الوضع المظلم
الثلاثاء ٣٠ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
تركيا والإرهاب.. صناديق بريد ملعونة
إبراهيم فضلون


في مقدمة مسلسل “رفاعة الطهطاوي”، يدور حوار بين مصري وحاكم عُثماني، لخصت أنانية ودونية العُثمانيين، ليقول المصري: “ليه بس يا باش تُرك ليه تحرمنا نور المعرفة؟” فيرد العُثماني: “نحن نريدكم صُماً بُكماً بَجَماً.. لأنّ من يتعلم يفهم ويتكلم، يخرج عن التقاليد، ونحن لا نُريد تعليماً نُريد بَلَماً”. وكأنّه أخذ بأبيات المعري: 


مـا ركـبَ الخـائنُ في فعلِه . . . . أقبـحَ مما ركبَ السـارقُ

هذي طباعُ الناسِ معروفةٌ . . . . فخالطوا العالمَ أو فارقوا


فكلّما ازداد الإنسان غباء، ازداد يقيناً بأنّه أفضل من الآخرين كافة في كل شيء، و”إذا ضعف العقل استسلم للخرافة”، و”إذا حُرم منها فلن يجد إلا الاستسلام للخرافات والأباطيل”، لينعكس ذلك على مظاهر حياته، فترى فنونهم زائفة، وآدابهم مُلفقة، والنحل في أفعالهم مُتناقضة، وكل ما يتفاخرون به طباع همج، لا دين له ولا وطن، ليقوم وبيته أصلاً على القتال والغزو وليس على فكرة “بناء الحضارة”، التي لم يَمُرّ عليها قوم يُعادون البشرية، مثل البيت العُثماني، ولعل لقب “الغازي” كان مُرادفاً لسلاطينهم، بعكس المغول أبناء عمومتهم.


رغم أنّهم “أقوياء شجعان لكنهم بلا حضارة”، ولم يُوقف زحفهم للبلاد إلا مصرُ، فوجد المغول أنفسهم يحكمون شعوباً ذات حضارات، فتأثروا بها، حتى اعتنق بعض حُكامها الإسلام، وتعصبوا له، ولم ينظروا للمُسلمين بأنّهم عبيد، كما يرونهم الأتراك، مُدمرين ما حفظه الله لهم، فتلك هي القاهرة في عهد المماليك كانت مُلتقى العلوم المُختلفة، فلم يشع فيها الجهل إلا بالعهد التُركي، الذي خيب ظن شعبه، وليتحسروا على رئيس أضاع هيبتهم على أعتاب روسيا، ويا له من عار وخزي وألم لفُقدان ثقتهم بكل من هم على شاكلته، فمن حق مصر والسعودية تغيير أسمائهم من شوارعهم العتيقة، فغيرت الرياض اسم “سليمان القانوني” من إحدى شوارعها، وعلى العالم أن يحذو حذوهما، فما بالك بأكثر من 84 مليون تركي مواطن، غير المُقيمين، وأكثر من 1,6 مليار مُسلم، إذ شعروا أن بمَنْ يدعي الإسلام، وهو منه براء.


علت مكانته لرُتبة “بيه بواب”، لماذا لا؟، وقد هوى بأفعاله وضلالات أفكاره وحزبه إلى حضيض الشرف الإنساني، مُتسولاً بلا كرامة حيناً، أو لصاً سارقاً لما ليس حقه من شعب سوريا وأكراد العراق، أعزل هو أغنى منه كرامة وصموداً، ليهفو بغروره لسلب نفط البحر المتوسط، لكن الفراعنة هناك.. وما بالك بالخائن لشعبه؟، فكم يد ستُقطع في تركيا، وكم روح ستُزهق، بدءاً من أردوغان وحزبه ومليشياته، من حُراس الليل، التي هي مرآة للحرس الثوري الإيراني في شيطنته، ليهوى بسقوط مُدوٍ عنوانه: “نهاية الرئيس التركي قادمة”، بعدما صارت “تركيا لا أمن ولا أمان” لتصدقها مقالاتنا، وصفاً لهم “قومٌ بلا حضارة”، وغيرهما. 


لقد تعرّض الشعب التركي كافة لغدر رئيسهم وخيانته للكرامة التركية، وكتبوا ذلك في ألواح برلمانهم وإعلامهم، وباتت أغنية في أفواه العالم، بعدما أثبت أردوغان وقوفه مع النظام الفارسي الإرهابي الغاصب لأراضي الجيران، مُزعزعاً أمن واستقرار الأوطان، بالعراق وسوريا ولبنان واليمن ثُم إلى ليبيا، واستضافتها الميليشيات الإرهابية ومدّهم بالأسلحة، يداً بيد، مع دويلة “قطر”، واعتقادهم أنّهم فائزون بضرب أطهر أرض بالسعودية “مكة وكعبتها ومدينة رسول الله شاهدة على غدرهم”، مُصدّرة فشلها بألاعيب خسيسة، وأوراق خاسرة لا تُحرك شعرة من رأس العرب (مصر والسعودية والإمارات، خاصة)، فما قاموا إلا وأهلكوهم بعقلانية شعب وحضارات أصيلة، فما ترابنا العربي إلا مقبرة للغزاة، والتاريخ شاهد، ولتعلم تركيا الجاهلة ومن عاونها، أنّها نادمة لا محالة في ليبيا، وليعلم الخائنون كم سيهلكون بنعراتهم الغازية، والدليل في انهيارات عملاتهم، وخسارتهم السياسية بين العالم، وفخرهم كم هم قوة بالدواعش والإخوان والمرتزقة، فهل يجرؤ أردوغان بإدخال الجيش التركي في ليبيا أو اليمن؟، أو هل يجرؤ روحاني بفعلها باليمن أو جُزر الإمارات؟، أليست مذلة لقوة تركيا؟، أيعلم أردوغان بأنّ رفاقه في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بما في ذلك أميركا، ليسوا مُستعدين للخوض في هذا المُستنقع، بل وإدراكه بأنّ حليفه الروسي يُدعمه، أجل، لقد دعمهُ بعد أن ذلّه على بابه، بل وذلّ كل تركي يتنفس هواء الإنسانية.


لقد أصبح أردوغان وشعبه صناديق بريد مُغلقة، مُتجاورين، لكن لا أحد يعرف من في داخل الآخر، إلا بعد خيانة أحدهما، وإلا ما حجر حريات الرأي وفتح المعتقلات، لقد خيب رأس الدولة، وألبس كل تركي جلباب البواب، لينفضها أحرار المعارضة (لن أعيش بجلباب أبي)، كما جاءت السينما المصرية، لتنبئ بهزائم أردوغان، مُؤشراً قوياً لمُستقبل حزب الإخوان، الذي اندثرت أعماله في مصر، فهل ستكون نهاية أردوغان كنهايه محمد مرسي في السجون؟، بل أتوقع أن تكون نهايته كخليفة مزعوم العالم الإسلامي (هو وخامنئي)، كنهاية القذافي وأسوأ منه، فكلاهما مهووس بجنون العظمة، وانفصامه عن واقع شعبه.. فالخسيس المهووس، ترُد عليه أفعاله وكأنه ديكتاتور أحمق الخطوات، خرج عن الأعراف السياسية والدبلوماسية، بل والإنسانية.


وأخيراً: كما قال الأعور الشني، وهو من شعراء العصر الأموي:


لا تأمنَنَّ امرِئ خانَ امرَءاً أبداً  


إِنّ من الناسِ ذا وجهين خوَّانا.


ليفانت -إبراهيم جلال فضلون








 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!