الوضع المظلم
الأربعاء ٠٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
حزب الإصلاح الإخواني، والعمالة لتركيا
خالد الزعتر

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر) "هاشتاق" بعنوان "الإصلاح عميل لتركيا "، وهو ما دفعني للكتابة عن العلاقة مابين الإخوان وما بين حزب العدالة والتنمية، والتي لا تعود هذه العلاقة إلى مرحلة الربيع العربي، بل تعود للجذور التي منها تأسس حزب العدالة التنمية في تركيا، وإلى مرحلة السبعينات، حيث يعدّ الترابط الفكري هو الرابط الأساس الذي يجمع مابين الجماعة الإخوانية وحزب العدالة والتنمية التركي.


 فالعلاقة الوثيقة بين تنظيم الإخوان المسلمين وحزب العدالة والتنمية، والذي انخرط أردوغان في سنّ مبكرة في حزب السلامة الوطنية الذي أسّس عام 1972 بزعامة أربكان، وظلّ عضواً في حزبي الرفاه ثم الفضيلة اللذَين شكلهما أربكان، وتعود العلاقة بين الإخوان والأحزاب التي سعى أربكان لتأسيسها إلى حزب النظام الوطني الذي تأسس سنة 1970، على يد نجم الدين أربكان وكان أول تنظيم سياسي بهويّة إسلامية تعرفه الدولة التركية الحديثة منذ سقوط الخلافة عام 1924، وقد تحالف نجم الدين أربكان مع الحركة النورسية، وهي جماعة ممنهجة مثل منهج الإخوان، وتدرس رسائل الإمام البنّا وكتب الإخوان المسلمين، ليؤسّس بعد ذلك حزب "السلامة" وهو الذي يعدّ الذراع الأقوى لجماعة الإخوان المسلمين في تركيا، وهو الذي ولد من رحمه حزب العدالة التنمية.


لم يكتفي أردوغان بأن تخرّج وحزب العدالة والتنمية من مدرسة الإخوان المسلمين، بل سعى إلى توظيف العلاقة الوثيقة والترابط الفكري مابين حزب العدالة والتنمية والفكر الإخواني، إلى محاولة السيطرة على التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وتوظيف الجماعة الإخوانية كأحد أدوات قوة تركيا الناعمة، ما يؤكده ياسين أقطاي مستشار أردوغان عندما سعى لوصف العلاقة مابين تركيا والإخوان، ليؤكد أنّ جماعة الإخوان تعدّ أحد أدوات القوة الناعمة لتركيا في منطقة الشرق الأوسط.


تنظر تركيا إلى الإخوان باعتبارهم وسيلة لاختراق الأنظمة والحكومات، وإيجاد موطئ قدم لها في الملفات العربية، وبالتالي بعد سقوط الإخوان المدوي في مصر والذي شكل صفعة للمشروع التركي، وانحسار دورهم في سوريا، وحالة الشلل التي يعيشونها في ليبيا في ظلّ تقدم الجيش الوطني الليبي، تحاول تركيا الالتفاف إلى الملف اليمني ومحاولة الولوج في هذا الملف عبر حزب الإصلاح أحد أفرع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، في محاولة الاختراق الشرعية اليمنية، وضمان وجود موطئ قدم لها يمكّنها من انتهاج سياسة المناكفة تجاه التحالف العربي لدعم الشرعية اليمينة، وبالتالي تحاول تركيا عبر البوابة اليمنية، وعبر الإخوان "حصان طروادة" أن تعمل على تعويض الخسائر التي لحقت بها في كل من الملف المصري والسوري والليبي جرّاء السقوط المدوي للجماعة الإخوانية فيها.


ربما ما يؤكد ذلك هو أمرين الأول: التحرك الاستخباراتي التركي في الأرض اليمنية وهو ما تؤكده الوثيقة المثبة المتداولة حول دخول ضباط أتراك إلى اليمن، والذين دخلوا بشكلٍ سريّ لمساعدة ميليشيات مرتبطة بحزب الإصلاح، تنتشر وتنشط في محافظات تعزّ ومآرب وشبوة وأجزاء من محافظة أبين، والأمر الآخر هو الإصرار من قبل حزب الإصلاح الإخواني على الاستمرارية في خلق أزمات جانبية لا يستفيد منها سوى الحوثي عبر التركيز على الحشد باتجاه المحافظات الجنوبية ومحاولة إجهاض اتفاق الرياض، وبالتالي فهذه التحركات الإخوانية التي تغرّد خارج سرب الشرعية وخارج المصلحة اليمنية يؤكد أن حزب الإصلاح الإخواني يحاول خدمة مخططات تقودها دول إقليمية وتستهدف بالدرجة الأولى ضرب التحالف العربي، وهدم الإنجازات التي تحققت في سبيل دحر الإرهاب الحوثي.


وبالتالي، فإن ولاء الإخوان في أي دولة ليس للدولة الوطنية بل ولاءهم للتنظيم الدولي الذي تسيطر عليه تركيا وتموّله قطر، وبالتالي لايمكن النظر للإخوان في اليمن بأنهم قد يكونون جزءاً من بناء الدولة الوطنية بل هم جزء من العمل على هدمها والتآمر عليها، وأداة من أدوات تركيا الناعمة لاختراق الحكومات العربية، وبالتالي فإنّ الحفاظ على الإنجازات التي تحققت في سبيل دحر الإرهاب الحوثي والمشروع الفارسي يبدأ بتحصين الحكومة الشرعية من الاختراق التركي وذلك عبر تطهيرها من الإخوان.


في الختام، ستظلّ الحكومة الشرعية تراوح مكانها وتتخبط بوصلتها ما لم يكن هناك تطهير يقتلع القيادات الإخوانية النافذة في الشرعية، حيث يبدو واضحاً أنّ هذه القيادات ترى معركتها الرئيسية مع أبناء الجنوب في عدن، وليس مع الحوثي، يؤكده ما يحدث في منطقة "شقرة" من حشد عسكري وتهديدات باجتياح عدن في خطوة تهدف لضرب اتفاق الرياض.


خالد الزعتر / كاتب ومحلل سياسي ( مؤلف كتاب إيران الخميني ، شرطي الغرب ) وكتاب ( الدويلات العربية ودولة إسرائيل الكبرى ) وكتاب ( التنظيم القطري ، التراكمات التاريخية وعقدة المساحة والبحث عن الزعامة ).


ليفانت - خالد الزعتر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!