الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٣ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
المرتزقة شوكة إضافية في الأزمة الأوكرانية
شامان أحمد

الغزو الروسي لأوكرانيا، هل يصنع شيطاناً جديداً بعودة "اللواء الدولي" الذي دعا إليه زيلينسكي لتحرير بلاده وسط ترحيب عالمي ومخاوف من التجاوزات المرتقبة لـ "المرتزقة"؟ والمرتزق بحسب موسوعة بريتانيكا "هو الجندي المحترف المستأجر الذي يقاتل من أجل أي دولة أو أمة من دون شرط الإيمان بقضية المتحاربين أو أيديولوجيتهم".

تلك المُصيبة التي بدأت بوحدات عسكرية من متطوعين اشتراكيين وشيوعيين وسلطويين من مختلف البلدان ممن حاربوا إلى جانب الجمهورية الإسبانية الثانية في الحرب الأهلية الإسبانية بين عامي 1936 و1939، وكانوا من 53 جنسية، تطوعوا لقتال القوات الوطنية التابعة للجنرال فرانسيسكو فرانكو المدعومة من ألمانيا النازية ومملكة إيطاليا.

ولم يكن ينقص المشهد المُشتعل حالياً سوى ظهور مرتزقة المقاتلين الأجانب ليكونوا شوكة إضافية في الأزمة الأوكرانية، فما هو قادم أدهى وأمر وأدهش، لتتحول الصورة القاتمة مُستقبلاً من تخبط وتردد غير مسبوقين من أغلب دول العالم إلى تفجر المخاوف الشعبية من القوى النووية التي تلوح في الأفق بعد التهديد الروسي بالردع النووي، وسط ارتباك دولي بالضعف، ليبرز على السطح الأولية الدولية قبل أن يتلقط أحد أنفاسه من وقع الدهشة مجدداً، وللأوكراني حق بفتح باب الحرب أمام المتطوعين من محبي أوكرانيا من غير الأوكرانيين حول العالم من أجل تحريرها، وهو ما وجد من المتفرجين الدوليين ترحيباً للفكرة وتقديم كافة التسهيلات التي تساعد مرتزقة العالم أو محبي أوكرانيا الأجانب على دخول أوكرانيا وحمل السلاح والانضمام للمقاومة وحماية الأمن العالمي، (فقط انضم إلى صفوف المدافعين عنا)، لتنطلق من هنا الفكرة بتشكيل وحدة منفصلة من الأجانب المقاتلين.

إذاً فالمسألة ليست مجرد غزو دولة لدولة أخرى ذات سيادة، لكنها بداية حرب ضد أوروبا كلها، والتي تخشى أن تكون أراضيها حلبة الحرب العالمية الثالثة ونقطة انطلاق شعلتها، كما قال زيلينسكي، والذي أعلن وزير خارجيته، دميترو كوليبا، أن 1000 مقاتل أجنبي قدموا طلبات للقتال في أوكرانيا ضد روسيا، بل وسارعت دول أوروبية لمشاركة أوكرانيا في حشد المقاتلين؛ حيث أعلنت بريطانيا والدنمارك السماح للمتطوعين من بلادهما الانضمام إلى فيلق دولي، وقد انضموا إلى "وحدة العصبة الوطنية الجورجية" المُسلحة، بينهم 400 سويدي ومئة بريطاني وآخرون كُثُر، إضافةً لعبور نحو 22 ألف مواطن أوكراني كانوا يقيمون في الخارج، الحدود إليها منذ بدء العملية الروسية العسكرية، بهدف مساعدة قواتهم المُدافعة، وهو ما يُعيد ذكريات العمليات العسكرية الروسية في شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا عام 2014، وكان للمرتزقة والمقاتلين الأجانب دور كبير في القتال، "فاغنر" المنظمة الروسية "شبه العسكرية" أو الشركة العسكرية الخاصة، وفي أقوال أخرى المنظمة الروسية المتخصصة في المرتزقة تطرح نفسها كفكرة بقوة هذه الآونة، وكان الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على "فاغنر" في ديسمبر الماضي، لاتهامات طالتها تتعلق بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في مناطق النزاع التي قاتل فيها "موظفوها"، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وغيرهما، وقد كونتها شركة يمولها رجل الأعمال القريب من الرئيس الروسي، يفغيني بريغوجين، الذي فرض عليه كل من الاتحاد الأوروبي وأميركا عقوبات بسبب اتهامات له بزعزعة الاستقرار في ليبيا والتدخل في الانتخابات الأميركية.

لقد أصبحوا هاجساً لدى كثير من الدول، لا سيما بعدما أصبح في حكم المؤكد استخدام روسيا لها في العديد من أماكن الصراع، وهو ما يحق للأُكرانيين فعلهُ دفاعاً عن أرضهم ضد أطماع سوفيتة ميتة، لا سيما في ظلّ تقاعس أو اختيار هذه الدول لعدم إرسال قوات لدعم القوات الأوكرانية، لخوفهم من أن يكونوا شوكة تمتدّ لأجسادهم. لا سيما في ظلّ تنامي النزعات والنعرات القومية البيضاء في عدد من دول الغرب، وهو ما قد يؤدي إلى تقوية ودعم موجات الإرهاب الداخلي في تلك الدول، وتوسيع قاعدة المقاتلين الأجانب.

 

ليفانت - شامان حامد

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!