-
الولايات المتحدة والعودة للشرق الأوسط
الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى السعودية تكتسب أهمية خاصة لكونها تأتي ضمن أول زيارة يقوم بها الرئيس جو بايدن إلى منطقة الشرق الأوسط، وهي بلا شك تأتي ترجمة لرغبة أمريكية بأهمية رفع التنسيق إلى أعلى مستوياته والحفاظ على العلاقات الاستراتيجية التي يتميز بها البلدان.
وتحمل هذه الزيارة معها تأكيداً أمريكياً بالأهمية البالغة التي تحظى بها المملكة العربية السعودية في الفكر السياسي الأمريكي، وتقديراً لدور الرياض الحيوي في تعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم، وأيضاً هذه الزيارة للرئيس جو بايدن يراد منها إعادة تأكيد الاهتمام الأمريكي بالمنطقة، خاصة في ظل ما تتمتع به السعودية من مكانة مهمة في منطقة الشرق الأوسط.
النظام الدولي يشهد الكثير من المتغيرات باتجاه نهاية الأحادية القطبية والتحول نحو النظام المتعدد الأقطاب، وفي خضم هذه التحولات ظلت منطقة الشرق الأوسط تحتفظ بأهمية قصوى على الصعيد الدولي، فهي من أهم المناطق في العالم؛ نظراً لموقعها الاستراتيجي ولما تتميز به من ثروات طبيعية، أهمها النفط والغاز الطبيعي، إضافة إلى الممرات البحرية الأساسية التي تصل بين الشرق والغرب، وبالتالي فإن السباق الروسي والصيني نحو تعزيز وجودهم في منطقة الشرق الأوسط، يدفع الولايات المتحدة إلى إعادة تصحيح الخطأ الذي ارتكبته سابقاً عندما قللت من أهمية الشرق الأوسط وأبدت رغبة متزايدة للاستدارة نحو شرق آسيا على حساب الشرق الأوسط، وبالتالي فإنّ زيارة الرئيس الأمريكي إلى المنطقة، وبخاصة السعودية، يؤكد أن الاستراتيجية الأمريكية تحاول إعادة ضبط بوصلتها وترى أنها بحاجة لإعادة بناء الجسور مع العالم العربي، ولذلك فهي تدرك جيداً مكانة المملكة العربية والإقليمية، وأن الطريق نحو الاحتفاظ بمكانة مهمة في هذه المنطقة، يمر عبر السعودية التي تعد الركيزة الأساسية لاستقرار المنطقة والدولة القائدة في المنظومة الإقليمية والعربية، وبالتالي فإنّ الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية سيتمخض عنها خروج الولايات المتحدة من حالة الكمون إلى حالة أكثر نشاطاً فيما يتعلق بملفات المنطقة وإعادة هيكلة الفكر السياسي والاستراتيجي الأمريكي لإحداث توازن بين الرغبة الأمريكية لتعزيز وجودها في منطقة شرق آسيا ووجودها منطقة الشرق الأوسط.
تدرك واشنطن أن العودة لمنطقة الشرق الأوسط يفرض عليها أن تعيد صياغة مواقفها السياسية بما يتلاءم مع مواقف الدول المؤثرة والفاعلة في المنطقة، كالمملكة العربية السعودية، ولذلك فإن المتابع للسياسة الأمريكية يجد أنها كانت منذ فترة تعمل على خلق أرضية خصبة للتقارب السياسي مع المملكة العربية السعودية، وبخاصة فيما يتعلق بالملف اليمني، حيث أبدت واشنطن تأكيداً على أهمية دور المملكة الذي كان حاسماً في تحقيق الهدنة باليمن، كما لم تخفِ واشنطن موقفها لدعم جهود المملكة في قيادتها للتحالف العربي لتحقيق أمن واستقرار اليمن واستعادة الشرعية، وجهود الحل السياسي التي تضع اليمن أمام فرصة حقيقية لإرساء سلام مستدام، ويحقق الاستقرار المأمول.
الاجتماع الإقليمي الذي تحتضنه السعودية بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي يعكس مدى حرص المملكة على توحيد الصف العربي، وهو ما سوف يكون له انعكاسه على دفع السياسة الأمريكية على إعادة تصحيح موقفها تجاه العديد من القضايا العربية، والمفاوضات الجارية مع إيران بما يخص الاتفاق النووي، حيث ستدرك الولايات المتحدة ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أهمية الرؤية السعودية، بشكل خاص، والعربية، بشكل عام، تجاه الملف النووي الإيراني، وبالتالي ستجد واشنطن نفسها مجبرة على خلق حالة من التوازن بما يخص تعاطيها مع الملف النووي وفق ما يخدم أمن واستقرار المنطقة.
لقد أضحت القضايا العربية ساحة للتنافس الدولي وقد وجدت بعض الدول فيها فرصة لتعزيز نفوذها على المستوى الدولي، كروسيا وبعض الدول الأوروبية، كفرنسا، التي أظهرت اهتماماً بالتعمق في القضايا العربية، وبالنسبة للحضور الأمريكي لعل المتابع له يجده حضوراً باهتاً، ولذلك فإن الولايات المتحدة أمام اختبار حقيقي بحاجة لصياغة رؤية سياسية جديدة تخدمها في تعزيز نفوذها في الملفات والقضايا العربية، ولذلك فمن شأن صياغة رؤية سياسية جديدة أن تعمل على تحسين الصورة والسمعة الأمريكية التي أظهرت فشلاً في السابق في إدارة الملفات والقضايا العربية، وفق ما يخدم العمل على حلحلتها بدلاً من استراتيجيتها السابقة القائمة على إطالة أمد هذه الأزمات.
ليفانت – خالد الزعتر
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!