الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • جميل هورو.. ذاكرة عفرين التي همشتها السلطة وأنكرت حقيقتها

جميل هورو.. ذاكرة عفرين التي همشتها السلطة وأنكرت حقيقتها
جميل هورو \ ليفانت نيوز

تضم سوريا كثيراً من المكونات العرقية والدينية والطائفية، التي تجعل منها بلداً متنوعاً، يستلزم قيادته وجود نظام سياسي يعترف بها ويمنحها حقوقها وحرياتها، وهو ما فشلت فيه السلطة المركزية في دمشق، طوال عقود من حكم حزب البعث ذو النفس القوموي الإنكاري، الرافض للإقرار بوجود مكونات سورية خارج توافقه.

وبالصدد، عانت المناطق الكردية في شمال سوريا، من حالة الإنكار السلطوي، التي دفعت المكون الكردي إلى الانطواء، فيما وقعت مهمة حماية التراث والحفاظ على الموروث الثقافي الكردي، على الفنانين الشعبيين الذي وضعوا قضايا منطقتهم نُصب أعينهم، وكان منهم في عفرين، الفنان الشعبي الشهير "جميل هورو".

بداية الحياة الفنية لـ جميل هورو

هو "جميل رشيد علي هورو" الذي ولد في العاشر من مارس للعام 1934، في قرية سعرينجك بريف عفرين، وعندما كان في العاشرة من عمره، تتلمذ في قرية جولاق على تجويد وتلاوة الآيات القرآنية، والتي شكلت أساساً متيناً للنغمة الموسيقية لديه، واكتشف إنه يملك حنجرة ذهبية، وهو يتلو الآيات أو بعض الأناشيد المدرسية والدينية، ليترك التعليم الديني، ويبدأ حياته مع الأغنية الكُردية في الأعراس والاحتفالات العفرينية.

اقرأ أيضاً: المُضايقات والتنمر يدفعان أهالي عفرين لإخراج أبناءهم من المدارس

وفي منتصف الستينيات عامي 1965 و1966، سجل أولى ألبوماته وإسطواناته في أستوديو بحلب مثل أغاني؛ (Memê Alan, Feteh beg, Ûsib Şer, Xana Dinê, Eyşa Îbê, Dizo, Cebelî, Xemê Zalim, Tosino, Wey lawo.. Lo bavo) ..  وغيرها الكثير من الأغاني التراثية الفولكلورية مع بعض الأغاني الخاصة به مثل أغنيته الأخيرة “لو بافو”.

ورغم أنها كانت تلك المرحلة الأولى من مشواره الفني، لكن ونتيجة الملاحقة الأمنية غادر البلد عام 1970م إلى تركيا، وحتى قبل ذلك فقد زار تركيا عدد من المرات وسجل مع الفنانة الكُردية الشهيرة "عيشه شان"، وقد عزف لهما عارف صاغ الموسيقي الكُردي المعروف في تركيا، كما وفي لقاء جمع بينه وبين عدد من المطربين الكُرد في تركيا، من بينهم نوري سوزكوزل، رفع الأخير قبعته إحتراماً وتقديراً للفنان الراحل جميل هورو، وذلك بعد أمسية غنائية مشتركة.

الملاحقات الأمنية لـ جميل هورو

تعرض هورو نتيجة نشاطه السياسي للإعتقال والملاحقة والسجن، في فترة الوحدة بين سوريا ومصر 1958، حيث نال منه تعذيب شديد على مدى ثمانين يوماً، كونه قام مع ثلاثة آخرين من رفاقه بإشعال شعلة نوروز، حيث كان من أوائل من أوقد شعلة نوروز في عفرين، رغم الإجراءات التعسفية لمنع الاحتفالية.

اقرأ أيضاً: ضرائب وإتاوات جديدة على موسم الزيتون في عفرين

ونتيجة الملاحقات الأمنية، اضطر إلى الهروب إلى تركيا، وهناك أمضى ردحاً من الزمن، وقد سجل مع الفنانة الكُردية عيشة شان إسطوانة ذاع صيتها بين الأوساط الكردية في كل مكان، إلى جانب صلته وثيقة بالمطرب الكردي التركي نشات أرتاش.

ثم انتقل إقليم كردستان العراق وبقي فيها فترة من الزمن، في مدينة زاخو، حيث تغنّى بالثورة الكردية ورموزها النضالية، عبر عدة أغنيات منها " ليلى قاسم" و "بارزاني" و "شيخ سعيد بيران" و "نوزوز " و "أيها القدر".

مساهمته الفنية

ومن أبرز الحفلات التي شارك بها الراحل جميل هورو، كانت حفلة سوق الإنتاج في حلب صيف عام 1972 مع عدد من الفنانين الكرد والعرب، وكذلك حفلة سينما ريفولي وحفلة جمعية اليرزة اللبنانية في لبنان مع الفنان الراحل عارف جزراوي، بالإضافة إلى احتفاليات أعياد نوروز في عدد من المدن السورية.

وقد أغنى هورو المكتبة الفنية الكردية بالعديد من التسجيلات والأغاني الفولكلورية والتراثية بالإضافة إلى أغانيه الخاصة وقد سجل عدد من الألبومات في تركيا مثل: Bedev, “Bedew” can. - Salih bey, “beg”. Lo lavo, “lo lawo”. Mem û Zîn.  Teyar axa.)، مما جعله أحد أهم الرموز الغنائية العفرينية، فيما فارق جميل هورو الحياة، في سبتمبر العام 1989، إثر مرض عضال، ودفن في مقبرة "زيارة حنان" الشهيرة، القريبة من قرية مشعلة بريف عفرين، بجانب مقام السياسي الكردي البارز “نوري ديرسمي”.

اقرأ أيضاً: عفرين.. مُعاناة الكوادر العلمية وحاملي الشهادات من انعدام فرص العمل

ولعل أهم ما يمكن الإشارة إليه في حياة فنانيي المكون الكردي في سوريا، ومنهم في عفرين، هو أن "هورو" ورفاق دربه، ساهموا بغنائهم في الحفاظ على تراث عفرين وحماية هويتها، وهي الهوية التي لطالما أنكرتها السلطة المركزية في دمشق، ولطالما حلمت بصهر كل السوريين على اختلاف تلويناتهم في بوتقة من لون واحد، تلبي شعاراته التي كان يتغنى بها، وبرهن الزمان على أنها كانت السبب الأساس في تدمير سوريا، وإيصالها إلى ما هي عليه اليوم.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!