الوضع المظلم
الأربعاء ٢٤ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • دعوات للتهدئة وسط مخاوف من تحول الاحتجاجات العراقية إلى صراع مسلح

دعوات للتهدئة وسط مخاوف من تحول الاحتجاجات العراقية إلى صراع مسلح
العراق

شكّلت عملية دخول المتظاهرين الصدريين إلى مبنى مجلس النواب العراقي وإعلان بدء اعتصام مفتوح، منعطفاً جديداً من الصراع السياسي المأزوم في بلد تتقاسمه المصالح الفردية والإقليمية، على حساب الشعب العراقي. حيث مهدت الولاءات الخارجية والطائفية السياسية العمياء والسعي لنهب ثروات العراق، لازدياد الغضب الشعبي ضد العديد من رؤساء الأحزاب والكتل السياسية الذين يساهمون بنهب العراق وإفقاره وتبعيته.

وجّه زعيم التيار الصدري مناصريه لاقتحام المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد ومن ثم بدء اعتصام مفتوح من داخل البرلمان العراقي، لرمي كتلة النار في أحضان منافسيه وعلى رأسهم الإطار التنسيقي، بعد أن فشل في تشكيل "حكومة أغلبية وطنية". ويهدف الصدر حسب مراقبين، إلى إفشال مخططات الإطار التنسيقي لتشكيل حكومة، بعيدة عن تحالفات الصدر.

وفي خضم هذه التوترات المتزايدة والتي تُنذر، في حال تنعت الأطراف على المواجهة في الشارع، بانزلاق البلاد نحو صراع مسلح بينهم، يفضي إلى  تمزيق العراق. خرج رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بدعوة للحوار بين جميع الأطراف، للوصول لمخرج سياسي مناسب للجميع ودون تورط العراق في نزاع لا تُحمد عقباه.

بداية الأزمة

لم تخرج الأزمة الحالية، عن سياق المصالح الفردية لبعض الكتل والأحزاب السياسية المتناحرة في العراق. فبعد الفوز الكاسح الذي حصلت عليه الكتلة الصدرية في الانتخابات النيابية التي جرت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، بدأ يشتد التوتر بعد حصول حركة الصدر على أكبر كتلة برلمانية بـ74 مقعداً من مجموع 329، بينما تراجعت حصة الفصائل المدعومة من إيران إلى 17 من 48 سابقاً.

وبعد أن فشلت هذه الفصائل والأحزاب بإلغاء نتيجة الانتخابات على الساحة القضائية، بدأت بإحباط أي جهد للكتلة الصدرية، والتي تحالفت مع الكرد والعرب السنة في البرلمان، لتشكيل حكومة كونها استبعدت وبشكل نهائي الجماعات التي وصفها الصدر بالفاسدة أو الموالية لطهران.

اقرأ أيضاً: الجيش العراقي: نقف على مسافة واحدة مع الشعب

وتمكّنت هذه الأحزاب وعلى رأسها الإطار التنسيقي لاحقاً، من حرمان الكتلة الصدرية وحلفائها من الحصول على ثلثي النصاب القانوني اللازم لانتخاب رئيس دولة كردي، وهي الخطوة الأولى لتشكيل حكومة في العراق.

ليعلن بعدها الصدر عن انسحاب نوابه من البرلمان في يونيو/حزيران، الخطوة التي سمحت لإخلاء عشرات المقاعد "للإطار التنسيقي"، مما يعني أنه قد يحاول تشكيل حكومة من اختياره.

وحاول المالكي، أملاً بالعودة إلى الحياة السياسية، ترشيح نفسه لتولي منصب رئيس الوزراء، وهو منصب يجب أن ينتقل إلى شيعي في النظام السياسي العراقي، لكنه تراجع بعد أن انتقده الصدر.

وبعدها أعلن الإطار التنسيقي عن ترشيحه محمد شياع السوداني، الذي يعتبره أنصار الصدر من الموالين للمالكي وهو الأمر الذي أشعل الاحتجاجات، ودفع الصدر لدعوة أنصاره للنزول للشارع.

تداعيات ومخاوف

صعّدت دعوة الإطار التنسيقي لأنصاره بالتجمع الأحد من وتيرة المخاوف بحدوث مواجهة في الشوارع، لكن تم إلغاؤها.

على إثر ذلك، دعت الأمم المتحدة إلى وقف التصعيد بالقول إن "أصوات العقل والحكمة ضرورية لمنع المزيد من العنف". كما دعا العديد من الزعماء العراقيين إلى الحفاظ على السلم الأهلي.

وتعهد الصدر بالعمل السياسي السلمي، لكن تسانده سرايا السلام المسلحة إذ يحتفظ كثيرون من أتباعه المدنيين بالسلاح، ما يثير مخاوف من وقوع اشتباكات مسلحة إذا اشتدت المواجهة.

 إلى جانب أن الخلاف بين الشيعة العراقيين سيزعج إيران ونفوذها الكبير في البلاد من خلال حلفائها الشيعة منذ أن أطاحت الولايات المتحدة بخصمها صدام.

يعتقد مراقبون أن لحظة الصدام اقتربت، خصوصاً بعد ما تردد عن إعلان التيار "النفير العام" والدعوة التي وجهها صالح محمد العراقي المعروف بـ"وزير الصدر" إلى "جميع المحافظات عدا النجف إلى مظاهرات (ترفع الرأس) لإسناد متظاهري (الخضراء) في بغداد".

جاء ذلك، رداً على توجيهات "اللجنة التحضيرية لدعم الشرعية" التابعة لقوى الإطار التنسيقي للخروج بمظاهرات مضادة في منطقة الجادرية ببغداد عند الشارع المؤدي إلى الجسر المعلق العابر إلى المنطقة الخضراء. وبحسب بيان أصدرته اللجنة التحضيرية، فإن الدعوة للتظاهرات المضادة كانت موجهة لجميع العراقيين، وهدفها ما أسمته "الدفاع عن الدولة وشرعيتها ومؤسساتها الدستورية والعملية الديمقراطية وليست موجهة ضد شخص أو فئة بعينها". 

وأوصت اللجنة المتظاهرين المفترضين بـ"عدم الدخول إلى المنطقة الخضراء وانتظار التعليمات الخاصة بهذا الصدد". كما أوصتهم بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والاقتصار على "حمل العلم العراقي والرايات الحسينية وبيارق العشائر المحترمة فقط"،  و"عدم الانجرار وراء الشائعات ورفض الشعارات الاستفزازية". 

وحشد "الإطار"، الذي يضم فصائل متحالفة مع إيران، أنصاره بمحيط المنطقة الخضراء، للتظاهر "ضد الانقلاب"، مع استمرار اعتصام الصدريين بالبرلمان. وسط تحذيرات من خروج الأزمة مع الإطار التنسيقي الشيعي عن السيطرة، وتحوّلها إلى مواجهات دامية بين الطرفين المسلحين.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يدعو لحوار سياسي في العراق

إلى ذلك، وضع التيار الصدري 3 شروط للدخول في حوار مع زعيم تحالف الفتح، هادي العامري، تضمنت انسحابه من "الإطار التنسيقي الشيعي" بهدف إنهاء الأزمة التي تعيشها البلاد.

وقال المتحدث الذي يُعرف باسم (وزير الصدر)، صالح العراقي، "نكرّر دعوة الأخ العامري للحوار بين الإطار وبين التيار الذي تخلّى عنه، وأقول: إننا لو تنزّلنا وقبلنا الحوار فذلك مشروط بانسحاب العامري وكتلته من الإطار، واستنكار صريح لكلام (سبايكر مان) الذي صرح به في التسريبات قبل أيام قلائل"، في إشارة إلى تسريبات نسبت لزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.

الكاظمي ودعوات للتهدئة

ويوم أمس، دعا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إلى تشكيل لجنة تضمّ ممثلين عن كلّ الأطراف لوضع خارطة طريق للحلّ.

ودعا "الجميع إلى عدم الانسياق نحو الاتهامات، ولغة التخوين، ونصب العداء والكراهية بين الإخوان في الوطن الواحد".

وعبر الكاظمي عن أمله في أن يتمكن "جميع الأطراف من الجلوس على طاولة حوار وطني، للوصول إلى حلّ سياسي للأزمة الحالية، تحت سقف التآزر العراقي، وآليات الحوار الوطني".

من جهته، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، اليوم الثلاثاء، عن تأييده لمبادرة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والمتعلقة بالأحداث في البلاد.

وقال الحلبوسي: "نؤيد مبادرة رئيس مجلس الوزراء لإيجاد صيغة حلّ بشأن الأحداث التي تشهدها البلاد"، مشدداً على "أهمية جلوس الجميع إلى طاولة الحوار".

كما أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الثلاثاء، عن "قلقه" بشأن التطورات السياسية في العراق.

وكتب رداً على تغريدة رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي: "قلقي شديد بشأن الوضع في العراق. يجب أن يسود الهدوء وضبط النفس"، مؤكداً "أشارك رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في النداء الذي وجهه للحوار والتشاور استجابة لتطلعات العراقيين".

عبر السفير البريطاني في بغداد مارك برايسون عن قلقه من تصاعد التوترات السياسية في العراق، ورحب في الوقت ذاته بالدعوات التي تطلق من أجل الحوار والمشاركة".

اقرأ أيضاً: قرقاش: استقرار العراق تعزيز لأمن المنطقة

وحثّ "جميع الأطراف على العمل من أجل إخراج البلاد من الأزمة السياسية، وتشكيل حكومة ضمن سياق الدستور ولخدمة الشعب العراقي".

ويتألم العراق تحت وطأة تردي الخدمات العامة وارتفاع معدل الفقر وانتشار البطالة، على الرغم من الثروة النفطية الهائلة والهدوء النسبي الذي تعرفه البلاد منذ هزيمة تنظيم "داعش" قبل خمس سنوات.

وفي الوقت الذي أدى فيه ارتفاع أسعار النفط الخام إلى زيادة في عائدات النفط العراقية إلى مستويات قياسية، لا توجد ميزانية حكومية للعام 2022، بل وتم تأجيل الإنفاق على مشاريع البنية التحتية التي تشتد الحاجة إليها بالإضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية.

ويتجشم الشعب العراقي عناء انخفاض الخدمات الأساسية وانقطاع مستمر وكبير في الكهرباء والمياه. والأمن الغذائي على المحك، مع قرع برنامج الأغذية العالمي ناقوس الخطر، إذ يؤكد على أن 2.4 مليون من السكان البالغ عددهم 39 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة في توفير سبل العيش.

ليفانت نيوز_ خاص

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!