الوضع المظلم
الخميس ٠٢ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • النهضة التونسية.. قارب الإخوان الأخير هل أوشك على الغرق ؟

النهضة التونسية.. قارب الإخوان الأخير هل أوشك على الغرق ؟
النهضة

 


مخاض سياسي عسير تعيشه تونس هذه الأيام، في ظل التوترات غير المسبوقة بين حركة النهضة الإخوانية ومختلف التيارات، كشفت عنه بوضوح أزمة تشكيل الحكومة والتعارض الكبير بين رغبة الإخوان ومصالحهم مع مطالب الشارع والبرلمان والقوى السياسة التي أعلنت صراحة رفضها المشاركة في أي مشاورات سياسية يحضرها ممثلون عن جماعة الإخوان.


وبلغت الأزمة ذروتها، ليل الإثنين، بعد تسلم الرئيس التونسي قيس سعيد، رسمياً من رئيس الوزراء المكلف هشام المشيشي تشكيلة الحكومة الجديدة، ثم أعلن في مؤتمر صحفي تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة عن الأحزاب في خطوة تهدف إلى النأي عن الصراعات السياسية وإنعاش الاقتصاد المتعثر.


لكن حركة النهضة التي أعلنت مرارا رفضها لتشكيل حكومة من المستقليين صارعت بالهجوم على رئيس الوزراء وحكومته، ما يؤكد أن العداء سيظل مستمر بين الحكومة والإخوان وأن سيناريو استقالة حكومة الفخاخ لايزال حاضرا وبقوة.


 


صدام حاد مع الرئيس.. موسم التوافق انتهى


ووضعت التوجهات الجدية للرئيس التونسي قيس سعيد بفتح الملفات المتعلقة بالفساد حركة النهضة في ورطة كبيرة وعادت قضية التنظيم الخاص أو ملف الاغتيالات حاضرا لدى جهات التحقيق والقضاء، الأمر الذي أفرز عداء مباشرا بين الرئيس وزعيم حركة النهضة بالبلاد وأظهر خلافا حادا بينهما في الرأي لم يكن موجود في السابق بحكم سياسة التوافقات التي تنتهجها النهضة منذ ثورة 2011.


فجأة اكتشفت حركة النهضة أن قرارات الرئيس التونسي لا تتوافق مع أجندتها السياسية وبعد الثناء والتهليل عليها انقلبت الآراء فجأة وبدا الهجوم الحاد ولغة التخوين ردا متوقعا على كافة القرارات التي يتخذها قيس سعيد.


ويرى مراقبوان أن الرئيس الذي لم يأت أصلا بخلفية إسلامية  لكنه كان متوافقا مع رؤية الإخوان أو متفق عليه إن صح التعبير، أدرك سريعًا أن إشكاليية تحقيق الديموقراطية في تونس تكمن في حركة النهضة وحدها، ولم يتستطع التخلي عن الملف الأهم الذي انتخبه التونسيون لأجله لذلك فضل تقديم مصالح بلاده وفك التوافق الضمني مع التنظيم.


ويستمد "سعيد" قوة كبيرة من الشارع التونسي الذي بات يعلم تمام العلم الأجندة الإخوانية ذات الولاء الخارجي وهو ما انعكس على شعبية التنظيم بشكل كبير ولعا أبرز المؤشرات هى الاجماع في البرلماني على المطالبة بعزل راشد الغنوشي من رئاسته.


ويصف الكاتب والمحلل السعودي فهد ديباجي الوضع في تونس بأنه أشبه ببركان قد تتطاير حِممه في أي لحظة تخرج من المشهد وتخوض مخاضا عسيرًا كغيرها، لا سيما بعد موجة الوعي العربية المتزايدة من الخطر الإخواني، فالشعب التونسي لم يعد يثق في الطبقة السياسية وضاق ذرعا من الغنوشي وحزب "النهضة" وكل خطاباته البائسة والمكررة، وذلك لانشغاله عن هموم تونس المدنية، وتمكين أردوغان والانضمام تحت لوائه، والتبشير بتنظيم الإخوان كأنموذج أصيل للإدارة الأيديولوجية المتنكرة للهم الوطني.


انقسامات داخلية غير مسبوقة


يقول المفكر الإسلامي المصري ثروت الخرباوي إن المتتبع لتاريخ الإخوان يعلم جيدا أن الأزمات الحقيقية التي تضرب التنظيم تأتي من الداخل، وأن كل المراحل التي توارى فيها الإخوان وغابوا عن المشهد كانت بسبب اضطرابات وأزمات داخلية أدت لتفكك الهيكل التنظيمي.


ويوضح "الخرباوي" في حديث لـ"ليفانت" أن حركة النهضة الإخوانية في تونس كانت أخر ما تبقى من قوة لدى التنظيم الدولي للجماعة، وأن الرهان على راشد الغنوشي طالما كان دقيقا لكن بعد كل الأحداث التي جرت مؤخرًا ثبت عكس ذلك، واتضح أن جماعة الإخوان في كل البلدان العربية تعمل وفق آليات محددة وقوالب ثابته وضعها التنظيم الدولي وينفذها قيادته في كل دولة، وربما سمحت الظروف السياسية في تونس بأن يطول عمر حركة النهضة لكن في ظل التطورات الأخيرة أصبح السيناريو الأقرب للواقع هو سقوط الإخوان في تونس سقوطا مدويًا.


ولعل أبرز المواقف التي عكست ضعف وهشاشة الحركة داخيا ما حدث بين ياد العذاري وهو قيادي في حركة النهضة ومن أهم كوادرها حيث تحدى علنًا رئيس الحزب راشد الغنوشي بقنبلة سياسية تحت قبة البرلمان، حين أعلن في يناير 2020 رفضه التصويت للحكومة التي شكلها الحبيب الجملي بدعم من الحركة.


انهيار الشعبية


ويؤكد المفكر المصري أن شعبية حركة النهضة قد أوشكت على الانهيار التام مستشهدا بعدد من استطلاعات الرأي التي جرت في البلاد مؤخرًا وأظهرت تأكل شعبية الحزب الإخواني وصعود أحزاب أخرى بديلا عنه أهمها الحزب الدستوري الحر ونداء تونس.


وعبر الخرباوي عن اعتقادة بأن الغوشي سيلجأ لترك البرلمان والتنحي عن رئاسة الحركة تفاديا لحلها نهائيا.


ووفق تقرير فرنسي فإن إن ناخبي الحركة كانوا مليونا وخمسمئة ألف صوتوا للحركة عام 2011، لكن الحركة خسرت ثلثي ناخبيها الذين لم يتجاوز عددهم  خمسمئة وستين ألفا فقط العام 2019.


وتختتم الصحيفة بالقول إنه بعد ما يقرب من عشر سنوات على الثورة، التي لم تكن من عمل النهضة، تم تشويه سجل عهد الغنوشي. وهو الآن في سن الثمانين تقريبًا بينما يتنازع أنصار الحزب وتعصف بهم الانقسامات.


الجهاز السري


 


بشكل واضح تشير إصبع الاتهام إلى جماعة الإخوان عبر “التنظيم السري” بالضلوع بقضية اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين قتلا عام 2013.


 


وتعد قضية الجهاز السري لإخوان تونس، أحد أبرز الملفات الشائكة بطريق النهضة، حيث تواجه الحركة الإخوانية اتهامات موسعة ومتلاحقة بعدة قضايا تتعلق باغتيال السياسيين والمعارضين، فضلًا عن ضغوط برلمانية متصاعدة على القضاء من أجل حسم القضية ومعاقبة قيادات الإخوان حال ثبوت اتهامهم، ومطالبات بحظر التنظيم نهائيًا إذا ثبت تورطه.


 


وكشفت وثائق نشرتها هيئة الدفاع عن السياسيين المعارضين التونسيين، نهاية سبتمبر/أيلول الماضي محادثات سرية جرت مطلع العام 2012 بين الإخواني مصطفى خذر رئيس التنظيم السري، المختص بتنفيذ العمليات النوعية وتصفية المعارضين، وقيادات التنظيم المحظور في مصر حول التنسيق والتعاون من أجل تحقيق ما يسميه الإخوان “أستاذية العالم”، أو الوصول إلى الحكم في عدة دول عربية بوقت متزامن، وهو حلم الأب المؤسس حسن البنا.


 


وشملت الوثائق اتفاق واضح بين “خذر” وقيادات التنظيم بمصر حول ضرورة التخلص من قوى المعارضة التي تشكل عائقًا أمام تمدد المشروع الإسلامي وتحديدًا اليسار، أو إخافتهم على الأقل حتى يتسع المجال للإخوان.


رشا عمار

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!