-
درعا: السويداء أحداث دامية وبحث عن السلام
لقد ساهمت العصابات المسلحة وفوضى السلاح بتدمير ما لم يتمّّ تدميره بين السوريين عن طريق الحرب المباشرة. إنّ ما يحدث ومنذ سنوات بين محافظتي درعا والسويداء لا يمكن لعقل أن يقبله، فبسبب عدد قليل من "الزعران" وأفراد العصابات في المحافظين، تكاد تنقطع آخر عرى الاتصال الوطني والتاريخ المشترك الذي ربطهما تاريخيا. وكل ذلك يحدث تحت عين ومعرفة الأجهزة الأمنية التي لا تريد أن تضع حدّاً لهذا الخطر الذي يذهب ضحيته الكثير من الأبرياء في كلا المحافظتين.
لقد تعب المجتمع الأهلي من مناشدة هذه الأجهزة وعلى مدى سنوات لتقوم بدورها في كبح جماح هذه العصابات المنفلتة من كل القوانين الاجتماعية التي تربط البشر ببعض تاريخياً. فهناك من يريد لهذه الفتنة أن تكبر وكلما هدأت قليلاً يقوم بتغذيتها وإشعالها من جديد، لكن هل هذه اليد الخفيّة التي تحرّك الفتنة مجهولة؟ قطعا لا، فإنّ ماحدث في بلدة القريا بتاريخ 27/3/2020 يؤكد من جديد مسؤولية أجهزة النظام الأمني عن هذه المجزرة التي ذهب ضحيتها قرابة 15 شاب من البلدة وقرابة 10 جرحى.
فحواجز النظام كانت قريبة جداً من مكان الحدث -المعركة- ولم تحرّك ساكناً بالرغم من أن الاشتباك بين فصائل محلية من السويداء وعناصر من الفيلق الخامس استمرّ لساعات هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن مرتكب المجزرة هو تشكيل أصبح يحسب على قوّات النظام بعد التسوية التي جرت في درعا وتسليم الجنوب، وهي "عناصر الفيلق الخامس" والذي تضمنه وترعاه روسيا.
والأمس ليلاً قتل شاب وأصيب آخر في مدينة السويداء بأيدي عناصر الأمن الجنائي مدّعين أنهم قاموا بإطلاق النار عليها، وليس ببعيد عن هذا، فقبل يوم واحد فقط أي بتاريخ 26/3/2020 تمّ تصفية ٤ شبان من بلدة عرمان جنوب المحافظة يتبعون لفصيل محلي في البلدة على طريق السويداء-صلخد عند حاجز للنظام يدعى (حاجز العين)، وإصابة ثلاثة آخرين بجروح عند قدومهم لنقل الجثث إلى مشفى صلخد، مدّعين أن الشبان هاجموا الحاجز، وطبعا لا أحد يعرف ما هي حيثيات هذه الحادثة.
لقد أوجعت السويداء النظام عندما رفض غالبية أبنائها مشاركته بحربه الشنيعة التي يشنّها على الشعب السوري، ولم يترك أي فرصة للانتقام من أبنائها وعلى مدى سنوات. فبعد أن فلتت من يد النظام كل الأوراق في شمال البلاد وشرقها وتولّى الروس والأتراك كل الترتيبات في تلك المناطق، تفرّغ بدوره لترتيب وضع السويداء خصوصا والجنوب عموماً، كما يريد فهامش فاعليته وقدراته لازالت كبيرة في ظل غياب جميع الدول الفاعلة في الملف السوري وانشغالها بالخطر الأكبر الذي يداهم الكون بأسره (الكورونا).
اقرأ المزيد : إخوان سوريا.. “الماريونيت” الذي يتحكّم قصر المهاجرين بخيوطه
هل سيبقى الفلتان الأمني وتفشّي ظاهرة الزعران هذه تقطع أوصال التاريخ الوطني المشترك بين المحافظتين الجارتين؟ أم على الجميع في درعا والسويداء ولاسيما الشيوخ والزعامات المحلية وقادة الفصائل والنخب السياسية الفاعلة تفويت الفرصة من جديد على النظام، والاستجابة لنداءات التعقل والحكمة وعدم الانجرار لهذه الفتنة المدمرة؟،والأهم الآن أن يعملوا معا لضرب تلك العصابات كما فعلوا شبان بلدة القريا بمحاصرتهم لمسبب هذه الحادثة وأحد الزعران المعروفين بعمليات الخطف والسلب المدعو "يحيى النجم" والذي قام بعملية الخطف الأخيرة لشابين من درعا والعمل على ابتزاز أهلهم مادياً للإفراج عنه، ما تسبب بهذا الاشتباك الدامي، بحيث أقدم على تفجير قنبلة بنفسه ما أدّى لمقتله.
اقرأ أيضاً : إلى متى ستصمد سُلطة “القانون” أمام كورونا؟
الجبل والسهل وجودهم ومصيرهم مشترك مهما حاولت الأيدي العابثة من زرع الشقاق والخلاف بينهم، كما لن تجدي أبداً سطوة السلاح نفعاً بل توافق الناس على ما يرضي كرامتها وسلامتها وهذا رهن بكل الوطنين في المحافظتين كما كامل التراب السوري.
ليفانت - سلامة خليل
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!