-
حكومة ليبيا المؤقتة.. إنقاذ للبلاد أم انعكاس للوفاق؟
مرهف دويدري - ليفانت - خاص
استطاعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن تعقد اجتماعاً لملتقى الحوار السياسي الليبي بكامل أعضائه في سويسرا، هدفه إجراء عملية تصويت على السلطة التنفيذية الموحدة المؤقتة الجديدة التي تنحصر مهمتها الأساسية بالسير بليبيا نحو الهدف الأهم، وهو الانتخابات الوطنية في 24 كانون الأول/ديسمبر، حيث شهدت مدنتا تونس وجنيف اللتان استضافتا الحوار الليبي، حراكاً حثيثاً ومفاوضات بين المرشحين من جهة وأعضاء الملتقى من جهة ثانية، من أجل ربط اتصالات وخلق توازنات وتوافقات جديدة بين شرق وغرب وجنوب ليبيا للاتفاق حول قوائم مشتركة لتقاسم السلطة.
وبصورة غير متوقعة، اقتنصت قائمة "الدبيبة - المنفي" الفوز لقيادة الفترة الانتقالية في ليبيا، بعد تغلبها على ثلاث مجموعات أخرى من المرشحين الذين انتخبهم 75 مشاركا ليبيا في حوار سياسي برعاية الأمم المتحدة، وسيرأس محمد المنفي مجلساً رئاسياً من ثلاثة أعضاء، بينما سيتولى عبد الحميد الدبيبة منصب رئيس الوزراء، فيما انتقد بعض الليبيين في الشرق هذا الفوز غير المتوقع، معبرين عن خشيتهم مما قد يسمح به أصحاب هذه القائمة، خاصة فيما يتعلق بالقوات العسكرية الأجنبية والمرتزقة.
حيث ينتظر من السلطة الجديدة في ليبيا، حل العديد من الملفات الشائكة، من تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بكافة بنوده والذي وقع في أكتوبر الماضي، متضمناً عدة بنود أبرزها توحيد الفصائل العسكرية، وحل مسألة المرتزقة، ويتوقع مراقبون أن تحاول السلطة الجديدة أن تقنع جميع الأطراف المتنازعة في ليبيا إلى إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة، سواء القوات التابعة لتركيا أو روسياـ إلى جانب معالجة الأزمة الاقتصادية في البلاد، وتنظيم الانتخابات التي اتفق على إجرائها في ديسمبر المقبل.
ترحيب بالسلطة الجديدة
شكّل التصويت الذي أجري في سويسرا من قبل الأمم المتحدة، المرحلة الأخيرة في عملية اختيار رئيس الوزراء والمجلس الرئاسي الانتقالي. ومن المقرر أن تضم هذه الهيئة ثلاثة أعضاء هم رئيس ونائبان له يمثلون طرابلس في الغرب وبرقة في الشرق وفزان في الجنوب.
وقد رحبت، المبعوثة الأممية بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، بانتخاب دبيبة رئيسا للحكومة الليبية، والتي جرت في "أجواء ديمقراطية ونزيهة"، كما أعرب رئيس حكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، عن تمنياته "بالنجاح" لأعضاء السلطة التنفيذية الجديدة التي ستتولى المرحلة الانتقالية في ليبيا، وقال السراج في بيان "نتمنى النجاح والتوفيق لمن اختيروا لتولي المسؤوليات في المجلس الرئاسي الجديد ورئاسة حكومة الوحدة الوطنية.. نأمل أن يعملوا خلال المرحلة القادمة على توفير الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات العامة في موعدها في 24 ديسمبر 2021"، وقد رحب وزير الداخلية، فتحي باشاغا بنتائج الانتخابات.
ورحّب الجيش الليبي بنتائج ملتقى الحوار الذي عُقد في جنيف، وتشكيل السلطة التنفيذية الجديدة، متعهداً بمساعدتها وتسهيل مهامها بغية الوصول إلى موعد الانتخابات المتفق عليه في ديسمبر المقبل، كما دعا الجميع إلى دعم السلطة الجديدة وتسهيل مهامها، والتكاتف لإنجاح خارطة الطريق والوصول لانتخابات رئاسية وبرلمانية.
اقرأ المزيد الحوار الليبي.. تحالفات وصفقات لتشكيل قوائم مشتركة وقوية
وكانت قد رحّبت حكومات ألمانيا وفرنسا وايطاليا والولايات المتحدة وبريطانيا مساء أمس في بيان مشترك بالحكومة الانتقالية الليبية الجديدة، لكنها مع ذلك حذّرت من أن الطريق “لا يزال طويلا”، حيث شدد البيان الذي أصدرته الخارجية الألمانية على أنه “سيتعين على السلطة التنفيذية الموحدة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتوفير خدمات عامة أساسية للشعب الليبي وإطلاق برنامج مصالحة هادف والتعامل مع احتياجات الميزانية العامة وتنظيم انتخابات عامة”، مضيفا أن “الطريق لا يزال طويلا”.
بدورها رحبت موسكو بانتخاب ملتقى الحوار السياسي الليبي، سلطة تنفيذية جديدة ستقود البلاد إلى الانتخابات العامة المزمع تنظيمها أواخر العام الجاري، كما قالت وزارة الخارجية التركية إنّها ترحب باختيار الحكومة المؤقتة الجديدة في ليبيا، معتبرة أنّ تلك الخطوة تمثل “فرصة مهمة للحفاظ على سيادة البلاد واستقلالها ووحدة أراضيها”، كما رحبت وزارة الخارجية المصرية باختيار الحكومة المؤقتة الجديدة في ليبيا، مطالبةً الأطراف الليبية بـ”الاستمرار في إعلاء المصلحة العليا لبلادهم”.
قائمة (المنفي - دبيبة).. وجه آخر للوفاق!
يرى مراقبون للمشهد الليبي، أن الشخصيات الموجودة اليوم لن تكون صدامية، وستحاول أن تقوم بعمل علاقات متوازنة مع كل الأطراف المنخرطة في الصراع الليبي، ولن تصطدم مع أي دولة، حيث تعتبر نتائج الانتخابات، ضمانة لكل مصالحها تركيا ووكلائها في الحكومة المقبلة، ويعتقد مراقبون أن خسارة باشاغا هي مجرد خسارة ورقة، وليس خسارة مصالح.
وعلى الرغم من الترحيب الذي أحاط انتخاب السلطة الجديدة في ليبيا إلا أنه من الواضح أن لتركيا علاقات وثيقة بشكل أو بآخر، سواء مع رئيس المجلس الرئاسي الجديد، محمد المنفي، الذي يعتبر مقرباً جداً من تيار الإخوان المسلمون الذين كانوا يسيطرون على حكومة الوفاق، وبالتالي مقرباً جدا من تركيا، حيث شغل المنفي، منصب سفير حكومة الوفاق السابق، في اليونان، قبل أن تطلب منه الحكومة اليونانية مغادرة أثينا في نهاية 2019، بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين أنقرة وطرابلس، وبحسب وسائل إعلامية محلية، تعود أصول محمد المنفي إلى إقليم طبرق شرق ليبيا، وينتمي إلى نفس قبيلة الزعيم الليبي "عمر المختار"، والتي تدعى "المنفي"، والتي لديها ثقل تاريخي وحضور بارز في المنطقة الشرقية وإقليم برقة.
أما رئيس الحكومة الجديدة، عبد الحميد دبيبة، فهو ليس شخصاً سياسياً، بل رجل أعمال ورئيس مجلس إدارة الشركة الليبية للتنمية "لدكو"، ومؤسس ورئيس "تيار ليبيا المستقبل"، وحاصل على ماجستير في الهندسة من جامعة تورونتو الكندية، وله استثمارات ضخمة جداً في تركيا، وترتبط مصالحه ببعض الشركات التركية، والمهددة بطبيعة الحال في أي لحظة، حيث يرى مراقبون أن الحكومة الجديدة التي تم انتخابها في جنيف ستكون امتداداً لحكومة الوفاق، على الأقل لحفظ مصالح تركيا في ليبيا، ما يعني أن تركيا وإن كانت خسرت باشاغا بشكل شخصي، فقد كسبت مجلس رئاسي جديد وحكومة جديدة، وهذا ما سيتأكد مع الأيام القادمة.
تركيا تتحدى: نحن شركاء "سلام" في ليبيا
أكدت تركيا أن الحكومة الليبية الجديدة تدعم الوجود التركي في ليبيا ولن تعارض الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية التي سبق وأن وقعتها انقرة مع طرابلس، حيث أشار ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى أن الاتفاقيات التي أبرمتها تركيا مع حكومة الوفاق الليبية هي اتفاقيات دولية، ولن تتأثر بمواقف الحكومات الأخرى، وأضاف: أن “الحكومة المؤقتة الجديدة لا تعارض تلك الاتفاقيات ولا الوجود التركي في ليبيا، بل على العكس تدعم الدور التركي هناك”.
اقرأ المزيد الأمم المتحدة: الحوار السياسي الليبي سينعقد في سويسرا مطلع فبراير
حيث تعتبر تركيا أن الاتفاقيات التي وقعتها مع حكومة الوفاق الليبية السابقة، برئاسة فايز السراج، والوجود العسكري التركي في ليبيا لن يتأثرا باختيار الحكومة المؤقتة الجديدة، وأكد مستشار الرئيس التركي، إن الحكومة الانتقالية الليبية تدعم دور أنقرة في ليبيا ولا تعارض الوجود العسكري التركي في البلاد، وأكد أقطاي في تصريحات إعلامية إن "تركيا تتواجد في ليبيا بدعوة من الشعب الليبي وحكومة الوفاق، وأن الحكومة الجديدة لا تعارض هذه الاتفاقيات ولا الوجود التركي في البلاد، بل على العكس تدعم الدور التركي هناك"، ويمثل التدخل العسكري التركي العامل الرئيسي في تصاعد حدة النزاع بين قوات حكومة الوفاق والجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!