-
تفجّر الوضع في ليبيا.. تظاهرات ومخاوف من سيطرة مؤيدي القذافي
انفجر الشارع الليبي في خطوة بدت مفاجئة للأوساط السياسية، مع أنّ الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية، كانت توحي بمآلات الأمور، والإحباط المتزايد الذي يسود الليبيين من قدرة سياسي البلاد على الخروج من الأزمة، لاسيما بعد الفشل الأخير في المفاوضات الدستورية بين مجلسَي النواب والدولة رعتها الأمم المتحدة في جنيف.
واقتحم متظاهرون غاضبون من تردي الأوضاع المعيشية وسوء الخدمات العامة، يوم الجمعة 1 يوليو، مبنى البرلمان في طبرق بشرق ليبيا مستخدمين جرافة، وأضرموا النار وأحرقوا إطارات خارجه مما أحدث في المبنى أضراراً، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.
وخرجت التظاهرات إلى الشوارع تلبية لدعوة أطلقها حراك شبابي يسمى "بالتريس" "الرجال"، تحت اسم "جمعة صرخة الشباب"، فيما ارتدى غالبية المشاركين سترات صفراء للمطالبة برحيل جميع المؤسسات السياسية، وإجراء انتخابات دون أي تأخير.
وكان ذلك أكبر تجمع في طرابلس منذ سنوات، ورددوا شعارات مناهضة للنخب السياسية المتناحرة في ليبيا، وأغلق المتظاهرون الطرق في بنغازي ومصراتة وأضرموا النار في مبانٍ حكومية في سبها والقره بوللي.
أعلن محتجون ليبيون، أنهم سيواصلون التظاهر حتى تنحي جميع النخب الحاكمة عن السلطة، وذلك بعد أن بلغت التجمعات في معظم المدن الرئيسة.
وردد المتظاهرون هتافات "نريد الكهرباء"، في إشارة إلى انقطاع الكهرباء الذي يستمر 12 ساعة يومياً، أو حتى 18 ساعة في الأيام شديدة الحرارة.
ولوّح متظاهرون في العاصمة بصور للدبيبة وباشاغا مشطوبة بخطين أحمرين في دلالة على رفض كليهما. كما لوّح عديد من المتظاهرين، الجمعة، بالعلم الأخضر لنظام القذافي السابق.
اقرأ أيضاً: محتجو ليبيا يؤجلون عصيانهم.. عقب انحياز الجيش لهم
جاءت احتجاجات الجمعة بعد يوم من انتهاء المحادثات التي توسطت فيها الأمم المتحدة في جنيف، بهدف تمهيد الطريق لإجراء انتخابات في ليبيا دون إحراز تقدم يذكر.
دعوات للتهدئة
دعت الأمم المتحدة إلى الهدوء وضبط النفس، بعد احتجاجات الجمعة، وقالت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني توركو ويليامز. في تغريدة لها على تويتر إنه "يجب احترام وحماية حق الشعب في الاحتجاج السلمي"، لكنها أكدت أن اقتحام مقر مجلس النواب أمر غير مقبول على الإطلاق.
وأكّدت وليامز إن الوقت قد حان لقادة البلاد "لنبذ خلافاتهم والاستماع لمطالب الشباب الليبي".
ينبغي احترام وحماية حق الشعب في الاحتجاج السلمي، لكن أعمال الشغب والتخريب كاقتحام مقر مجلس النواب في وقت متأخر يوم أمس في طبرق غير مقبولة على الإطلاق. من الضروري للغاية الحفاظ على الهدوء وتعامل القيادة الليبية بمسؤولية تجاه الاحتجاجات وممارسة الجميع لضبط النفس.
— Stephanie Turco Williams (@SASGonLibya) July 2, 2022
وأضافت أن الاحتجاجات دعوة صريحة للطبقة السياسية لتنحية خلافاتها جانبا، وإجراء الانتخابات التي يريدها الشعب الليبي.
من جانبه، قال سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا خوسيه ساباديل إنه يتوجب الاستماع إلى أصوات الليبيين، في جميع أنحاء البلاد، الذين يرغبون بالتغيير بواسطة إجراء انتخابات.
في تغريدة على تويتر، أضاف أن الاحتجاجات يجب أن تكون سلمية، وبعيدة عن أي شكل من أشكال العنف؛ وشدد، في الوقت نفسه، على ضرورة ضبط النفس، خاصة في ظل الوضع الهش الذي تشهده ليبيا حاليا.
وقال السفير الأمريكي في ليبيا إن بلاده قلقة بشأن الجمود السياسي والاقتصادي الذي أدى للاضطرابات الجمعة، معتبراً أن أي حل أحادي سيؤدي للعنف، وأن الحوار هو ما سيرسم الطريق للانتخابات والاستقرار السياسي.
وأضاف السفير الأمريكي "لا يوجد كيان سياسي واحد يسيطر بشكل شرعي على جميع أنحاء ليبيا".
رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبدالحميد الدبيبة قال إنه "يضم صوته للمتظاهرين في عموم البلاد".
ودعا الدبيبة، بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلام محلية، إلى "رحيل جميع الأجسام، بما فيها الحكومة"، حيث أكد أن "لا سبيل لذلك إلا عبر الانتخابات"، ملقياً باللائمة على أطراف "يعلمها الليبيون" في "عرقلة" الانتخابات.
ومساء السبت، أكدت القيادة العامة لقوات المشير خليفة حفتر في بيان متابعة "القيادة الحراك الشعبي الذي يُعبّر عن مطالب مشروعة ونعلن وقوفنا وانحيازنا التام مع إرادة الشعب، وتأييدنا لمطالب المواطنين".
وأضافت "القوات المسلحة لن تخذل الشعب ولن تتركه عرضة للابتزاز والعبث، وواجبنا حمايته. نتمنى من شبابنا وأهلنا المحافظة على الممتلكات العامة وندعوهم إلى تنظيم تظاهرهم المشروع إلى حراك مدني سلمي منظم لوضع خارطة لطريق الخلاص من الواقع المرير".
انسداد سياسي وواقع مأزوم
كان مقرراً أن تشهد البلاد انتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر 2021 تتويجاً لعملية سلام رعتها الأمم المتحدة بعد أعمال عنف في عام 2020. لكنها أرجئت حتى إشعار آخر بسبب تباينات بين الخصوم السياسيين وتوترات ميدانية مع تسجيل مزيد من المواجهات المسلحة بين ميلشييات متنافسة في طرابلس.
ومنذ مارس، تتنازع حكومتان على السلطة في ليبيا، واحدة مقرها في طرابلس ويترأسها عبدالحميد الدبيبة منذ عام 2021 وأخرى يترأسها فتحي باشاغا بدعم من معسكر المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد.
اقرأ أيضاً: ليبيا.. دعوة أمريكية أوروبية لإجراء انتخابات بأقرب وقت
وشهدت البلاد في 11 عاماً تأليف عشرات الحكومات وحربين أهليتين، كما لم تتوصل إلى تنظيم انتخابات رئاسية.
وتم نقل مقر البرلمان الليبي إلى مدينة طبرق في أقصى شرق البلاد، على بعد مئات الأميال عن العاصمة طرابلس، منذ الانقسامات التي وقعت بين الفرقاء الليبيين عام 2014، وشهدت اقتحام مقر مجلس النواب الليبي "المؤتمر الوطني" في العاصمة طرابلس.
اختتمت الجولة الأخيرة من المحادثات في جنيف بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، الخميس، من دون اتفاق على إطار دستوري لإجراء الانتخابات.
إلى ذلك، فاقت خسائر النفط 3,5 مليارات دولار نتيجة الإغلاق القسري لمواقع نفطية كبرى منذ منتصف أبريل. كما أعلنت حالة "القوة القاهرة" في ميناءين نفطيين شرق البلاد وفي حقل نفطي جنوب غربها.حسبما كشفت "المؤسسة الوطنية للنفط" الليبية، الخميس
وأوضحت المؤسسة أن "الإنتاج انخفض بشكل حادّ" والتصدير تراجع إلى ما "بين 365 و409 آلاف برميل يومياً، علاوة على فقدان 220 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً"، ضرورية لتزويد شبكة الكهرباء.
ويُعدّ الانخفاض في إنتاج الغاز من أسباب الانقطاعات المزمنة للتيار الكهربائي التي تعانيها ليبيا والتي تمتد لفترة تصل إلى 12 ساعة يومياً.
مخاوف من عودة أنصار القذافي إلى الواجهة
يخشى مراقبون من أن يعود مؤيدو الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي إلى سدّة الحكم، خاصة أن الأعلام الخضراء بالأعلام الخضراء للنظام السابق.
ويعدّ "أنصار سبتمبر" من أنصار القذافي نسبة إلى " ثورة الفاتح" التي قادها القذافي في الأول من سبتمبر عام 1969.
وقبل نصف قرن من الآن، كانت ليبيا تحت حكم الملك محمد إدريس السنوسي، قبل أن يقود القذافي حركة "الضباط الوحدويين" في الجيش الليبي، وينقلب عليه، ليحكم البلاد قرابة 40 عاماً.
لتندلع انتفاضة شعبية في 17 فبراير 2011، ودعمها الأطلسي، ضد نظام القذافي الذي سقط عندما قتله مقاتلون معارضون بمدينة سرت، مسقط رأسه، في 20 أكتوبر (تشرين الأول) في العام ذاته. ومنذ ذلك الوقت، تعاني ليبيا من حالة الفوضى
سبق أن قدم سيف الإسلام القذافي أوراق ترشحه رسمياً للانتخابات الرئاسية التي لم تكتمل في ليبيا، و يتطلع أنصار النظام السابق لعودته إلى السلطة، لا سيما وأن جانبا من الشارع الليبي يشعر بخيبة أمل نتيجة غياب الاستقرار وانقسام البلاد.
ليفانت نيوز_ خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!