-
المشروع الإيراني والانتقام الماورائي
تواجه المنطقة العربية اليوم مشروعاً عدوانياً غير تقليدي، يختلف عن أي تهديد عرفته المنطقة، ألا وهو المشروع الإيراني الذي يغرف من أوهام التاريخ السحيق حقداً معتّقاً بالثأر والانتقام، حقداً يُحَمِّلُ كل طفل في الأمة مسؤولية قتل الحسين وهزيمة الفرس في القادسية.
هذا المشروع يواجه المنطقة العربية حاملاً على عاتقه ثأرين تاريخيين:
الأول يتعلق بمعركة القادسية وهي إحدى معارك الفتح الإسلامي، وقعت في «13 شعبان 15 هـ» «16 نوفمبر 636» بين المسلمين بقيادة «سعد بن أبي وقاص» والإمبراطورية الفارسية بقيادة «رستم فرّخزاد» في القادسية، وانتهت بانتصار المسلمين ومقتل رستم.
والثاني هو الثأر لمقتل الحسين بعد أن تخلّف عن مبايعة «يزيد بن معاوية» ورحل إلى مكة مع جماعة من أصحابه، فأقام فيها أشهراً، ودعاه إلى الكوفة أشياعه فيها. ولما وصل الحسين إلى العراق أرسل أمير الكوفة والبصرة «عبيد الله بن زياد» جيشاً اعترضه في كربلاء فنشب قتال عنيف أصيب الحسين فيه بجراح شديدة، فأجهز عليه «شمر بن ذي الجوشن».
للثأر الأول بعد قومي وللثاني بعد ديني، والغريب في الأمر هو تمكّن إيران من كسب مساحة من الشعور القومي العروبي بالعزف على وتر «القضية الفلسطينية»، وتمكن إيران من كسب قطاع واسع من النخب الإسلامية بالتنغيم بنغمة تحرير الأقصى.
إن أخطر ما فعلته المجموعة الإيرانية وتفعله على الدوام يتمثل في هذه النقاط:
استهداف إيران للقومية العربية ونجاحها بكسب القوميين العرب.
استهداف إيران لجمهرة السنة ونجاحها في كسب تأييد كثير من النخب السنية.
تمرير أكبر مذبحة في التاريخ بأقل إدانة محلية ودولية وطرحها كطرف في التسويات السياسية.
ارتكاب أبشع الجرائم الإرهابية وتسويق الضحية على أنها هي الإرهابية.
ممارسة أقصى درجات الإرهاب ثم تقديم نفسها كشريك في الحرب على الإرهاب.
التدخل بعمق بدول الجوار وإدانتها لأي تدخل موازٍ ولو كان للشؤون الإنسانية.
انتهاكها لكل المقدسات الدينية والترويج على أنها حامية للمقدسات ومدافعة عنها.
استخدام الخصوم لتحقيق مصالحها.
إظهار الاستعداد لممارسة أي نوع من أنواع الشر وبيع «بضاعة الجريمة» لمشتريها.
ممارسة أقصى درجات المخاشنة مع الضعفاء ومنتهى درجات «السياسة الناعمة» مع الأقوياء.
إيران تستثمر في الحروب، وتسعى لبناء أمجادها على حطام الآخرين، ومنذ بداية حقبة «الخمينية الحديثة» شرعت إيران بتنفيذ خطتها الخمسينية لاجتياح المنطقة والتمدد فيها. والجزء الأهم من الخطة الإيرانية هو المتعلق بالمملكة العربية السعودية، بدوافع طائفية صرفة، كالحديث عن مراقد آل البيت، وأحقية إيران بإدارة «فريضة الحج».
لكنها تسعى لتحقيق ذلك تحت عناوين مخففة مثل «إدارة إسلامية مشتركة للأماكن المقدسة»، فقد أصبح واضحاً أن الهدف الأول والأخير لإيران من دورها في أحداث المنطقة، وفي الخليج بشكل خاص، هو المملكة العربية السعودية. ويتلخص مشروع إيران هناك بثلاثة مطالب:
استعادة البحرين بوصفها جزءاً من إيران.
استقلال ذاتي أو انفصال كامل للمنطقة الشرقية في السعودية، حيث تقطن أكثرية شيعية تقول طهران إنها مضطهدة.
إدارة إسلامية مشتركة للأماكن المقدسة: «الحرمين الشريفين وقبر الرسول الكريم في مكة والمدينة»، وتقاسم مسؤوليات مشتركة في تنظيم الحج وإدارته وأمنه، والإنفاق على مؤسساته ومواقعه.
التهديد الإيراني للمنطقة برمتها ليس خيالاً سياسياً، إنما هو وقائع على الأرض، تبدأ من المطابخ الإيرانية متمثلة بالغرف المخابراتية ومراكز الدراسات الاستراتيجية مروراً بالهيئات الإعلامية واللوبيات الإيرانية النشطة، وصولاً إلى أرض الواقع لتظهر بصورة مجازر وملاحم يصعب وصفها.
ليفانت - عبد الناصر الحسين
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!