الوضع المظلم
الأحد ٠٥ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • المنطقة إلى تحول جديد.. جولة صراع قد تكون الأخيرة بين حماس وإسرائيل

المنطقة إلى تحول جديد.. جولة صراع قد تكون الأخيرة بين حماس وإسرائيل
عمار زيدان

وساطة مصرية أنهت موجة القتال الأخيرة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، في ظلّ تساؤلات كثيرة حول جدوى هذا الصراع، ودور القاهرة في الملف الفلسطيني، وذلك بعد أن اتخذت جمهورية مصر العربية حزمة من القرارات والتحولات غير المسبوقة تجاه قطاع غزة، إلى جانب الدور المتناقض لما يسمى "محور المقاومة"، خلال الفترة الحالية، عبر لعب عنصر المتفرج أكثر من كونه داعماً رئيسياً للفصائل الفلسطينية منذ السنوات الماضية، ولعل تصريحات القائد العام لحركة حماس في الخارج، خالد مشعل، الأخيرة لقناة RT الروسية حول ابتعاد قرار الحركة عن العواصم الإقليمية وعدم السماح للدول الصديقة وغير الصديقة التدخل في قرار "حماس"، خير دليل على ذلك.


معادلة جديدة


عاد الهدوء إلى قطاع غزة، مع بدء سريان وقف إطلاق النار، فجر يوم الجمعة قبل الماضي، بعد 11 يوماً من الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، بناء على الاقتراح والجهود المصرية التي تجددت بعد فترة طويلة من الجمود السياسي الإقليمي والدولي تجاه القضية الفلسطينية، بشكل عام، ومشكلة قطاع غزة خاصة.. القتال الأخير أخذ طابعاً جديداً عبر قدرة صواريخ "حماس" من الوصول إلى العاصمة الإسرائيلية، تل أبيب، الأمر الذي كان غير ممكن أو غير مسموح به لعشرات السنين الماضية عندما كانت الفصائل الفلسطينية تحت عباءة محور محدد مؤلف من دول سوريا وإيران، وأخيراً تركيا، والتي عمدت خلال الفترة الماضية إلى رفع نبرة التصريحات الإعلامية ضد إسرائيل والوقوف إلى جانب الفلسطينيين، بحسب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على الرغم من وجود اتفاقيات عسكرية سابقة وسارية إلى وقتنا هذا تتضمن تبادل الخبرات والوفود العسكرية بين البلدين وإجراء تدريبات مشتركة، بينها رفع كفاءة الطيارين الإسرائيليين والأتراك.


البوابة الرئيسية


ولعل أبرز نتائج الحرب الأخيرة، تتمثل في استعادة مصر لدورها وتسلمها للملف الفلسطيني، حيث أوصلت الحكومة المصرية للإدارة الأميركية عبر تحولاتها الأخيرة تجاه قطاع غزة أنها البوابة الرئيسية هناك والتي يجب أن تمر عبرها المصالح الغربية، إضافة إلى ما يثار عن تخوفات مصرية على دورها في ملف الوساطة، وتداعيات موجة التطبيع الأخيرة على أمنها القومي ومصالحها الإستراتيجية.


بالمقابل، ترى تل أبيب في القاهرة، الشريك الأفضل والأكثر فاعلية منذ وصول السيسي إلى الحكم صيف عام 2014، على خلاف مواقف مصرية سابقة متأزمة مع الفصائل الفلسطينية، التي بدأت تتقارب هي الأخرى من مصر، وشاركت في ضبط الحدود مع سيناء وتحجيم تحركات الجماعات المتطرفة والمتشددة على طول الحدود مع قطاع غزة.


حيث ذكر موقع هآرتس الإخباري، قبل أيام، عبر مقال لمحلل شؤون الشرق الأوسط، زيفي بارئيل، أنّ مصر هي أفضل رهان لإسرائيل لإنهاء تصاعد الصراع في غزة، لكن يبقى التحدي الرئيسي الذي قد تواجهه القاهرة في تسوية الصراع الراهن، وفق "هآرتس"، متمثلاً في إقناع تل أبيب بفصل عمليتها العسكرية في غزة عن التصعيد بالحرم القدسي، في وقت ترى فيه الحكومة الإسرائيلية أن أي انسحاب يعد تنازلاً للفصائل الفلسطينية.


حل الدولتين


وفي الجانب الآخر، يمكن القول إنه من غير الواقعي افتراض تعزيز العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل من دون حل القضية الفلسطينية بشكل مسبق، وبخاصة مع موجة التطبيع المتصاعدة في المنطقة، والتي قد تفضي خلال الفترة القريبة القادمة إلى دخول دول عربية جديدة قد تكون من أشد المعادين لإسرائيل والمناصرين سابقاً للقضية الفلسطينية مركب اتفاقيات السلام.


وعلى المستوى العالمي، فإن الأيام الـ11 الماضية قد أعادت النقاش حول حل الدولتين إلى الأنظار والاهتمام العالميين، فبعد دقائق فقط من بدء سريان وقف إطلاق النار، غرد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على "تويتر" قائلاً: "إن الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء يستحقون أن يعيشوا في أمن وأمان وأن ينعموا بدرجات متساوية من الحرية والازدهار والديمقراطية"، كما تعهد بايدن "بمواصلة إدارة دبلوماسيتنا الهادئة الراسخة لتحقيق هذه الغاية".


الأمر الأكثر أهمية وغير المسبوق، تمثل في إقدام اللاعبين الدوليين في المنطقة على التفكير في إجراء مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع حركة حماس، رغم تصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض البلدان العربية، حتى إنّ المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، ذكرت عقب التوصل إلى هدنة أنّه من الضروري الحفاظ على تواصل غير مباشر مع "حماس."


قواعد متغيرة


كل ذلك قد يغير قواعد اللعبة في المنطقة، والتي استمرت خلال عشرات السنوات الماضية، ورسم خارطة جديدة قد يبدأ تنفيذها أو التفكير بها في الوقت الحالي، ولعل أبرز ملامحها، تتمثل بإنهاء كافة التكتلات المصالحية والمحاور العقائدية بدءاً من محور إيران امتداداً للطموحات التركية والخلاص من بؤرة التوتر الأولى في العالم، وذلك عبر استغلال الحالة غير المستقرة التي تعيشها المنطقة، بشكل عام، وسوريا، خاصة، منذ العام 2011، لتنفيذ ما كان صعب المنال سابقاً.


وبعيداً عن السياسة، فإن المدنيين هم من تحملوا وطأة هذا الصراع بشكل كبير، فقد حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) من أن الوضع في قطاع غزة بات صعباً للغاية مع تشريد أكثر من 71 ألف شخص من داخل القطاع.


كما يعتبر أنّ المدنيين هم الخاسر الأكبر في هذه الحرب، حيث قتل خلال الأحداث الأخيرة عشرات الأشخاص من الفلسطينيين والإسرائيليين، إلى جانب تفاقم الوضع إلى مستوى لا يعرف مداه حتى اليوم فيما يتعلق بالتوتر الداخلي بين اليهود والعرب داخل البلاد، ما قد يدفع الوضع إلى حافة حرب أهلية.


عمار زيدان


ليفانت - عمار زيدان


النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!