الوضع المظلم
الجمعة ٠٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • ترامب يُقدّم خدمات كبيرة لروسيا بتوسيع الشرخ مع برلين

ترامب يُقدّم خدمات كبيرة لروسيا بتوسيع الشرخ مع برلين
ترامب

منذ تقلّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سدّة الحكم ،عام 2017، مارس الرئيس المنتشي بأمواله وعرقه الكثير من البلطجة السياسية، فلم ينفذ من هجماته المعادية الأصدقاء قبل الأعداء، وساهم بشكل ما في تهدئة الصراعات مع الخصوم التقليديين للولايات المتّحدة كما في حالة كوريا الشمالية وروسيا، وصعد الخلافات مع دول تعتبر حليفة، كالبلدان الأوروبية الرئيسة، بذريعة عدم دفعهم الأموال الكافية لحلف الناتو. 


ويتصاعد الخلاف بين الفينة والأخرى بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، وهو ما أشارت إليه صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، في الثلاثين من مايو الماضي، عندما قالت إنّ خلافات وحواراً حاداً حصل بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، أثناء مكالمة هاتفية جرت بينهما ذلك الأسبوع، حيث أوردت الصحيفة نقلاً عن مصدر مسؤول في الإدارة الأمريكية، لم تذكر هويته، بأنّ وجهات النظر ومواقف كلا الطرفين كانت متباينة بشكل كبير حول موضوعات مثل الناتو، ومشروع “السيل الشمالي-2” بين روسيا وألمانيا، والعلاقات مع الصين.


 


وفيما لم يعلّق البيت الأبيض على تلك المعلومات، حتى الآن، اكتفت المستشارة الألمانية بعدم قبول دعوة الرئيس الأمريكي لحضور قمة مجموعة السبع الكبار بشكل شخصي على خلفية أزمة فيروس كورونا. 


خلافات عديدة تظهر مؤخراً


وعدا عن المشكلات التي ظهرت بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا إبان بدء عهد ترامب، ومطالبته الحلفاء بالناتو برفع مساهماتهم المالية في الحلف إلى ما يعادل الـ2% من الناتج المحلي الكلي، تخرج بين الفينة والثانية مناوشات سياسية جديدة، ففي السابع من مايو، لم يرضَ وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، المناشدة الألمانية لإعادة النظر في قرار واشنطن بوقف تمويل منظمة الصحة العالمية، إثر موقفها من تعامل المنظمة مع تفشّي فيروس كورونا.


وأشارت صحيفة “سوديديتش تسايتونغ” الألمانية اليومية، أنّ بومبيو عقّب على رسالة من نظيره الألماني، هيكو ماس، أشار فيها إلى التزام الولايات المتحدة التام “بالعمل مع المجتمع الدولي لمكافحة جائحة كورونا” رغم تجميد التمويل، موضحاً أنّ الولايات المتحدة كانت أكبر مساهم في منظمة الصحة العالمية على مر السنين رغم ما وصفه بـ”سلسلة من الأخطاء التي ارتكبتها” الوكالة التي تتخذ من جنيف مقرّاً لها، والتي اتهمها بـ”بمُهادنة نظام الحزب الشيوعي الصيني”.


موقفٌ أثار فيما يبدو امتعاض الساسة الألمان، لكنه لا يقارن بما أشار إليه رولف موتزينيش، النائب الألماني ورئيس كتلة الحزب الديمقراطي الاجتماعي في البرلمان، في الثامن عشر من مايو، عن أنّ تأثير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مدمر على الناتو، مقارناً إياه بـ”البكتيريا”، وموجهاً اتهاماً للرئيس الأمريكي بأنّه يتعامل مع الأوروبيين على أنّهم أعداء، وأنّهم مبعث ضعف لحلف شمال الأطلسي، لافتاً إلى خطر العقيدة النووية الأمريكية الجديدة، التي تنظر في إمكانية الاستخدام الاستباقي للقوة النووية.


 


وقد طالب النائب الألماني، في وقت سابق من مايو، بسحب الأسلحة النووية الأمريكية من ألمانيا، الأمر الذي أثار ضده انتقادات من قبل حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والاتحاد المسيحي الاشتراكي ووزير الخارجية الألماني، هيكو ماس، إلا أنّ موتزينيش شدّد أنّ دعوته غير مرتبطة بالرغبة في إضعاف حلف شمال الأطلسي، وعرضت صحيفة بيلد عن السياسي الألماني قوله مؤخراً: “إذا كانت الأسلحة النووية الأمريكية الموجودة في ألمانيا ودول أخرى هي عنصر الربط الوحيد، فهذا ليس جيداً جداً للحلف الأطلسي”. 


فيما كان قد عبّر عضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الألماني، يورغن تريتين، عن رأي مماثل، نوّه فيه إلى أنّ الأوروبيين يتوجّب عليهم لضمان أمنهم، التخلّص من الأسلحة النووية الأمريكية، وأنّه من الأفضل عدم الاعتماد على ترامب، لأنه هو الذي ألغى معاهدة القضاء على الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى.


الموقف الألماني من المظاهرات يزيد الطين بلّة


ويبدو أنّ المظاهرات الأمريكية المناهضة للعنصرية، والتي اندلعت عقب مقتل جورج فلويد، في الخامس والعشرين من مايو، على يد أحد عناصر الشرطة الأمريكية، قد كانت فرصة سانحة لترد فيها برلين على عدم استجابة واشنطن لطلبها بإعادة النظر في موقفها من منظمة الصحة العالمية، حيث اعتبر وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، في الثاني من يونيو، أنّ الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة “مشروعة”.


وذكر ماس في مؤتمر صحفي: “إنّ الاحتجاجات السلمية التي تشهدها الولايات المتحدة، احتجاجات أكثر من شرعية، ويمكن تفهمها”، مردفاً بالقول: “لا يسعني سوى أن أعبّر عن أملي في ألا تتحوّل الاحتجاجات السلمية إلى العنف، بل وأن تترك تلك الاحتجاجات تأثيراً في المجتمع”، لافتاً بالتوازي إلى أنّه سيتواصل مع السلطات الأمريكية، بشأن تقارير عن تعرّض فريق عمل تابع لقناة “دويتشه فيله” الألمانية، لإطلاق نار من قبل الشرطة، لدى عمله على تغطية مسيرة احتجاجية في مينيابوليس.


 


وهو ما يبدو أنّه قد زاد الطين بلّة بين واشنطن وبرلين، مما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الخامس من يونيو، إلى إصدار أوامره لوزارة الدفاع بسحب 9500 جندي أمريكي من ألمانيا، حتى شهر سبتمبر القادم، حيث ذكرت وكالة “رويترز”، عن مسؤول أمريكي كبير لم تكشف اسمه قوله: “إنّ التعداد الكلي للجنود الأمريكيين المتمركزين في ألمانيا حالياً هو 34500، وإنّ بعضاً من الجنود المغادرين ستتم إعادة توجيههم إلى بولندا ودول حليفة لواشنطن، فيما سيعود المتبقون إلى الولايات المتحدة، وذلك عقب يوم واحد من تصريحات المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي انتقدت “أسلوب ترامب المثير للجدل” في إدارة أزمة الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة إثر مقتل جورج فلويد.


فيما استهجن نوّاب بارزون عن التكتل الحاكم في ألمانيا بقيادة المستشارة، أنغيلا ميركل، في السادس من يونيو، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب جزء من الجنود الأمريكيين من ألمانيا، والإبقاء على 25 ألفاً، حيث وذكر يوهان فادفول، المتحدّث باسم السياسة الخارجية لتكتل حزبي “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” و”الاتحاد الاجتماعي المسيحي” في البرلمان، لوكالة “رويترز” أنّ “الخطط تظهر مجدداً أنّ إدارة ترامب تتجاهل مهمة مبدئية في القيادة ألا وهي مساهمة شركاء التحالف في عمليات صنع القرار”.


مردفاً أنّ كل الدول المشاركة في حلف شمال الأطلسي تستفيد من ترابط الحلف، فيما يصب الخلاف في صالح الصين وروسيا، وتابع بالقول: “يجب أن يحظى هذا بمزيد من الاهتمام في واشنطن”، معتبراً ذلك بأنّه يشكل “جرس إنذار آخر” للأوروبيين لوضع أنفسهم في موقع أفضل فيما يرتبط بالسياسة الأمنية، بينما قال أندرياس نك، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان في تصريح لـ”دويتشه فيله” بأنّ “القرار ليس فنياً بل لدوافع سياسية بحتة”.


 


وهو ما ذهب إليه وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، عندما قال في السابع من يونيو، أنّ العلاقات مع الولايات المتحدة “معقدة”، مشيراً إنّه إذا مضت الولايات المتحدة قدماً في خطط سحب آلاف الجنود المتمركزين في ألمانيا، فإنّ برلين “ستكون على علم بذلك”، مضيفاً أنّ ألمانيا والولايات المتحدة “شريكتان وثيقتان في التحالف عبر الأطلسي، لكن الأمر الآن معقد”.


وعليه، يبدو أنّ الرئيس الأمريكي سيواصل حتّى نهاية فترته الرئاسية تقديم خدمات كبيرة للجانب الروسي، من خلال خلق المشكلات مع حلفائه في الناتو، إلى جانب عدم وفائه بالتزاماته الأخلاقية، كانسحابه من مناطق شمال سوريا، والتي مهدت للهجوم التركي عليها والاستيلاء على قطاع واسع من تلك المنطقة، انطلاقاً من مقولة إنّ واشنطن ليست شرطي العالم.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة

العلامات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!