الوضع المظلم
الجمعة ١٧ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
دبلوماسيّة الباب الخلفي
إبراهيم بن جلال فضلون


الواهمون الغارقون في جحيم إرهاب لا ينطفئ.. خائنون لا عهد لهم، فحينما يختلف اللصوص، يظهر السارق علناً، وحينما هاجم أردوغان أوغلو ذراعه الأيمن وكبير مستشاريه سابقاً، وكان وزيراً للخارجية ثم رئيساً للوزراء، ثم انشقّ عنه، منقلباً على حزب العدالة والتنمية، ليُؤسّس حزب المستقبل الجديد. دبلوماسيّة 


اعتراضاً على السياسات التي يتبعها غريمه في مختلف المجالات، قائلاً: «أولئك الذين كانوا في القاعة معنا في دافوس، ارتعدوا يوم وقفنا بوجه بيريز، لكنهم الآن شكلوا حزباً جديداً”. ولم ينتهِ حتى خرج الرد من أوغلو محوّلاً أردوغان من (أسد جسور إلى قرد يتشبّث بالموز): قائلاً: “أردوغان لم يكن صادقاً ولم يكن بطلاً، ولم يتصدَّ أو يصطدم مع الرئيس الإسرائيلي الأسبق بيريز في دافوس -قلعة الرأسمالية العالمية- نهاية يناير 2009، وقد كنت خائفاً ومرعوباً من تداعيات هذا الصدام، وأنّ أردوغان لم يقل الحقيقة، وكلانا يعرف ما جرى تلك الليلة، هو يعلم أنّني قمتُ شخصياً بدبلوماسية الباب الخلفي للاعتذار لشيمون بيريز بصفتي كبير مستشاري أردوغان وقتها، وهذا الاعتذار تم من هاتفي الشخصي، ولو كنت قلت الحقيقة أنّنا احترقنا في دافوس، لكنت انتهيت، وما كان عينني وزيراً للخارجية بعد هذا الحادث بشهرين لتعود العلاقات طبيعية مرة أخرى بين إسرائيل وتركياسرائيل وتركيا”. دبلوماسيّة 


إذاً ماذا يُسمى هذا؟ رواية مكذوبة لحزب خائن لشعبه ووطنه، كاذب منافق على أنصاره وعالمه، يوحي لهم أنّه الشخص الوحيد الذي تجرّأ على إسرائيل، نراه في مشهد أقرب للاستعراض بعيداً عن الواقع الأليم. كشف زيفها أوغلو، ليتكرّر الحدث في نهاية مايو 2010، بواقعة «أسطول الحرية- مرمرة»، واعتقال إسرائيل رُكابها الأتراك، وبعدها عادت العلاقات كما هي.


كل ذلك انعكس على مشهد مُتاجرة أردوغان بتحويل متحف «آيا صوفيا» إلى مسجد، واستخدامه أسلوبين في حديث العالم: الأسلوب الحماسي المُتطرّف باللغة التركية موجّهاً لأنصاره من البسطاء و«الإخوان»، كتغريدته بالتركية: «إحياء آيا صوفيا من جديد هو بشارة نحو عودة الحرية للمسجد الأقصى»، وفي الحقيقة لم يفعل شيئاً للمسجد الأقصى إلا كلمات جوفاء، والثاني المعتدل بالإنجليزية موجهاً للغرب وإسرائيل، كتصريحه: “المتحف أو المسجد مفتوح لأنصار كل الديانات”.


ولعل الأجواء السياسية والاقتصادية في الداخل التركي وخارجه أدّت إلى تراجع سريع في شعبية السلطان الواهم وحزبه الذي دبت فيه الاستقالات، وفي صفوف ضباطه من الجنرالات، لأنّهم بدؤوا يشعرون بالخيبة واليأس من سياساته الرعناء التي ينتهجها داخل وخارج البلاد، وأثرت تلك الأزمات والصراعات على اقتصاده الذي يمر بأوضاع صعبة منذ فترة طويلة، ورغم ذلك ما يزال يتخبط في تحركاته ومواقفه وتشعبه بقواعده بدول المنطقة، في ليبيا وأفغانستان وقطر والصومال وسوريا والعراق، وما يزال يتنافس على مواقع عسكرية في السودان وتونس، والسبب الرئيس هنا توغّل التيار الإسلامي للجيش أيضاً، محاولاً استعادة كرامته بعد الفشل الكبير في مصر والسعودية التي تحافظ على اليمن من يد الخونة الحوثيين.


أجل، هو واهمُ، حاضن للتنظيمات المُتطرّفة، حوّل بلده لمُعسكرات تدريب، معلناً عزم أنقرة لحسم حملاتها العسكرية، وتتويج نضالها الممتد، مهدداً ومتوعداً، ومتحدياً المجتمع الدولي في تصريحاته الإعلامية، كالعثماني المغرور “سليم الأول”، الذي حارب أباه وقتل أخوته، وعندما رفض طاعته “طومان باي” الذي انتصر عليه بإيمان عربي مصري، غدر به، هكذا غدر أردوغان، كل شيء حتى الأقرب له، “أوغلو”، وحارب جيشه وقتل شعبه، وأحرق قلوب دولته.. والآن يُعلن كما أعلن أنّ بلاده تملك القوة لـ”تمزيق” خرائط ووثائق اتفاقات “مُجحفة”، وقعتها دول شرق المتوسط بشأن التنقيب عن الطاقة في المنطقة، وهو يتناسى زيف غازه المُكتشف بالبحر الأسود، وحججه التي تخرج كل انتخابات.. لينقلب السحر على الساحر لأنّ الموازين الدولية تتغير بكل تأكيد ومن منطلق قوة الحق، رغم أنّ العرب يمتلكون القدرة العسكرية والموارد الاقتصادية، ووحدة عمل عربي مشترك يمكنهم “بمسافة السكة” من دحر القوى الدخيلة وحماية الأمن القومي العربي. دبلوماسيّة 


ليفانت – إبراهيم جلال فضلون 








 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!