الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • حمد محمود الدوخي لـ"ليفانت": الأنثى سبب الوجود.. ويكفي دليلاً أن القصيدة أنثى

حمد محمود الدوخي لـ
حمد محمود الدوخي

الطفل الذي لا يكبر المترعرع في القرى والمزارع ينسب لعائلة جميعهم شعراء، الشعر بالنسبة لهم كوجبة أساسية كالخبز. اشتغل حمد محمود الدوخي على نفسه ليميز نفسه بين الشعراء في الشعر الكلاسيكي.

درس الشاعر والناقد حمد محمود الدوخي، المولود في مدينة نينوى بالعراق عام 1974م، دكتوراه في فلسفة الأدب العربي الحديث، هو أستاذ الأدب العربي الحديث المساعد في الدراسات الأولية وأستاذ الدراسات النقدية الحديثة المساعد في الدراسات العليا، وعضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق.

وأصدر مجموعات شعرية عديدة منها (عذابات) و(مفاتيح لأبواب مرسومة) و(عذابات الصوفي الازرق)، كما أصدر مجموعة من الكتب النقدية بينها (المونتاج الشعري)، و(جماليات الشعر _ المسرح _ السينما، في نماذج من القصة العراقية)، و(الدراويش والمرايا)، و(سيمياء النص العراقي ومقاربات اخرى)، و(تخطيط النص الشعري)، إضافة إلى كتاب (من اغاني اصدقاء علي) وهي مجموعة شعرية للأطفال.

"ليفانت نيوز" حاورت الشاعر حمد محمود الدوخي، وإليكم نص الحوار كاملاً:

◄ السؤال الأول: من هو حمد محمود الدوخي وكيف بدأت مسيرته الشعرية.

"هو طفل لا يكبر، تدرب على التنفس قبل أقل من خمسة عقود في مزارع القرى الواقعة بين محافظتي نينوى وصلاح الدين"، يعرّف عن نفسه الدوخي ويتابع: " أما بخصوص المسيرة الشعرية فهو لم يبدأ لأنه ولد لأسرة تتناول الشعر كما تتناول الخبز، فالأم شاعرة والأب كذلك _ وإن كانا بالمحكي _ وبقية الأخوة والأخوات أيضاً".  

◄ السؤال الثاني: حبذا لو تحدثنا عن النقطة التي أوجدت لك موطئ قدم بين الشعراء.

يرى حمد أنها لم تكن نقطة واحدة، إنما كانت نقاطاً، ويقول: "بداية- وكما اسلفت- الجو العائلي والبيئي عموماً. وأولى المهرجانات التي كانت تجد متابعة مميزة في وقتها".

ويضيف الدوخي قائلاً: "وفرت جامعة الموصل التي كانت مميزة في الأداء الثقافي عموماً والشعري خصوصاً لنا جائزة إبداعية نالت اهتمام المعنيين على مستوى القطر آنذاك وكنت قد فزت بها بالجائزة الأولى خمس مرات على مدار سبع سنوات وفي ذلك تأسيس واضح للاسم".

كما قدّمت للقارئ العربي المختص في مهرجان المربد الشعري الدولي عام (2000) وعام (2001) على وجه التحديد إذا كان وقتها للشعر نكهة الحضور الفعلي وليس الافتراضي".

ويتابع: "فضلاً عن جائزة الجامعة فقد فزت بالجائزة الأولى على مستوى جامعات العراق بالشعر الحر عام 1997 وقد نظمت المسابقة وقتها (كلية التربية - ديالى المستنصرية) وكذلك الجائزة الأولى على مستوى الوطن العربي بمسابقة (أجمل قصيدة في الام) والجائزة الثانية لمجموعتي الشعرية (الاسماء كلها) في مسابقة (شرق -غرب البرلينية) وجوائز اخرى". 

◄ السؤال الثالث: لماذا لم تكتب القصيدة الكلاسيكية؟ وهل قصيدة النثر تفي بالغرض عند الشاعر الدوخي.

"كتبت القصيدة الكلاسيكية على مستوى الشكل والمضمون في بدايتي، بعدها بقيت في الشكل التقليدي (الشطرين) ولكنني _ أزعم _ انني حدثت في تناول الموضوع تصويراً وبناء على مستوى التجاور اللغوي الذي أرى انني اشتغلته بطريقة تميزني دون غيري وتؤكد خصوصيتي في ذلك".يقول الدوخي

ويشير إلى أنّ  قصيدة النثر فهي- كما يشبهها دائما-" تشبه المشي على الحبل إما ان تظل تمشي باستمرار لتثبت نجاحك أو أن تقع، وذلك نابع من الموقف الكتابي الحرج والحساس الذي هي عليه فهي المرحلة العليا التي يجب ان تكون عليه القصيدة العربية، وموقفها الحرج يتلخص بين الفيض الهائل من الاستسهال الكتابي وبين النموذج النادر الذي يشعرك بقصيدة حديثة بمعنى الكلمة ... قصيدة تنازلت عن عدتها ونزلت الى ساحة المعركة لوحدها تتدرَّع بشكلها الذي صنعته لا الذي ورثته".

اقرأ أيضاً: أحمد شوقي.. أمير الشعراء

◄ السؤال الرابع: كيف ينظر الأستاذ الدوخي إلى النقد في الحياة الادبية وكيف يتعامل مع النقد الموجه لنتاجاته.

يعتقد الدوخي أن "النقد هو الفعل القرائي الخلاق الذي يستبطن النصوص لأنه يصدر من قارئ/ مثالٍ يعلم بمخبوء المعاني ويمتلك آليات الكشف والتفكيك، وهو ضرورة لابد منها في الحياة الأدبية فالأدب شهيق هذه الحياة والنقد زفيرها؛ الزفير الذي لابد منه ليبدأ الشهيق مرة أخرى، وهكذا تستمر هذه الحياة الادبية".

ويتابع " أما في ما يتعلق بنتاجاتي فأجدني قد حظيت بأكثر من قراءة نوعية أخذت مكانة مميزة تختلف عن كثير من القراءات الكثيرة لبعض التجارب ولكنها بقيت قراءات كمية استعراضية سطحية فعلى سبيل المثال دُرّست تجربتي بشكل خاص داخل و خارج العراق بما يقارب تسع رسائل ماجستير وقد وجدت نسبة عالية من الجدة والجدية في تناول هذه الرسائل للتجربة فضلا عن كثير من البحوث الأكاديمية، ومؤخراً صدرت الدراسة النقدية (أثر السينما في بناء المشهد الشعري قراءة في تجربة الشاعر حمد الدوخي) للأديب مناضل عناد".

◄ السؤال الخامس: ماهي آفاق الكتابة عند الشاعر حمد محمود الدوخي وهل اكتمل مشهده الكتابي في هذه التصدعات والإرباكات الشرق اوسطية بكل جراحه وتأوهاته وإشكالياته الكثيرة.

يعتبر الدوخي أنّ"أفق الكتابة لا يضيق لأن أفق الكتابة هو اللغة فمتى ما وجد العالم نفسه ذات وقت أنه قد أفلس من اللغة ستقف الكتابة، أما اكتمال المشهد فهذا ما لا يمكن أن يكون إلا بالموت، وما يعيشه الشرق الاوسط اليوم يمثل جرعا منشطة كما تشرب من الم موروث منذ قرون".

◄ السؤال السادس: ما دور الأنثى في حياة الشاعر حمد محمود الدوخي وما الذي دفعك بأن تشبه علامات الترقيم في اللغة العربية بمكياج المرأة.

"الانثى سبب الوجود، الأنثى الوجود ويكفي دليلاً ان القصيدة أنثى؛ هي الفعل المقابل في التنفس (الشهيق والزفير) كما اسلفت؛ فهي من تزود الحروب بجنودها لذا فان دورها بوصفها مختزِلة جمال الكون لا يُشرح لأنه عصي على التحديد، لأنها البيت الأول، بيت الظلمة ذاك الذي ظل يلقننا الشعر طوال تسعة شهور".يقول الدوخي 

ويضيف: "أما تشبيهي لعلامات الترقيم بمكياجها فهذا لأن اللغة أنثى عظيمة فهي ام القصيدة ولا يكتمل استدلالنا على جمال وجهها إلا بتنظيم علامات ترقيمها تنظيماً دقيقاً أمام مرايا المعنى"

◄ السؤال السابع: ما تأثير المكان على قصائد الشاعر حمد محمود الدوخي.

يجيب الشاعر: "الإشكالية القارة والثابتة هي أن الشاعر يحاول دائماً الانتصار على المكان وذلك بإعادة بنائه باللغة التي من خلالها يعلن تصوره لما يجب ان يكون المكان عليه، وهذا كله يبدأ من الطبيعة التي يجدها الشاعر في المكان الأول الذي ينشأ فيه، فنحن مثلاً ابناء القرى وجدنا أنفسنا أمام مديات مفتوحة من المكان لذا تجدين لغتنا تحفل بالسعة في الأداء؛ وهذا لا يعني أن هناك عيباً في المكان المديني ففي المكان الضيق نضغط على تفكيرنا لابتكار مساحات أوسع للحركة، وهكذا يمارس المكان سلطة الشعرية علينا في الضيق والاتساع".

◄ السؤال الثامن: أذا تخيلنا بأن الكتابة تشبه نزالاً فما هي الادوات التي تمتلكها للتحضير لهذا النزال.

"نعم هي نزال، ونزال من نوع سيئ ربما يكون فيه الخاسر أكثر راحة لأن المنتصر فيه سيكون عليه ان يتهيأ مرة أخرى لنزال آخر، وهكذا أما العدة فهي على المستوى الشكلي تكمن في الايقاع الذي سيظل يمثل السكة التي تحمل عربات الدلالة وهنا قلت الايقاع ولم أقل الوزن، لان الوزن جزء من الإيقاع؛ فبالإيقاع ستدخل قصيدة النثر التي انتهجت لهيكلها إيقاعاً خاصاً، فضلاً عن الايقاع فسيكون التصوير الترسانة التي تساند التقدم الشعري، وكذلك الخيال الذي هو الذخيرة التي يجب أن لا تنضب.. وباختصار مكثف إن عدة الشعر للنزال هي كتابة الشعر".

اقرأ أيضاً: فاتح المدرس.. أيقونة الفن التشكيلي السوري وفيلسوفها

◄ السؤال التاسع: هل لديك قصائد تتحدث فيها عن المشهد العراقي وخاصة في هذه الأيام التي يمر فيها العراق بأزمة صعبة.

وهل يوجد لدي قصائد لا تتكلم عن العراق الممتحن مذ فتحت عيني فيه؟! يتساءل الشاعر ويقول: والقارئ لشعري يجدني مهموماً بهذا الـ(عراق) فمرة يجدني معاتباً: _

خذني إليك فكل حلم في دمي       يبكي عليك، وحول وجهك فيلق

ومرة مشاركاً له اليأس من العالم والحياة:

أقول وداعاً

ولكن الى اين

كل الجهات تؤدي الى نفس هذا المكان

ومرة معتزاً: 

انت العراق قصيدي السمراء        والموال مدح

وهكذا تستمر المواقف، اما قصائد تختص بالكامل بمحنة اليوم فهي كثر وأخصُّ منها من (مزاغل البوح) وقصيدة ما (هذى به الخائف) وقصيدة (للوطن ولها) وقصيدة (العراق) والقائمة تطول.

◄ السؤال العاشر: ما الذي أضافته الاجيال الجديدة للشعر الحديث هذه الايام.

ويعبر الشاعر الدوخي عن تفائله "على ندرتها، إلا أن هذا النادر يبشر بعافية شعرية من نوع خاص"، ويضيف "فكما تعلمين إنه جيل اللغة الرقمية والذي اراهن عليه، عكس ما يتوقع البعض أنه سيقدم قصيدتنا العربية بمؤثرات رقمية تستثمر تأثير الشاشة بالملتقى". وأوضح "أعني بالضبط كتلك السلطة التصويرية التي كانت تمتلكنا مع أفلام الكرتون، عندما تنقل لنا طفولة حلميَّة عالية الدقة كذلك سينقل الجيل المقبل الشعر بمادته ولكن عبر وسائل حداثوية تليق بالقارئ الالكتروني".

◄ السؤال الحادي عشر: هناك من قالوا بأن الشعر يولد في العراق ويترعرع في بلاد الشام ويموت في مصر ماذا تقول في هذه المقولة.

يؤكد الشاعر بأن هذه المقولة "لا تخلو من نفس تعصبي"، موضحاً بان "الشعر يولد ويترعرع في كل مكان ولا يموت ولكن ربما تبقى القضية الكمية تختلف كأن تكون في بلد ما نسبة عدد العاملين في مجال الشعر أكثر من غيرها في بلد آخر وهذا امر احصائي لا علاقة له بالنوع الابداعي".

◄السؤال الثاني عشر: هل من كلمة أخيرة.

ويختم الشاعر حمد محمود الدوخي بالقول: الكلمة اولاً تحية لروحك الممتلئة نقاء؛ ثانياً الكلمة للقصيدة التي ارجوها ان تكتمل او ان تقنعني على الأقل أنها اكتملت، إذ لا أريدها أن تجعلني ألجأ إلى الشكوى ذاتها:

أشكو إليك حبيبتي      مولاي أكتبها وتمحو

ليفانت نيوز_ خاص

نورشين اليوسف

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!