الوضع المظلم
السبت ٢٧ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
جاهلية نظام ولاية الفقيه في إيران قبَّحت وجه التاريخ
سامي خاطر

لكل أمة جاهلية وإن اختلفت عن غيرها في جانب تشابهت معها في جوانب أخرى، وقد كان للعرب جاهلية قبيحة وكانت أحد جوانب قبحها تلك المتعلقة بالنساء؛ لكن جاهلية الملالي أقبح منها، فقد كان العرب قبل الاسلام يأدون بناتهم خشية الفقر والعار، وهنا نعني بعض العرب وخاصة الفقراء منهم وليسوا جميعاً وإلا انقطع نسلهم واستخلف الله قوما غيرهم في ديارهم، وقد كان عذرهم أنهم عاشوا حياة من الجهل والفقر والوثنية، وبعد أن كرم الله البشر بالإسلام ماتت قضية وأد البنات وذهبت مع الجاهلية الأولى بلا رجعة.

نعم، هذا صحيح بيد أن نظام ولاية الفقيه في إيران ما يزال نظاماً جاهلياً قائماً على الحكم بالاستبداد المدعي بالدين والدين منه برا ء، إذ يحرم هذا النظام الشعب الإيراني من حقوقه الأساسية، ويفرض عليه سلطةً شمولية تتحكم في كل جوانب حياته.

ومن مظاهر جاهلية هذا النظام ما يلي:

  • الاستبداد الديني: يقوم هذا النظام على نظرية ولاية الفقيه ما يمنح الولي الفقيه الخالي من الفقه وحاشيته سلطة سلطة مطلقة على الشعب الإيراني بما في ذلك السلطة السياسية والاقتصادية والقضائية، مما يحرم الشعب من حقه في اختيار ممثليه ويجعلهم كما العبيد للفقهاء.
  • الحرمان من الحقوق الأساسية: يحرم هذا النظام الشعب الإيراني من حقوقه الأساسية كحق التعبير وحق التجمع وحق التظاهر، ويفرض على الشعب قيوداً على الحريات الدينية والثقافية والاجتماعية.
  • النظام الشمولي: يسعى هذا النظام إلى السيطرة على كل جوانب حياة الشعب الإيراني بما في ذلك حياته الدينية والثقافية والاقتصادية ويعزز مساعيه بالسطوة الأمنية القمعية مما يحرم الشعب من استقلاله وحريته.

لقد قبَّحت جاهلية هذا النظام وجه التاريخ ووجه القبح ذاته إذ تسبب نهجه في صياغة وفرض معاناة قاسية ممنهجة ومتوالية على الشعب الإيراني كمن هو مُكلف بالانتقام من هذا الشعب، وقد تسبب هذا النظام القروسطي في تهميش المرأة، وانتشار الفقر والبطالة وانتهاك حقوق الإنسان وغير ذلك.

والحقيقة هي أن وأد البنات وكراهية الإناث ما يزالان قائمين في ظل حكم ملالي ولاية الفقيه الرجعية بعد أكثر من 1445 سنة من قدوم الإسلام، رغم إدعائهم بولائهم وإخلاصهم لآل بيت رسول الله (ص) وبأنهم أهل الرحمة، واستناداً إلى أفعالهم المتعلقة بجريمة أشبه بوأد البنات في الجاهلية يكونوا قد قبَّحوا وجه الجاهلية الأولى ووجه التاريخ الظلامي الرجعي بقتلهم للبنات، وتسميمهم لبنات المدارس، وقد أدانت المنظمات الدولية هذه الجريمة الشنعاء التي تؤكد أن نظام الملالي ليس على الدين الإسلامي.

ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش؛ فإن وأد البنات لا يزال مشكلة خطيرة في إيران، حيث يُقتل ما بين 5000 و10000 فتاة سنويا، وغالباً ما يتم قتل البنات الرضيعة عن طريق الاختناق أو الدفن أو الغرق.

وهناك العديد من الأسباب التي يعزز وجودها نظام الملالي في المجتمع وتتسبب في انتشار ظاهرة وأد وقتل البنات في إيران، ومن بينها:

  • القيم الذكورية السائدة: تفضل المجتمعات الذكورية الذكور على الإناث، وغالباً ما يُنظر إلى البنات على أنهن عبء مالي على أسرهن.
  • الافتقار إلى التعليم: تُحرم العديد من الفتيات الإيرانيات من التعليم مما يجعلهن أكثر عرضة للزواج في سن مبكرة وأكثر عرضة للعنف الأسري وبالتالي الأمومة المبكرة والطلاق، وفي الغالب ما يؤدي العنف الأسري إلى كراهية والقتل العمد من قبل الرجل أو من قبل المرأة دفاعا عن النفس وهنا لا يعتبر قانون الملالي أن ذلك دفاعا عن النفس ويطبق عقوبة الإعدام على المرأة .
  • الافتقار إلى الحماية القانونية: لا توجد قوانين في إيران تحمي البنات من الوأد والقتل وقتل الشرف، ولذك تقدم الكثير من الفتيات على الانتحار أو الهروب من المنزل.

ويُعد وأد البنات بكافة أشكاله جريمة وحشية تُنتهك فيها حقوق الإنسان الأساسية للفتيات، ولا يقوم نظام الملالي بأي إجراءات من شأنها أن تردع ذلك وتجرمه وتوقف هذا النوع من الجرائم، وكل استخفاف بأرواح البنات هو وأد.

لفت انتباهي وآلمني تقريرٌ مثير للحزن والألم صادرٌ بخصوص أحداث شهر أكتوبر عن لجنة المرأة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية حول مقتل الطفلة آرميتا كراوند وهي في الـ 16 من العمر،  أي لا زالت طفلة، وأدعى نظام الملالي المتأسلم كذباً أن هذه الطفلة قد سقطت على الأرض بسبب انخفاض ضغطها ودخلت في غيبوبة، علماً بأن هذه الطفلة المغدورة لاعبة تايكوندو وحاصلة على عدة جوائز، أي أنها رياضية وليس لديها مشكلة فيما يتعلق بالضغط لأنها من الطبيعي كرياضية أن يكون نظامها الغذائي منضبط ، كما أن من يسقط على الأرض بسبب إنخفاضٍ في الضغط لا يحدث له نزيف دماغي ولا يدخل في غيبوبة، إلا أن هذا هو نهج الملالي وهذه طباعهم التي فُطروا عليها ولم يستعيروها ولم يشتروها من أحد.

تذكرني آرميتا كراوند بواقعة الفقيدة مهسا أميني المشابهة، وكذلك بمقتل نيكا شاكرمي وسارينا إسماعيل وكثير من الفتيات الإيرانيات الصغيرات، وكذلك فتيات المدارس اللائي تعرضن إلى هجمات كيميائية منهجية منظمة.

نظرة أصحاب الديانات الأخرى لملالي إيران

لا يعترف الغالبية العظمى من المسلمين ومن الشعب الإيراني بأن نظام الملالي نظام إسلامي أو ذو قيم عقائدي سليمة ويعتبرونه مشوها للإسلام الحنيف وقيمه السمحاء، وينظر أصحاب الديانات الأخرى لملالي إيران نظرة سلبية وذلك بسبب انتهاكاتهم لحقوق الإنسان بما في ذلك وأد البنات، ويرون أن ملالي إيران يستغلون الدين لتحقيق أهدافهم السياسية، وأنهم كذلك لا يمثلون الإسلام الحقيقي.

ويقول أصحاب الديانات الأخرى أن وأد البنات جريمة وحشية لا يمكن تبريرها بأي دين، ويؤكدون أن الإسلام يدعو إلى المساواة بين الجنسين، وأن وأد البنات مخالف للشريعة الإسلامية، ويأتي مقتل آرميتا كراوند وغيرها من الفتيات اللائي سُلِبن حق الحياة شكلاً آخر من أشكال وأد البنات في ظل سلطة نظام الولي الفقيه.

خلاصة القول: إن تلك الجرائم التي يرتكبها نظام الملالي بحق الفتيات والأطفال جرائم لا يمكن لحر في هذا العالم أن يقبل بها ويسكت عليها، ولا علاقة للإسلام بها بل هي في الإسلام إهلاك للحرث والنسل، لكن الغرب تغاضى عنها وعن كل جرائم نظام ولي الفقيه التي بيضت وجه إبليس، قال الله تعالى: " قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ "

 من يتولى أمر العباد فليتقي الله فيهم وليكن من المسلمين.

ليفانت - د . سامي خاطر  

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!