الوضع المظلم
السبت ٠٤ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • اليوم العالمي للمرأة.. التحيّز يطال النساء حتى في الحرب

اليوم العالمي للمرأة.. التحيّز يطال النساء حتى في الحرب
رقية العلمي

عَود على بَدء.. إنه الثامن من مارس إشارة العالم السنوية ليوم المرأة العالمي، ولن نذكر هنا تاريخ المناسبة ولا الذكرى المتجددة سنوياً، ولن نتطرّق إلى الفعاليات النسوية والحراك العالمي والنشاطات التي تراجع أهداف اليوم وتستعرض الإنجازات التي حققتها المرأة في جميع الميادين والنجاح في دمج المرأة بالأنظمة والبرامج السياسية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية والثقافية في مسيرة التقدم، وهل تطور ذلك أم تأخر تنفيذه، إضافة إلى مشاركة المرأة في العملية الديمقراطية في العالم، بشكل عام، والمرأة العربية، بشكل خاص.

وحسب منظمة المرأة العربية، فإنّ النساء العربيات ما زلن يناضلن من أجل الكرامة والمساواة الإنسانية معربة عن تطلعها لعالم يضمن الاحترام والأمن والتقدير والحماية من كل أشكال العنف، للنساء خاصة، ضحايا الإرهاب والنزاعات المسلحة، والنساء تحت الاحتلال. كان هذا في رسالة التهنئة التي بثّتها المنظمة للمناسبة.

شعار وأهداف 2022

يحمل اليوم العالمي للمرأة هذا العام شعار "كسر التحيّز"، ويركّز الاحتفال على تعزيز فكرة أن يكون العالم خالٍ من التحيّز والصور النمطية والتمييز، عالم متنوع ومنصف وشامل، يتم فيه تقدير الاختلاف والاحتفاء به. يدعو إلى مساواة المرأة بالرجل ويجعل ذلك واجباً فردياً كما هو واجب جماعي، إذ إننا جميعاً مسؤولون عن "كسر التحيّز" في مجتمعاتنا وأماكن عملنا، في مدارسنا وكلياتنا وجامعاتنا وفي كل مكان حولنا. 

هذا هو مفهوم شعار "كسر التحيّز"، أما أهداف شعار اليوم العالمي للمرأة لعام 2022 فهي تتمحور حول الوصول إلى عالم متساوٍ بين الجنسين لذلك تم إطلاق شعار "كسر التحيّز" تنفيذاً لأهداف متعددة منها:

تحقيق عالم خالٍ من التحيّز في كل أشكاله، وخالٍ من الصور النمطية والتمييز والعنصرية، من أجل الوصول إلى عالم متنوع ومنصف وشامل لكل فئات المرأة يفضي إلى عالم يُقّدر الاختلاف ويحتفي به، وفي المجتمع بشكل عام، وكسر التحيز يجب أن يطبق في أماكن العمل وفي المؤسسات التعليمية وفي جميع الأمكان التي تتواجد فيها المرأة، محلياً وإقليمياً وعالمياً.

و"كسر التحيّز" يعني عدم التمييز، لكن للأسف هذا التمييز يزداد في مناطق النزاعات المسلحة، فتجد المرأة تحمل العبء الأكبر لجهة تأمين الغذاء والمياه لعائلتها وتتحمل معاناة مضاعفة عن الرجل. تتولّى مسؤوليات أكثر من المعتاد، بشكل اختياري أو إجباري، لكنها مهام مطلوبة منها. وفي مناطق الصراع تتضاعف إمكانية الإساءة للمرأة، حيث تتعرّض لممارسات ضارة وسوء المعاملة وللعنف في ظل بيئة مستجدة خالية من القانون فتعم الفوضى.

الحرب الروسيّة الأوكرانية

لكن هل يطبق فعلاً شعار "كسر التحيّز" على أرض الواقع، أم هو فقط عنوان برّاق بين حيثايته الكثير من التمييز والتحيّز؟

من المفارقات التي تستحق التأمل، بأن اليوم العالمي للمرأة يعود هذا العام والحرب الروسية الأوكرانية تلقي بظلالها على العالم، فما إن اندلعت الحرب حتى بدى التحيّز لصالح المرأة الأوروبية ضد نظيرتها المرأة من الدول الأخرى؛ وبدت ممارسات عرقية عنصرية في المحيط جلية وواضحة، وهذا يناقض ويدحض ما نسمعه من شعارات تعجبنا، نرى مجرياتها فنستعجب. 

في تصريح منسوب لرئيس الوزراء البلغاري "سنرحب باللاجئين الأوكرانيين فهؤلاء أذكياء ومتعلمون". ولا يختلف تصريح رئيس وزراء بلغاريا عن تعليق مراسلي القنوات الغربية عن اللاجئين الأوكرانيين بأنهم "لاجئون بيض البشرة وشقر وينتمون لنفس الحضارة ربما من أجل ذلك يجب تسهيل دخولهم الى الدول المجاورة".

وحسب صحيفة مهاجر نيوز، 28 فبراير 2022،  فإن إفريقياً مقيماً في أوكرانيا كان يسعى للهرب إلى بولندا، قال في تغريدة له على تويتر: "لا يسمح لأحد بعبور الحاجر إلى بولندا سوى الأوكرانيين حتى لو كانت امرأة سوداء مع أطفالها لن يسمح لها بالمرور".

وتضيف الصحيفة ذاتها، الأمر نفسه يحدث في أوكرانيا، حيث يظهر في مقطع فيديو نشر على تويتر يصور امرأة سوداء تحاول ركوب قطار على رصيف في محطة قطار أوكرانية بينما رجال يرتدون زياً عسكرياً منعوها من دخول القطار، في ذات الوقت سُمح لامرأة بيضاء بالصعود الى القطار.

وفي تقرير بثّته بي بي سي عربي، 1 مارس 2022، حول التمييز العرقي "روسيا وأوكرانيا: طلاب أفارقة وهنود يتحدثون عن تعرضهم للتمييز على الحدود الأوكرانية"، حيث تحدث الطلاب عن تعرضهم للتمييز وغيره من الصعوبات عند محاولتهم الفرار من أوكرانيا. وتحدث أجانب ملونون عن رفض السماح لهم بصعود القطارات واحتجازهم، بينما يتم السماح للأوكرانيين بالمرور أولاً.

التحيّز ضد المرأة

آسيا طالبة طب من الصومال تدرس في كييف، نشرت مقطع فيديو على تويتر، مع بدء الهجوم الجوي على المدينة. تمكنت من الفرار مع بعض أصدقائها، ولكنها لم تكن مستعدة للرحلة الطويلة التي قامت بها إلى بولندا، وقضت ثلاثة أيام بدون طعام أو نوم قبل أن تبلغ معبر مديكا الحدودي.

تقول آسيا إن الأفارقة مُنعوا من العبور على مدى ست ساعات، رغم أنّه كان يسمح لحافلات تحمل نساء أوكرانيات وأطفالهن باجتياز المعبر. وتضيف: "تمكّنا أخيراً من العبور، ثم أخبرونا أن غرف الفندق متاحة للأوكرانيين فقط". 

أما طالبة الطب النيجيرية رقية، التي تدرس في جامعة خاركيف، في شمال البلاد، عندما تعرضت المدينة للهجوم، لم تتمكن من الحصول على أية وسيلة نقل طوال رحلتها من المدينة إلى الحدود الغربية، واضطرت إلى السير على قدميها في الظلام لمدة 11 ساعة إلى أن وصلت إلى معبر مديكا.

تضيف رقية: "عندما جئت إلى هنا، كان هناك أشخاص سود نائمون في الشوارع". وتضيف أن حرس الحدود المسلحين أخبروها أن تنتظر حتى يتم السماح للأوكرانيين بالعبور أولاً. شاهدت حافلات تحمل على متنها أشخاصاً تصفهم بالبيض، وقد سمح لها بعبور الحدود، في حين تم إخراج حفنة من الأفارقة من الطابور. سمح لها بالعبور وتمكنت من الذهاب إلى وارسو لحجز تذكرة طيران إلى نيجيريا.

حماية المرأة في النزاعات المسلّحة

المادة 11: حماية المرأة في النزاعات المسلحة من "بروتوكول حقوق المرأة في إفريقيا الملحق بالميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب":

"تتعهد الدول الأطراف بضمان احترام قواعد القانون الإنساني الدولي المنطبقة على حالات النزاعات المسلحة التي تؤثر بشكل سلبي على السكان، وبالأخصّ النساء منهم.

تتكفل الدول الأطراف، وفقاً لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، بحماية المدنيين، في أوضاع النزاعات المسلحة بمن فيهم النساء، بغض النظر عن الفئة السكانية التي ينتمين إليها.

تتعهد الدول الأطراف بحماية طالبات اللجوء واللاجئات والعائدات والمشردات داخلياً، من كافة أشكال العنف والاغتصاب وغير ذلك من أشكال الاستغلال الجنسي، وضمان اعتبار أعمال العنف هذه جرائم حرب، و/أو إبادة جماعية و/أو جرائم ضد الإنسانية، وتقديم الجناة للعدالة أمام ولاية قضائية جنائية ذات أهلية ".

وأخيراً.. هذه هي بعض القوانين لحماية المرأة، لكن للأسف عند بدء الحروب يبدأ تطبيق التفاوت العرقي والإصرار على اللامساواة والتمييز يمارس على أساس الجنس واللون والعرق، وهذا لا يطال المرأة فقط، بل الرجال والأطفال من أصول عرقية متعددة، مما يعزز خطاب الكراهية ويرسّخ التمييز العنصري الذي أجّجته التصاريح الرسمية والإعلامية حول المفاضلة التي يتمتع بها سكان أوكرانيا البيض أصحاب الشعر الأشقر والعيون الزرقاء. 

يمكننا الانتهاء إلى القول في حيثيات البحث، لم نتمكّن من إيجاد حالات تمييز طالت المرأة من الجهة الروسية، حيث تعذّر إيجاد معلومات عمّا يجري ميدانياً في روسيا خلال هذه الحرب، إما بسبب تركيز الإعلام العربي على أوكرانيا في مسألة النزاع هذه، وإما بسبب التعتيم الإعلامي من الجهة الروسية.

 

ليفانت - رقية العلمي

المصدر الشبكة العنكبوتية

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!