الوضع المظلم
الأربعاء ٠٦ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • خلاف داخل المافيا في سوريا أم محاولة أخيرة لتلميع الأسد " كن مع الله ولا تبالي"

خلاف داخل المافيا في سوريا أم محاولة أخيرة لتلميع الأسد
ريما

 


أطل علينا رامي مخلوف مؤخراً بفيديو تحت عنوان "كن مع الله ولا تبالي" وجه من خلاله رسائل عديدة منها ما يحمل رسائل مبطنة للنظام بكشف جميع الوراق التي لا تحتاج لكشف بالحقيقة لآننا نعلم بوجودها كسوريين منذ حكم الأسديون البلاد، فالجميع في سوريا يدرك تماماً أن ثروة رامي مخلوف وغيره من أباطرة المال الملتصقين بالعائلة الحاكمة في سوريا لم تأت من عمل وكد، ولا من أرث عائلي، بل من الاستفادة المباشرة من السلطة والفساد و بالتأكيد ليس على مبدأ يرزق من يشاء كما قال مخلوف في نفس الفيديو مستفزا مشاعر الناس باستغبائهم مره بعد مره بدعاء التقوى والصلاح،  فهو كما قال يقاسم "الحكومة" أرباحه ويتبرع للفقراء، كما أنه يدفع الضرائب في حديث ممجوج بالكذب مقرف الى حد الاقياء، وفي سيناريو مكشوف فهو كان وما زال أحد أدوات استمرار سلطة القمع في سوريا، لأن استمرارية ذلك النظام تتطلب السيطرة على الاقتصاد وعلى حركة السوق والاستثمارات في سوريا وهو الدور الذي أداه مخلوف ومن يشبهه على مدار عقود وهو امر مستمر وليس جديداً.


 


أذكر تماماً تلك الحكايات المليئة بالخيبة التي سمعتها عن مستثمرين وطنين أرادوا إقامة استثمارات ناجحة في سوريا، لكنهم اصطدموا بالحوت الكبير المسمى رامي مخلوف فإما المشاركة بالنصف على الأقل أواما لن تبصر تلك  المشاريع النور، وبغض النظر عن تلك المشاريع وطبيعتها فمخلوف الواجهة الاقتصادية لنظام الأسد لا يحتاج لأكثر من ابداء الرغبة بالاستيلاء على أي من تلك المشاريع و حتى الأبنية التراثية والمباني الحكومية لتصبح ملكه، او ليكتب لمشاريع المستثمرين الرافضين الفشل وفي كل المجالات سواء كانت في الاعلام او السياحة او الخدمات او الاتصالات،  او أي مشروع كان،  او من خلال شام القابضة المملوكة لمخلوف،  وهو سلوك استمر لعقود أمام مرأى و مسمع الأسد وبمباركة منه، وبأدوات الأجهزة المنية التي يمكن لها ان تتدخل باي لحظة لتنكل باي أحد يرفض مشاركة مخلوف أو ان تكون بذاتها حلقة في حلقات الفساد ، وبقدرة قادر هؤلاء الرافضون تنتهي استثماراتهم في البلاد ويندمون على مجرد التفكير في اية مشاريع في سوريا و يرحلون وأنا ادعو كل هؤلاء للحديث عن تجاربهم اليوم.


 وهو ما يعني ان رامي مخلوف ليس فقط شريكاً للنظام بل أداته وواجهة حقيقة له، وعلى يبدو ان هذه الشراكة بدأت تتفكك بعد الانهيار الاقتصادي والتضييق الذي يتم على النظام عبر العقوبات، الشعب السوري في سوريا يئن فقراً واختناقاً بينما يختلف هؤلاء على المليارات والحصص في حرب هزلية بين أجنحة النظام،  وكأنها الصراع الأخير بين افراد عصابة يحاول أفرادها تقاسم ما تبقى لكي يطول عمر الأقوى من قيادات تلك العصابة قليلا.


 


لربما يدرك مخلوف أن ما قد يجنبه مصيرا يشبه من سبقه من أضحيات النظام الذين انتهت أدوارهم في المشهد عبر " الانتحار" أو التصفية هو كشف كل الأوراق التي تجعل مثل تلك الخطوة لا معنى لها، والا فان مثل هذا الفيديو قد يكون سيناريو اخر لتبيض وتلميع صورة الأسد وكأنه خارج سياق تلك العصابة " المصلح والموثوق " الذي يريد رامي منه توزيع المال المنهوب على الفقراء بنفسه، ولكنه بنفس الوقت يتحدث عن استعداده لكشف كل الأوراق للمحاكم لذلك لا يمكن فعليا أن نكون واثقين ما المراد منه بحقيقة الأمر..


 


ألا يجب على من تبقى من المؤمنين بهذا النظام أن يسألوا سؤال المئة علامة وهو من أعطى الحق للنظام بمنح كل تلك القطاعات لشخص واحد يصدف ان يكون ابن عمة الأسد؟ ولماذا فقط الآن يتم الحديث عن المحاسبة؟  لماذا لم يتم الايعاز بتلك المحاسبة المزعومة طوال السنوات الطويلة السابقة من عمر المافيا التي سيطرت على اقتصاد سوريا؟ من أحضر هؤلاء الى الواجهة ومن ملكهم، ومن سهل لهم تلك السيطرة،  وكيف تم تخريج أموال طائلة من سوريا الى حساباتهم البنكية بالعالم؟ هل حقاً هناك انشقاق داخل الاسرة الحاكمة وهم كلهم غارقون في الفساد!  وبينما يئن الناس برداً وجوعاً في سوريا تفتح لهم الاستثمارات في العالم وتشترى اللوحات والمجوهرات وتأثث القصور ليس فقط مخلوف بل جميعهم بما فيهم من يدعي أنه يحمل لواء الإصلاح نفسه..


 


لا اعتقد أبداً أن أحداً يمكن له ان يفهم بشكل مؤكد ماذا يحصل داخل تلك المافيا ولكننا متأكدون ان لمخلوف وعبر شبيحته الممولين من منظماته المالية كجمعية البستان وسواها قاموا بالمساهمة بقمع الشعب السوري وقتل الكثيرين منهم،  فهل يهدد مخلوف عبر ذلك الفيديو بشكل غير مباشر بتأليب هؤلاء ضد من قتلوا وحرقوا من اجله، هل يعيش الشبيحة اليوم حالة فصام لمن يبيعون الولاء بعد اليوم لمن يدفع او لرمز سلطتهم ، هل يدرك الشارع الموالي ان حديثهم اليوم عن فساد مخلوف وسواه وسقف حريتهم الذي ارتفع كان بفضل الشارع الثائر الذي كسر حاجز الخوف سوريا ودفع ثمناً لذلك دماً ودموعاً وسجناً وتعذيباً وتهجيرا بينما شمتوا وخونوا ونبذواً؟


 


يبدو ان سوريا ستشهد في المرحلة القادمة كثيراً من الأحداث التي ستوضح حقيقة العلاقات داخل تلك المافيا ، لنتفرج معاً ونحن لا نملك اليوم الا شجن المشاهدة لما كنا نعلمه في العمق وتشاء الظروف ان يخرج الى النور الآن..


 


ريما فليحان

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!