-
جكرخوين ونوروز.. الشاعر الكردي المولود في يوم الربيع والانتفاض
في الواحد والعشرين من مارس من عام 1903، (في يوم عيد النوروز)، ولد في قرية "هيسار" الكردية القريبة من مدينة ماردين، داخل الدولة العثمانية آنذاك، (والآن في جنوب شرق تركيا)، الشاعر الكردي "جكرخوين"، والذي يعني في اللغة الكُردية “الكبد الدامي”، واسمه الحقيقي "شيخموس حسن علي"، ووالدته "عيشانه".
اقرأ أيضاً: إقليم كردستان.. اجتماع الأحزاب الكردية لبحث الانتخابات بحضور بلاسخارت
بعد ولادته، هاجرت أسرته إلى بلدة عامودا (شمال سوريا) لاجئين فروين من بطش الاتراك، وقد توفي والده ووالدته بعد وصولهما إلى عامودا بفترة قصيرة، فتبناه أخوه خليل وأخته آسيا، وقد تنقل شيخموس بين القرى والبلدات الكردية في سوريا، ثم رحل إلى كردستان العراق وإيران، حيث تعرف على واقع الشعب الكردي وقد استقر بعد عودته في قرية تل شعير لمتابعة دراسته الدينية عند الشيخ عبيد الله، ومن ثم الإمام فتح الله حتى حصل على إجازته الشرعية في العلوم الدينية (الملا).
أعماله ودواوينه..
لدى جكرخوين ثمانية دواوين تحكي قصص الكفاح الكردي والتقلبات السياسية الذي عاشها الكرد خلال فترة حياته، والفخر بانتمائه الكردي وخطبه السياسية والتي كانت تحمل العديد من الدلالات السياسية والإنسانية، وهو ما يفسر سر الكلمات الخشنة التي احتشد بها شعره على حساب استعمال الألفاظ الرقيقة.
كما عمل جكرخوين بين عام 1918 حتى 1920، كعامل في إنشاء الخطوط الحديدية، وراعياً، وترك قريته وتوجه إلى مدينة ديار بكر، حيث عمل وتعلم هناك في آن واحد، فأنهى تعليمه خلال ثماني سنوات، ثم بدأ بالتنقل من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى قرية في المناطق الكردية في (تركيا، إيران، العراق وسوريا)، والتي يعتبرها الكرد "كوردستان"، وتعرف عن قرب على وضع شعبه الكردي في كل مكان.
اقرأ أيضاً: في أورمية الكردية بإيران.. مقتل مُحتج خلال مظاهرات
وقد تزوج عام 1928 وحصل على لقب (سيدا) بسبب دراسته الدينية، وفي بداية الثلاثينات تمرد على الأفكار الدينية الرجعي، فرمى وتجرد من لباسه الصوفية (الجبة والعمامة) وبدأ بمهاجمة الشيوخ والآغوات بشعره الثوري المعبر عن وضع الشعب الكردي، ومن المفارقات أنه قد ظهر من بين المشايخ من يؤيد وبكل قوة أفكار جكرخوين الإصلاحية والتحررية، فوقف هؤلاء إلى جانبه.
نشاطاته التنظيمية..
بعد فترة توجه إلى عامودا، والتقى مع شباب عامودا الوطنيين وأسسوا (نادي الشباب الكردي) الذي لم يدم طويلاً، بسبب تدخل سلطات الاحتلال الفرنسي، وقد مدح تأسيس ذلك النادي، والعام 1946 انتسب إلى حركة خويبون، وبدأ العمل النضالي المنظم وفي العام 1949، أصبح مؤزراً ورفيقاً للحزب الشيوعي، وبدأ نضاله الأليم، حيث الاعتقال والسجن والتعذيب وناضل حتى عام 1957.
وذات يوم كان رئيساً للجنة السلام الشيوعية في منطقة الجزيرة، والعام 1958 بدأ بتأسيس حركة آزادي وبعدها تتحد الحركة مع الحزب الديمقراطي الكردي، والعام 1959 كلف بتدريس اللغة الكردية في جامعة بغداد، وعاد إلى عامودا العام 1962، منذ العام 1957 عضو في اللجنة المركزية انتخب وبالإجماع من قبل هذه اللجنة في المؤتمر العام في تلك السنة 1969، عاد إلى كردستان العراق، حيث أصبح يشارك في قيادة الانتفاضة الكردية من قبل مصطفى البارزاني، وبقي سنة كاملة.
اقرأ أيضاً: وكالة.. الحرس الإيراني يهاجم القوات الكردية في إقليم كردستان
وفي عام 1973 ذهب الى لبنان، حيث نشرت له على نطاق واسع ديوانه الشعري Kîme Ez (من أنا؟)، وفي عام 1976، عاد إلى سوريا، لكنه لم يستطع مواصلة الحياة فيها أمام تغوّل الدولة الأمنية التي كان يقودها حزب البعث، مما اضطره للسفر يسافر أوروبا في العام 1977 واستقر في دولة السويد، حيث كان قادراً على نشر عدة دواوين شعرية في السويد.
كما أسس محطة إذاعية وأعاد إصدار جريدة “روجانو” التي كانت تصدر في بيروت في الأربعينات، وأصدر في السويد ثمانية دواوين شعرية، وتوفي سنة 1984، ونقل جثمانه ليدفن في مدينة القامشلي حسب وصيته.
خصائص شعره..
تأثر "جيكرخون" بشعراء الكُرد الكبار، من أبرزهم الشاعر الكُردي (ملاي الجزيري) والشاعر الكُردي (أحمدي خاني) الذي أبدع شعراً ملحمة مم وزين، ويقول جكرخوين في مذكراته عن تأثره بالشعر الكُردي القديم: “اذا ما رأيتموني أحلق في السماء، فاعلموا أنني أحلق بجناحيي الشاعر ملاي الجزيري”.
ويعدّ جكرخوين من أشهر شعراء الكُرد المعاصرين في فترة خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي، وكان مدرسة شعرية خاصة قلدها الكثيرون من شعراء الكُرد، وما زالت حتى اليوم، تؤثر هذه المدرسة على الكثير من الشعراء، وقد كتب الشعر الكلاسيكي وشعر التفعيلة وكذلك قصيدة النثر، كما برع في تجسيد الحياة الكُردية والآلام والمحن التي مر بها شعبه الكُردي.
اقرأ أيضاً: صديقي الكاتب الكردي الذي لا أستطيع أن أقرأه
كان ملتزماً بقضايا أمته ومصيرها مع إصراره على الكتابة باللغة الكُردية بلهجته الكرمانجية على الرغم من الصعوبات التي تعرض لها، وكان يعلق على ذلك بقوله “إذا كتبت بلغة الآخرين فإن لغتي ستضمحل وتموت أما إذا كتبت بلغتي فإن الآخرين سيحاولون قراءة وكتابة لغتي”، وقد نظم قصائد رائعة وجميلة عن حق الفلاح في الأرض، وحقوق العمال، وكان ذلك نتيجة لمشاهداته ومعاينته المباشرة لأحوال الفقراء والفلاحين، والظلم الذي كان يقع عليهم من الإقطاع والأغوات ورجال الدين الذين كانوا يمشون في فلكهم.
وتنوعت مواضيع قصائده، وتجاوزت المحلية، فنظم قصائد عن معركة (ديان بيان فو) الفيتنامية، وأخرى للمغني الأفريقي (روبسون)، وكذلك أبدع في القصة الشعرية كقصيدة (عجوزة آل قمشي) التي يحكي فيها قصة قرية (آل قمشي) الكُردية التي دمرها الجنود الأتراك، كما أبدع في الغزل، وله عشرات القصائد الغزلية.
مؤلفاته باللغة الكردية:
سخر الشاعر إمكانياته لخدمة كردستان وأبنائها، فوضع كتاب (قواعد اللغة الكُردية)، وكذلك ألف قاموساً في اللغة الكُردية من جزأين، كما قام بنظم المخطوطة التاريخية (شرفنامة المنظومة) التي كانت مكتوبة بخط (الملا عبد الهادي دير كا جياي مازي) عام 1942 وهي تتألف من 742 مقطعا شعرياً، وتعتبر وثيقة تاريخية تحكي أحوال زعماء الأكراد ومكانتهم، ألفها (شرفخان البدليسي) عام 1005 هجرية باللغة الفارسية حول أنساب العشائر والأمراء الكُرد.
اقرأ أيضاً: الأرضية المشتركة للتحالف العربي الكردي
وأصدر مجلة كلستان (أرض الزهور) عام 1968 اهتمت بالأدب والشعر والترجمة، لكن حينما اعتبرت الكتابة باللغة الكُردية جريمة اضطر لإغلاقها، إلا أنه ظل يكتب بلغته حتى وافته المنية.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!