى فمنهن الطبيبة والمهندسة والمعلمة، وأنا لا أرى تقييد لها.

ـ الكاتبة رقية فريد سعدتُ بالحوار معك، وكلّ نبضة حرف مدهشة وهديل حمامة وأنت بخير.. وأخيراً ماذا أعطاكِ الأدب، وماذا أخذ منكِ؟

*كان حواراً ممتعاً وكل الشكر والتقدير لحضرتك، لقد أعطاني الأدب الكثير من الثقافة والخبرة وأمتعني بجمال اللغة وإعجازها اللغوي.

رقية فريد، أديبة مصرية من مدينة القاهرة، تكتب الرواية والقصة القصيرة والخاطرة وقصص الأطفال، أصدرت حتى الآن رواية واحدة، ولديها عدة روايات ومجموعات قصصية جاهزة الطباعة وتنتظر الفرصة لطباعتها، تنشر نتاجها في الصحف والدوريات المحلية والعربية.

ليفانت - بسام الطعان

 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!