الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
دعوة للعرب وكل جيران الشعب الإيراني 
عبدالسلام حرمة

لا يخامر الشك المتابع المنصف أن انتفاضة الشعب الايراني الجارية ثورة عميقة وممتدة منذ ثورة 1979 المسروقة، وهي ليست ثورة حجاب كما يحلو لوسائل إعلام عديدة تسميتها.

لقد كنت ضيفاً خلال الصيف الماضي في مدينة أشرف والتقيت بكثير من نساء ومناضلات منظمة مجاهدي خلق يضعن الحجاب بعناية فوق زيهن الثوري المحتشم الأنيق والمعبر عن حيوية ونشاط وتصميم هذه الحركة التاريخية، كما لا يمكن اعتبارها ثورة من أجل فتاة واحدة قتلت بطريقة بشعة ولا ثورة تمرد انفصالية كما يسوقها النظام العاجز عن مواجهتها، لكنها امتداد وتطور مذهل لانتفاضات الشعب الإيراني ضد نظام المعممين التوسعي الظلامي القائمة منذ عقود وتأججت في 16 سبتمبر 2022 إثر التراكم المتزايد للظلم والقمع والكبت والإكراه المُعَبر عنه في حادثة الشابة الكردية التي كانت برفقة شقيقها الصغير وما شحنته تلك الحادثة في عواطف الإيرانيين وما أعادته من صور قتل قبلها شملت النساء الحوامل والأطفال والشيوخ.. وزاد من تصاعد وتيرة الانتفاضة مستويات الفقر والبطالة والقمع والفساد والغلاء والتضخم والمساس بالأعراض من قبل دوريات شرطة الأخلاق ثم اختتم النظام فظاعاته بممارسة الإكراه بالدم، وجعل الإيرانيين يواجهون مآسيهم دفعة واحدة بشجاعة ويلخصون أهداف انتفاضتهم في مطلب واحد أيضاً هو إسقاط النظام القمعي الدموي التوسعي الظلامي.

قاسم العرب ويقاسمون الشعب الإيراني معاناته من النظامين الدكتاتوريين الحالي ونظام الشاه بما لاقوهُ من توسع وتهديد أمن وسيادة بلدانهم في الخليج والشام ودول المغرب العربي وما يسعى له نظام الملالي من القيام بدور الشرطي المستبد المستنفذ للموارد والثروات ونشر الإرهاب وزرع الفتنة الطائفية واحتلال دول عربية كاملة في إطار حملة توسعية متواصلة إلى اليوم، ذلك ما يجعل إدانة جرائم النظام الإيراني وإرهابه ومشاريعه التوسعية وتهديده لأمن الدول والشعوب في مقدمة الواجب القومي والإنساني، وإسناد الشعب الإيراني في ثورته والاعتراف بحقه المشروع بالدفاع عن نفسه بشتّى الوسائل الممكنة والانتباه إلى أن الثورة الإيرانية الحالية تختلف عن غيرها من ناحية القيادة والتنظيم والأدبيات كما اتضح جلياً من خلال الخمس والثمانين يوماً الماضية من عمر الثورة المباركة.

فالأحداث المتسارعة تحتم حصول رؤية عربية استراتيجية بالمنظور المستقبلي لما بعد الثورة الإيرانية والاعتراف بالبديل القوي ذي التاريخ النضالي المتجذر وهو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، باعتباره بديلاً وطنياً مستقلاً ومنظماً ومؤهلاً، وفق خطة السيدة مريم رجوي ذات المواد العشر التي هي بمثابة الركائز الأساسية لبرنامج دولة رصينة وشريك للعرب مأمون الشر ومستعداً للتعاون والالتزام بقيم حُسن الجوار واحترام المواثيق الدولية مع العرب وكل جيران الدولة الإيرانية من غير العرب.

ووفقاً لواقع الحال، فانتفاضة كالانتفاضة الإيرانية الجارية التي يقودها الطلبة والنساء والشباب وبهذه الشجاعة والإيثار والأدبيات والأبعاد العميقة والتضحيات، وهذا الإصرار الذي أبهر العالم لها أن تنتصر وتقر جمهورية حقيقية بالثوابت المُشار إليها آنفاً، وينظر إليها أحرار العالم ببالغ الاهتمام معلقين عليها آمالاً عظيمة للشعب الإيراني وشعوب المنطقة والعالم.

وفي الختام، هذه دعوة للعرب ولجيران إيران من غير العرب للتضامن مع الشعب الإيراني في ثورته ونهضته ومواجهته للظلم والاستبداد وتغيير واقعه المرير وواقع المنطقة كلها نحو السلام والاستقرار.

ليفانت - عبد السلام حرمة 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!