الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
المليشيات والحكومة.. صراع النفوذ والسلاح في العراق
صراع النفوذ والسلاح في العراق

 ليفانت – مرهف دويدري 

 





الإدارة الأميركية الجديدة ربما لا تعطي الملف النووي الإيراني أولوية، وهذا ما يزيد الضغط على إيران عقب حملة "الضغط القصوى" التي تبنتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في الوقت الذي تسعى فيه إيران لترسيخ مبدأ التهدئة بشكل حقيقي، وتهيئة الأرضية الصلبة والمقبلة للإدارة الأميركية الجديدة  التي ستسلتم مقاليد الحكم بشكل رسمي في 20 كانون الثاني/يناير، للذهاب نحو طاولة المفاوضات، إلا أنها أيضاً تضع في حساباتها أهمية أن يأتي الرئيس المنتخب جو بايدن سريعاً لهذه الطاولة.





هذه التهدئة التي تسعى إليها طهران في العراق، لم تستمر سوى أسابيع قبل أن تعود عمليات استهداف المصالح الأميركية مرة أخرى بهجمات صاورخية جديدة، حيث حمّل مسؤولون غربيون وعراقيون جماعات متشددة بينها “كتائب حزب الله”، وهي الجماعة الأكثر ولاءاً للنظام الإيراني، مسؤوليتها عن هذا الهجوم الصاروخي


وتأتي الهجمات قبيل أيام من الذكرى الأولى للغارة الأميركية التي قتلت قائد فليق القدس قاسم سليماني، ونائب رئيس قوات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بالقرب من مطار بغداد، حيث ندد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بالهجوم الصاروخي الذي شنته “جماعات خارجة عن القانون”، قائلاً: “المليشيات المدعومة من إيران قامت مجدداً بشكل صارخ ومتهور بالهجوم على بغداد، بالمقابل استنكر النظام الإيراني الهجوم على البعثات الدبلوماسية، حيث أبلغ قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، المليشيات المسلحة الموالية لطهران في العراق، بضرورة إيقاف الهجمات على المصالح الأميركية في الدولة العربية الممزقة



تجدد الهجمات.. تنذر بتصعيد جديد



استهدفت السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء شديدة التحصين ببغداد، بعدة صواريخ من نوع “كاتيوشا”، ما أثار مخاوف من تجدد الاضطرابات مع اقتراب الذكرى السنوية لمقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، حيث حمّل مسؤولون غربيون وعراقيون جماعات متشددة بينها “كتائب حزب الله” الموالية لإيران مسؤوليتها، وكانت قد أعلنت جماعات يعتبرها مسؤولون أميركيون وعراقيون واجهة لفصائل مسلحة معروفة متحالفة مع إيران مسؤوليتها عن الهجمات.


واستُهدفت السفارة الأميركية وغيرها من المواقع العسكرية والدبلوماسية الأجنبية بعشرات الصواريخ والعبوات الناسفة منذ خريف العام 2019، فيما كشف مسؤول أميركي إن “كبار مسؤولي الأمن القومي اجتمعوا في البيت الأبيض واتفقوا على مجموعة من الخيارات المقترحة لردع أي هجوم على أفراد عسكريين أو دبلوماسيين أميركيين في العراق”، وخفّضت الخارجية الأمريكية طاقمها الدبلوماسي في العاصمة العراقية، وبرزت مجدداً في الأيام الأخيرة تخمينات حول إمكان غلق السفارة نهائياً.


بالمقابل حمّل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الخارجين على القانون المسؤولية في “اهتزاز ثقة الشعب والأجهزة الأمنية والجيش بالدولة”، وشدد بالقول :”طالبنا بالتهدئة لمنع زج بلادنا في مغامرة عبثية أخرى، ولكننا مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر”، مؤكداً إن “أمن العراق أمانة في أعناقنا، ولن نخضع لمغامرات أو اجتهادات”، ولم يحدد الكاظمي الجهات التي قصدها في تغريدته، لكن هذه التصريحات تأتي بعد أيام من هجوم استهدف السفارة الأميركية في بغداد بنحو 21 صاروخ كاتيوشا، في هجوم هو الأعنف منذ عام 2010، وعادة ما تستخدم الأجهزة الامنية العراقية عبارة “خارجين عن القانون” للإشارة إلى الميليشيات الخاضعة لسيطرة إيران.



المليشيات الموالية لإيران في مواجهة الكاظمي



انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر فيه مسلحون ملثمون يهددون باستهداف من وصفوهم بـ”عملاء أميركا”، وقال مسلح ملثم إنهم رهن إشارة زعيم ميليشيا “عصائب أهل الحق” الموالية لطهران، “قيس الخزعلي”، الذي أشار إلى إمكانية استهداف السفارة الأميركية في بغداد، وقال إن “وقت الرد لم يحن بعد”.


اقرأ المزيد   القبس: إيران نقلت صواريخ ومسيّرات على مرحلتين إلى العراق


من جهته، قال مصدر أمني عراقي، إن التوتر الذي شهدته بغداد بدأ بعد أن تم رفض إطلاق سراح مجموعة من المعتقلين التابعين لميليشيا “عصائب أهل الحق”، بينهم شخص يدعى حسام الزيرجاوي، وبحسب مصادر من داخل هيئة الحشد الشعبي، يعد الزيرجاوي أحد قياديي العصائب، ويرأس كتيبة للصواريخ في الميليشيا الموالية لطهران، وحاولت ميليشيا العصائب، الضغط على السلطات لإطلاق سراحه، وانتشرت نحو 300 مركبة وشاحنة صغيرة تابعة للعصائب وعلى متنها مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وكانوا مستعدين لشنّ هجوم على مقر الاستخبارات في منطقة العرصات ببغداد، حيث يقبع الزيرجاوي، بحسب مصدر أمني.


لكن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي رفض ذلك وأبلغ عدداً من الشركاء السياسيين أن هذا الأمر لن يحصل لأن فيه تهديد لمستقبله السياسي وسيقوض سيادة الدولة لصالح هيمنة الميليشيات، وأصدر أوامره لقوات الفرقة الأولى في الشرطة الاتحادية، التي تعد أهم وأقوى التشكيلات داخل وزارة الداخلية من ناحية التدريب والتسليح، لمواجهة أي تحرك تقوم به ميليشيا العصائب تجاه مقر الاستخبارات.


بالمقابل كان وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي أعلن منتصف الأسبوع، أن قوات الأمن نجحت في اعتقال شخص متورط في عملية القصف الذي استهدف السفارة الأميركية في بغداد، لكن من دون أن يكشف عن هويته أو الجهة التي ينتمي لها، وأن قوات الأمن تمتلك أدلة دامغة على تورط الزيرجاوي في الهجوم، بينها مقاطع مصورة وشهادات لأشخاص شاركوا في عملية إطلاق الصواريخ.



القضاء العراقي يصدر مذكرات لاعتقال “الخارجين عن القانون”



مع استمرار التوتر بين حكومة الكاظمي وميليشيات حزب الله العراقي وقبلها عصائب أهل الحق، أوفد رئيس الوزراء العراقي مبعوثا خاصاً إلى إيران لوقف تمادي الميليشيات ضده ونقل رسالة مفادها أن صبر الحكومة العراقية بدأ ينفد أمام تصرفات الميليشيات، وأن إيران ستكون أول الخاسرين في حال وقوع صدامات مسلحة.


وبحسب مصادر قضائية فقد أصدر القضاء العراقي أربع مذكرات قبض لشخصيات عسكرية ومدنية لها علاقة بالمجموعات التي تطلق الصواريخ على المباني الدبلوماسية والعسكرية في بغداد والمحافظات الأخرى، وأن الشخصيات المتورطة هم ثلاثة قادة من كتائب حزب الله وشخصية مدنية، لهم علاقة بالمدعو أبو علي العسكري، المسؤول الأمني في كتائب حزب الله ويمتلك حساباً على تويتر بنفس الاسم، وفي آخر تغريدة له، هدد العسكري رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بـ”قطع أذنيه مثل العنز”، وقال إن “الاطلاعات الإيرانية والمخابرات الأميركية لن تحمي الكاظمي”.


ويعرف عن العسكري أن اسمه الحققي “حسين مؤنس”، ويحمل لقباً آخر هو “أبو موسى”، وهو المسؤول الأمني لميليشيا كتائب حزب الله العراقية المرتبطة بإيران، وعضو بمجلس شورى كتائب حزب الله، ويعمل مستشاراً أمنياً وعسكرياً، حيث برز اسمه بسبب تغريداته المتشددة، حيث إن مهمته هي إيصال رسائل تهديد للمسؤولين وكشف معلومات استخباراتية محددة للجمهور، وهو متهم بالمسؤولية عن مقتل الخبير الأمني، هشام الهاشمي، الذي ربط بين حساباته المختلفة، ولم ينشر صورته قط أو يكتب باسمه الصريح، فيما أشار مصدر أمني أنه من المتوقع أن يكون أبو علي العسكري  قد فرّ خارج العراق الآن.


بالمقابل لم يتم التطرق لما جرى من أحداث عاشتها العاصمة العراقية بشكل رسمي، والتي كانت شبيهه إلى حد ما لاقتحام عناصر ميليشيا كتائب حزب الله للمنطقة الخضراء في يونيو الماضي بعد اعتقال عدد من عناصرهم شاركوا في هجوم على السفارة الأميركية أيضاً.








 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!