الوضع المظلم
الأحد ١٢ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • تونس.. قروض وأوضاع اقتصادية صعبة لتجاوز المرحلة الحرجة

تونس.. قروض وأوضاع اقتصادية صعبة لتجاوز المرحلة الحرجة
تونس.. وقيس سعيد

خفضت وكالة موديز في منتصف أكتوبر العام 2021، التَّرقيم السيادي لتونس من "ب3" إلى "سي أ أ" مع آفاق سلبية، بجانب مراجعتها ترقيم البنك المركزي التونسي، نحو الانخفاض من "ب3" إلى" سي أ أ 1" مع المحافظة على آفاق سلبية.

جاء ذلك مع مُعاناة الاقتصاد التونسي من صعوبات هيكلية، زادت حدتها إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد، عن تجميد أشغال البرلمان وإقالة الحكومة في 25 يوليو/تموز 2021، بينما كانت البلاد تقترب من توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 4 مليارات دولار من أجل توفير موارد للموازنة والقيام بإصلاحات اقتصادية.

قرض دولي

لكن ذلك لم يمنع تونس من محاولة تخفيف العبء عن التونسيين، بالتوازي مع مرور البلاد بمرحلة استثنائية صعبة، في ظل رغبة الرئيس التونسي إنقاذ بلاده من أتوب حرب أهلية، كانت حركة النهضة وباقي جوقة الإسلام السياسي تقود البلاد إليها، عبر المناوشات المستمرة مع البرلمانيين، والتي وصلت إلى حد ارتكاب عمليات اعتداء بدني تحت قبة البرلمان.

وضمن مساعي الدولة التونسية لتخفيف وطأة الازمة الاقتصادية عن مواطنيها، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، في التاسع من مارس الماضي، الحرب على المضاربين في المواد الغذائية، وقال في بيان رئاسي إنه سيشن "حرباً لا هوادة فيها على المضاربين والمجرمين"، متهماً إياهم بالسعي "لضرب السلم الاجتماعي والأمن"، كما أعلن أنه يعمل على تشريع ينص على عقوبات بالسجن بسبب المضاربة على الطعام والمواد الغذائية، فيما كانت تعيش تونس نقصاً حاداً في المواد الغذائية الأساسية، مثل الأرز والسميد والسكر والدقيق خلال مارس الماضي، حيث أعلنت السلطات مراراً عن ضبط كميات مخزنة بشكل غير قانوني.

اقرأ أيضاً: الجزائر تعيد فتح حدودها مع تونس بعد إغلاق دام أكثر من عامين

وفيما بعد، تمكّنت تونس من الحصول على قرض قد يساهم في لملمة الجراح الاقتصادية في الجسد التونسي، حيث قرر البنك الدولي في بداية أبريل الماضي، منح تونس قرضاً بقيمة 400 مليون دولار، قيل أنه سيخصص لتمويل مشروع للحماية الاجتماعية، وستعمل على تنفيذه وزارة الشؤون الاجتماعية التونسية، حيث تضمنت اتفاقية ذلك القرض، على أن فترة التسديد ستستمر على مدار 17 عاماً، وبنسبة فائدة لا تتعدى 1%، سيخصص لدعم الفئات الهشة، لاسيما، الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود، وذلك بغية تعزيز قدراتها على الصمود أمام تداعيات جائحة كوفيد-19.

وأوردت حينها، وكالة الأنباء التونسية عن وزير الشؤون الاجتماعي، مالك الزاهي، ذكره في أعقاب التوقيع على تلك الاتفاقية، إن هذا القرض "سيساهم في تمويل مشروع برنامج الأمان الاجتماعي، وسيمكن من الترفيع بنسبة من 8 إلى 10 % من المنتفعين من العائلات الفقيرة"، مردفاً أن المشروع "سيشمل العائلات محدودة الدخل، بالإضافة إلى تخصيص جزء من هذا التمويل لفائدة العائلات الفقيرة التي لديها أطفال دون الست سنوات للتمتع بمنحة شهرية قدرها 30 ديناراً (10.34 دولار)".

تسديد ديون

إلا أن مساعي الدولة التونسية، لا يمكن لها ألا تتأثر بالتدخلات الخارجية، حيث أفصحت نجلاء بودن، رئيسة الحكومة التونسية، في بداية مايو الماضي، بأن التخفيضات المتواترة للترقيم السيادي، حالت دون تعبئة التمويلات الخارجية بالقدر المطلوب، كاشفةً خلال كلمة لها بمناسبة إحياء تونس الاحتفال بعيد الشغل، أنه لم يسبق لبلادها أن واجهت صعوبات متشابكة في تاريخها الحديث، تجسدت في ضعف النشاط الاقتصادي على مدى أكثر من عقد، وتقلص نسبة النمو بسالب 8.7% وانخفاض الاستثمار الخاص وتراجع الاستثمار العمومي وتفشي الاقتصاد الريعي والفساد والمنافسة غير المشروعة.

اقرأ أيضاً: الرئيس التونسي يعدل مشروع الدستور الجديد بشكل طفيف

كما شددت بودن على أن الوضعية الخانقة للمالية العمومية، ساهمت في انخفاض النمو الاقتصادي، لكنها أكدت بإن الحكومة نجحت رغم المصاعب في تسديد الديون الداخلية والخارجية، وفي صرف الأجور في آجالها وتأمين الاحتياجات الضرورية من المواد الغذائية الأساسية، في نفس الوقت الذي تواجه فيه تونس التهريب عبر الحدود والمضاربة غير المشروعة، بجانب النجاح في تأمين الحد الأدنى من الإعانات الاجتماعية وتوفير احتياطي مقبول من العملة الأجنبية.

 نافيةً وجود أي نية للدولة في التفويت في المؤسسات العمومية ذات الطابع الاستراتيجي، مشددةً على تلك المؤسسات ستحظى ببرامج إعادة هيكلة انطلاقاً من عمليات تدقيق، موضحةً أن الدولة ستتحمل مسؤوليتها في الدور التعديلي عبر إرساء إطار تشريعي وترتيبي ناجح، قائلةً إن هناك قائمة سيجري ضبطها للمؤسسات الناشطة في القطاعات الاستراتيجية، إلى جانب إرساء أسس حوكمة جديدة للمؤسسات العمومية ترتكز على الشفافية.

محادثات إيجابية

وضمن إجراءات التخفيف عن مواطنيها، خاضت تونس مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار، فيما دعا الصندوق إلى خفض العجز المالي وخفض فاتورة الأجور، والحد من دعم الطاقة مع إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة العامة والاستثمار وحماية الإنفاق الاجتماعي الموجه للمستحقين، وتعزيز عدالة النظام الضريبي، وتشجيع القطاع الخاص وتنفيذ إصلاحات واسعة النطاق للمؤسسات الحكومية.

اقرأ أيضاً: البنك الدولي ينبّه من تفاقم معدلات الفقر في تونس

وبالصدد، ذكرت وزيرة المالية التونسية في الحادي عشر من مايو، إن المحادثات الأولية مع صندوق النقد كانت إيجابية، وإن تونس ملتزمة بسداد كل ديونها الخارجية، وذكرت وزيرة المالية التونسية سهام البوغديري،  إن تونس ستسدد 3.5 مليار دينار (1.14 مليار دولار) من الديون الخارجية خلال مايو، وشددت على أن الحكومة ملتزمة أيضاً بجميع مصاريفها من تحويلات اجتماعية ومصاريف دعم.

قرض أوروبي

من جانبه، ذكر الاتحاد الأوروبي نهاية مايو الماضي، إنه قدم قرضاً بقيمة 300 مليون يورو لتونس، مضيفاً في بيان أن القرض سيساعد تونس في خفض العبء على الموازنة العامة وتنفيذ إصلاحات رئيسية، موضحاً أنها الدفعة الثانية والأخيرة، ضمن إطار برنامج المساعدات المالية لفائدة تونس لمعالجة تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، والذي جرت الموافقة عليه للتخفيف من التداعيات الاقتصادية للوباء وتعزيز استقرار الاقتصاد، فيما كان قد جرى صرف الدفعة الأولى بقيمة 300 مليون يورو في يونيو/حزيران 2021، عقب مصادقة السلطات التونسية على اتفاقية المساعدة المالية.

اقرأ أيضاً: استقبال حاشد للمحترفة التونسية "أنس جابر" في عاصمة بلادها

وأردف البيان: "أنه سيتم تقديم هذه الأموال الطارئة إلى تونس في شكل قروض طويلة الأجل بشروط ميسرة للغاية، لتساهم في تخفيف ميزان المدفوعات التونسي ووضع الميزانية، مع دعم تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الرئيسية وتشمل هذه التدابير المعتمدة لتحسين استدامة المالية العامة وإصلاح القطاع العام، وتعزيز آليات الحماية الاجتماعية في البلاد، وتعزيز تحديث وإصلاح المؤسسات المملوكة للدولة، وتعزيز الاستثمار الخاص من خلال تحسين مناخ الأعمال".

وعليه، ورغم أن الاقتراض لا يبدو مُحبذاً، وإشارة ربما إلى مدى عمق الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تونس، لكن الأكيد أن هناك أطراف داخلية وخارجية، تسعى لبقاء تونس على ما هي فيه، لبرهان أن النظام الذي يسعى سعيّد إلى تشييده، لن يكون أفضل حالاً من تجربة "حركة النهضة" ومن خلفها الإخوان المسلمون والإسلام السياسي، إلا أن ذلك منافي للحقيقة غالباً، وربما يمكن الاستدلال على ذلك من التجربة المصرية، التي تجاوزت محطة الإخوان، وها هي تنطلق اليوم، بمشاريع ضخمة للبنية التحتية والاقتصادية، سيجني المصريون ثمارها حكماً خلال السنوات القادمة، خير برهان.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!