الوضع المظلم
الإثنين ٠٦ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
المجلس العسكري هو الحل الوحيد لإنقاذ سوريا
وسيم أبازيد

منذ انطلاق الثورة الشعبية السورية في آذار 2011 حتى اليوم، حصلت تغييرات جذرية وجوهرية في بنية المجتمع السوري، وفي بنية النظام، وكذلك حدثت تحوّلات كثيرة في توازنات الدول الكبرى، وتغيّرت الكثير من الاصطفافات المصلحية، وحتى الاستراتيجية على مستوى العالم.


فنتيجة لتداخل وتظافر العديد من الظروف الذاتية والموضوعية، وكذلك العوامل الخارجية، بما فيها التدخل الدولي المباشر وغير المباشر، وصلنا إلى حالة كارثيّة تهدد سوريا ككيان وكوجود.


إنّ فشل النُخَب السياسية والوطنية المعارضة للنظام خلال سنوات الأزمة السورية في دحر النظام، أو حتى تشكيل جسم وطني قادر على التصدي لحمل أمانة تطلّعات الشعب السوري في الحرية والكرامة وبناء دولة المواطنة، يقابله فشل النظام في إدارة الأزمة والحفاظ على السيادة الوطنية.


وإنّ ارتهان معظم المعارضة السياسية السورية لمصالح الدول الإقليمية، يقابله تنازل النظام للدول التي ساعدته على البقاء في الحكم عن أجزاء من الأرض السورية والمصالح الاستراتيجية الوطنية، ومصادر الثروة الباطنية، ومفاصل الاقتصاد السوري الحيوية لتلك الدول، في مقابل الحفاظ على سيطرة ثلّة من أصحاب السلطة الفاسدين وأمراء الحرب الجدد الموالين له.


خلال عقود طويلة من تحالف الطغمة المالية الفاسدة مع الطغمة العسكرية والأمنية المستبدّة، وعلى رأسها نظام حكم ديكتاتوري، منع خلالها كل أشكال العمل السياسي والمدني الحر، وقام بتخريب مؤسسات الدولة، التي بناها الشعب السوري بنضالاته المتراكمة، بما فيها مؤسسة الجيش الوطني السوري، وتحويله لجيش عقائدي لخدمة السلطة الفاسدة، بدل خدمة الوطن.


وتحوّلت مؤسسة الجيش والفروع الأمنية إلى ذراع ضاربة بيد السلطة ضد أعدائها، بعد تسليحها وحمايتها بالدستور وبالقوانين الاستثنائية الجائرة، الأمر الذي جعلها أقوى المؤسسات في سوريا، والتي أصبحت بمقدار ماهي قادرة على حماية السلطة ومصالح أركانها، بقدر ماهي قادرة على الانقلاب على تلك السلطة وإزاحتها لصالح الشعب السوري، وفي سبيل تمكين هيكلية حكم جديدة تحقق تطلعاته المشروعة.


لقد حوّل نظام الأسد سوريا خلال عقود طويلة الى دولة عسكرية أمنية بالمطلق، وقضى بوحشية على أي قوى مدنية أو سياسية أو مجتمعية تقليدية، وبنى شبكة علاقات دولية معقدة، ولعب بمهارة على تناقضات مصالح مختلف الأحلاف الدولية، لذلك لا يوجد قوّة تغيير حقيقية في سوريا اليوم سوى قوة الجيش والأمن، بالإضافة للتأثير المباشر للقوى الإقليمية والدولية في تحديد مصير سوريا القادم.


مما سبق نصل إلى نتيجة أنّ سوريا اليوم هي في حالة كارثية مأساويّة على كل الأصعدة، والتوجّه إلى الضباط الوطنيين السوريين الذين همّهم الأساسي الحفاظ على سوريا أولاً، للمبادرة الى إحداث التغيير الحقيقي بتولي الحكم فوراً بكل الطرق الممكنة باسم المجلس العسكري الوطني السوري هو الحل الوطني الوحيد الممكن، لحماية سوريا من التقسيم والانهيار التام، وسينجح هذا المجلس العسكري المنشود إذا اعتمد على وطنيّة الضباط الشرفاء، واعتمد على إشراك ذوي الكفاءة والخبرة والنزاهة من السوريين في بناء وإدارة الدولة وطرح وتنفيذ المشاريع التنموية القصيرة والبعيدة المدى، في كافة المجالات الحيوية الشاملة.


ستكون هذه الشراكة العضوية التي أعمدتها الأساسية هي: القوة والكفاءة والوطنية، في إطار مجلس حكم وطني، ينبثق عنه فور تشكيله: مجلس دستوري قانوني، ومجلس تنفيذي (حكومة مصغرة)، ومجلس نيابي (يتكون من المحافظين)، ومجلس استشاري يكون بمثابة هيئة عامة استشارية ورقابية على عمل المجلس، ومجلس دفاع يقوم بإعادة هيكلة مؤسسة الجيش على أسس وطنية، وينهي فوضى السلاح.


ولا مجال للتخوّف نتيجة استذكار تجارب استبداد الحكم العسكري، إن كان في سوريا او في أي بلد آخر مشابه، لأنّ الظروف الحالية في سوريا مختلفة تماماً، فنحن أمام حالة انهيار شبه تام للدولة والمجتمع، وإنّ انسداد الأفق التام باتجاه الخروج من الاستعصاء السياسي في حل الازمة السورية والخروج من الكارثة الإنسانية والوطنية، ومع الفهم العميق لطبيعة المجتمع السوري، وبنية النظام السوري، وللتحولات الكبرى التي تمّت خلال السنوات العشر الماضية، واعتباراً لتوازنات القوى الداخلية والخارجية، ومواقف المجتمع الدولي، فإنّ الحل الذي ينسجم مع مقتضيات الوضع الراهن، ومع القرارات الدولية، بما فيها بيان جنيف1 والقرار 2254، هو بالتوجه للوطنيين الشرفاء في المؤسسات الأمنية ومؤسسة الجيش بشكل أساسي، وإلى كل القوى السياسية الوطنية المخلصة من أحزاب وتيّارات وتكتلات وأفراد، وإلى قوى المجتمع السوري من مثقّفين وأكاديميين وزعماء عشائر ورجال دين، وإلى الشعب السوري كافّة، للالتفاف حول/ ودعم تشكيل مجلس عسكري وطني سوري، يعمل على إنشاء مجلس حكم وطني، يقود مرحلة انتقالية مؤقتة، تنتقل بسوريا من مرحلة الدمار الكلّي والشامل الذي تعيشه إلى مرحلة البناء والتنمية، ومن مرحلة الاستبداد والديكتاتورية إلى مرحلة الدولة المحايدة - دولة المواطنة والعدالة، التي يتحقق فيها مبدأان: سيادة القانون وسلطة الشعب.


وسيم أبازيد


ليفانت - وسيم أبازيد

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!