الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • حال اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا.. والأنظمة الإقليمية والدولية

حال اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا.. والأنظمة الإقليمية والدولية
رباب المالكي

تتزايد موجات نزوح الأوكرانيين إلى دول الجوار منذ اجتياح الروس لهم والأرقام بازدياد يوماً بعد يوم، حيث سجلت المنظمات الدولية نزوح ما يقارب مليونين ونصف مليون لاجئ أوكراني نزحوا من الصراع كلاجئين إلى دول أوروبا. حيث استقبلت دول الاتحاد الأوروبي، بولندا وهنغاريا وسلوفاكيا ورومانيا، قرابة مليوني لاجئ من جارتهم أوكرانيا.

استقبلت بولندا الحدودية مع أوكرانيا قرابة مليون ونصف مليون لاجئ، وهنغاريا على الحدود أيضاً استقبلت 215 ألف لاجئ، وسلوفاكيا، الجارة الغربية لأوكرانيا، 165 ألف لاجئ، ورومانيا الواقعة على حدود أوكرانيا استقبلت قرابة 85 ألف لاجئ، كما أن دول الجوار الأوكراني التي لا تنتمي للاتحاد الأوروبي استقبلت 180 ألف لاجئ فروا من النزاع المسلح مع روسيا إلى روسيا التي اجتاحت بلدهم بما يقارب المائة ألف لاجئ، واستقبلت مولدافيا الحدودية مع أوكرانيا 80 ألف لاجئ، وما يقارب الألف لاجئ توجهوا إلى بيلاروسيا، الجارة الشمالية، التي اجتاحت منها القوات الروسية شمال أوكرانيا. كما أن 255 ألف لاجئ أوكراني فروا من النزاع المسلح إلى دول أوروبا المتفرقة.

مع استمرار الصراع المسلّح في أوكرانيا، فإن دول الاتحاد الأوروبي ستتحمل العبء الأكبر للاجئين الأوكرانيين، حيث يتضح لنا من خلال الأرقام التي سردتها، أن ما يقارب 80٪؜ من اللاجئين الأوكرانيين تم استقبالهم في دول الاتحاد الأوروبي، وقد يكون الأوكرانيون المتحدثون بالروسية أو البيلاروسية هم من سيتوجهون إلى روسيا وبيلاروسيا. ولكن السؤال الذي يدور في الأذهان، هل سيتم معاملة الأوكرانيين ضمن القوانيين الدولية أم سيكون هنالك استثناءات من دول الاتحاد الأوروبي للاجئين الأوكرانيين؟

تلتزم الدول التي وقعت على الاتفاقيات الدولية التي تتعلق باللاجئين، بكل مسؤوليتها تجاه اللاجئين، من خلال تنظيم ذلك بواسطة المفوضية العليا للاجئين بالأمم المتحدة. حيث تم استحداث اتفاقية الأمم المتحدة عام 1951 وذلك بعد الحرب العالمية الثانية بسنوات قليلة نتيجة موجات النزوح والفرار من الصراع الدائر بين الدول العظمى في الحرب العالمية الثانية. واستحدثت الأمم المتحدة بروتوكول 1967 الخاص باللاجئين. كما أن الأقاليم حول العالم لديها اتفاقياتها الخاصة بما يتعلق باللاجئين، وتضاف إلى ما تم استحداثه في الأمم المتحدة أعوام 1951 و1967.

وبما أننا في الأزمة الأوكرانية، فسوف نلقي الضوء على القوانين الخاصة في الدول الأوروبية حال نشوب صراع أوروبي، وبالتالي فرار السكان بحثاً عن اللجوء. حدث ذلك لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية بأكثر من خمسين عاماً، حين اشتعلت الحرب اليوغسلافية بين الصرب والكرواتيين والبوسنة، وفر الأبرياء من ذلك النزاع الدموي. حينها استحدث الأوروبيون عام 2001 قانوناً لحماية اللاجئين الفارين من الحرب اليوغسلافية، وهو امتياز لسكان الدول الأوروبية دون غيرهم.

قانون Temporary Protection Directive الذي استحدث في الحرب الوحيدة التي حصلت في داخل أوروبا منذ انتهاء النزاع الدموي في الحرب العالمية الثانية، تم في هذه الأيام طرحه مجدداً للحالة الأوكرانية، حيث إن النزاع الأوكراني يعتبر داخل القارة الأوروبية. صوت أعضاء برلمان الاتحاد الأوروبي المفوضين من دولهم في الاتحاد لتفعيل قانون الحماية المؤقت ويعتبر القانون نافذاً من تاريخ 24 فبراير وسيستفيد كلاً من المواطنين الأوكرانيين وغير الأوكرانيين المقيمين إقامة نظامية في أوكرانيا، ويستثنى من ذلك أصحاب الإقامة القصيرة في أوكرانيا للسياحة مثلاً.

كما ذكرت أن الأقاليم حول العالم تتبع أنظمة الأمم المتحدة بما يخصّ اللاجئين من خلال اتفاقية 1951 وبروتوكول 1967، ولكن التشريعات الإقليمية لها دور كبير أيضاً في حماية اللاجئين، كما أشرنا لقانون الحماية المؤقت الذي استحدث في الحرب اليوغسلافية، وبعد ذلك في الآونة الأخيرة مع الحرب الأوكرانية. فيتم حوكمة ذلك بأن تقوم الدول بالتزاماتها التي أيدتها من خلال الاتحاد الأوروبي، حيث على دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء استقبال كل اللاجئين، سواء كان هؤلاء اللاجئون مواطنين أوكرانيين أو مقيمين بشكل نظامي، وكذلك أيضاً تقوم الدول بالتزامها مع الأمم المتحدة بتسجيل اللاجئين أيضاً من خلال المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.

دول الاتحاد الأوروبي تستعدّ حالياً لاستقبال المزيد من اللاجئين الأوكرانيين في دولهم، حيث تم تسجيل 80 ألف لاجئ أوكراني في ألمانيا، وبالنسبة لفرنسا فتم الاستعداد لمائة ألف لاجئ أوكراني. أما إيطاليا، والتي تعتبر أحد أكثر الدول الأوروبية من حيث تواجد الجالية الأوكرانية على أراضيها، فإنها بصدد تسجيل 20 ألف أوكراني، وتستعد لأن يكون على أرضها 800 ألف شخص قادمين من الأراضي الأوكرانية. كما أن كلاً من إسبانيا واليونان ستستقبل عدداً محدوداً قد لا يتجاوز العشرين ألف لاجئ لكلتا الدولتين.

أما دول أوروبا التي لا تندرج ضمن دول الاتحاد الأوروبي، وهنا أذكر المملكة المتحدة وسويسرا والنرويج وغيرها، فتلتزم هذه الدول بما تنصّ عليه اتفاقية 1951 وبروتوكول 1967. ولا يمكن إلزام هذه الدول من خلال منظومة الاتحاد الأوروبي التي لا تشملها. لذا فإن المملكة المتحدة رفضت أن تفتح حدودها كما طلب الاتحاد الأوروبي ذلك، واقتصرت بأن يكون هنالك حق للتقديم على فيزا بسبب الأحوال الإنسانية أو لم شمل العائلة، وغير ذلك لم يتم إقراره حتى الآن في بريطانيا.

حالياً قرابة مليونين ونصف مليون لاجئ فروا من جحيم الصراع، وقد يكون ضعف هذا العدد في الأيام القادمة، خصوصاً مع فتح دول الاتحاد الأوروبي للاجئين من خلال تشريع دخول المواطنين الأوكرانيين والمقيمين في أوكرانيا. سيكون الخيار الأوروبي متاحاً لجميع المواطنين في أوكرانيا دون استثناء، وبالتالي فإن موجات النزوح من بلد تحرقه الحرب ويقتله الفساد قد تكون الأعلى في هذا القرن. أوكرانيا بلد يقطنه قرابة الـ45 مليوناً وليس كما كان في يوغسلافيا. فهل ستواجه أوروبا موجة لا ترحم من اللاجئين؟

 

ليفانت – رباب المالكي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!