الوضع المظلم
الخميس ١٨ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
تطورات الأزمة الأوكرانية
كمال الزغول

لقد أدركت القيادة الروسية خطورة الاستراتيجية الأمريكية الجديدة بعد تسلم الرئيس جو بايدن الإدارة الجديدة، حيث شعرت روسيا حينها بالاستثناء الجيوسياسي التشاركي مع الولايات المتحدة في العالم حول قضايا الأمن والأجواء المفتوحة بحجة كبح جماح الصين وصعودها وهذا أدى إلى الاستنفار الروسي الحالي، ليس فقط في أوكرانيا وإنما في جميع مناطق مصالحها السياسية في العالم.

ومن بين العوامل التي ساهمت في عسكرة المسارح العالمية بين روسيا وأمريكا ما يلي:

اولاً، خروج القوات الأمريكية من أفغانستان، والذي أحدث فجوة أمنية على حدود روسيا وبلاد القوقاز، مما سيدفع مستقبلاً دولاً إقليمية، مثل باكستان والهند والصين، للتنافس على أفغانستان، سياسياً وتجارياً.

ثانياً، اعتقاد القيادة الروسية أن إدارة الرئيس بايدن هي امتداد لإدارة أوباما، وهي بنظر الروس أضعف إدارة مرت مقارنة مع غيرها، حيث دخلت روسيا في فترة أوباما الثانية إلى الشرق الأوسط من خلال سوريا، وتمكنت من إجراء مناورات دورية مع دول إقليمية في البحر الأبيض المتوسط.

ثالثاً، التهديد الأمريكي لروسيا بالعقوبات وعرقلة مشاريع أنابيب الغاز نحو أوروبا وعدم شعور روسيا بالأمان التجاري، مما دعا روسيا لاستغلال وضع جائحة كورونا وتأثيرها على اقتصادات العالم من أجل فرض ذاتها في أوكرانيا.

رابعاً، الانقسام الأوربي حول الخطة الدفاعية للاتحاد، حيث ترى بعض الدول الأوربية أن إبعاد القواعد عن روسيا يُقلل التوتر والتصعيد معها وهذا عكس رؤية أمريكا تماماً، كل ذلك شجع روسيا لكي تلعب على هذا الانقسام ومحاولة غزو أوكرانيا.

يبقى هنا السؤال المنطقي: ما هي سيناريوهات الوضع في أوكرانيا؟ قد يكون هناك عدة سيناريوهات، لكن هنا تختلف المسألة برمتها عن أي حرب أخرى بسبب انخراط عدة دول في هذه المعضلة المعقدة، وبالرغم أنني ما زلت أميل إلى دبلوماسية الحل، إلّا أن تواجد 100 ألف جندي روسي على الحدود مع أوكرانيا قد يخلق مناوشات تصعيدية تؤدي إلى الكارثة، ومن هنا السيناريو الأسوأ، والذي يعتمد على التطورات في المواقف، وإن حدث، فهو احتلال شواطئ البحر الأسود بالكامل لفصل ميناء أوديسّا الأوكراني عن ميناء ماريوبول في بحر آزوف، وذلك من أجل الحصول على تواصل جغرافي بين روسيا والقرم وإغلاق مضيق كيرتش بينهما والسيطرة عليه، وبهذا السيناريو تضمن مرورها نحو المتوسط وتضمن بقاء خيط المفاوضات بين أوربا وروسيا حول إمدادات الطاقة، وهذا السيناريو يخفف من حدة الانخراط الأمريكي والأوروبي في الحرب، وبهذا تحقق روسيا مصالحها بأقل الخسائر، وتمنع مناورات "نسيم البحر" الغربية من الانعقاد مرة أخرى في البحر الأسود بسبب تواجدها على شواطئه.

وأخيراً، هذا السيناريو الذي سيعتمد على تطورات الموقف على الأرض سيتشكل لعدة أسباب، وهي ضعف انخراط جميع الدول الأوروبية في المسألة، وعدم اعتماد خطة دفاعية موحدة مع أمل روسيا في ضمان التعاملات التجارية مع أوربا وعدم التصعيد مع جميع الدول. بالإضافة إلى ذلك، تأهب 8500 جندي مشاة أمريكي للانتشار في أوروبا في مدة إخطار خمسة أيام كمدة انتشار هو غير كافٍ لكبح زمام 100 ألف جندي روسي من احتلال شواطئ البحر الأسود بأسرع وقت ممكن، وبعيداً عن السيناريو الأسوأ غير الحتمي السابق، فإن المقترحات الأمريكية المكتوبة خلال أيام هي من ستحدد تطورات التصعيد على أوكرانيا، وذلك حسب قبولها أو رفضها من قبل روسيا.

 

ليفانت - كمال الزغول

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!