الوضع المظلم
السبت ٠٤ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • متطوعون يخاطرون بحياتهم لتعليم فتيات أفغانستان سراً

متطوعون يخاطرون بحياتهم لتعليم فتيات أفغانستان سراً
صورة توضيحية. مصدر منظمة PENPATH

ترجمات ليفانت نيوز
وائل سليمان

 

بعد تسعة أشهر من استيلاء طالبان على كابول، ما تزال الفتيات المراهقات محرومات من حقهن في التعليم. في عام 2002، عندما كان "مطيع الله ويسا" مراهقاً، أحرق مسلحون مدرسته فكرس حياته لضمان حصول الأطفال الآخرين في أفغانستان على التعليم.

"ويسا" هو المؤسس المشارك ورئيس PenPath، وهي منظمة غير حكومية تعمل على إعادة فتح المدارس المغلقة في المناطق الريفية بالبلاد، من منطقة سبين بولداك في قندهار إلى مقاطعة هلمند، وقد علمت هذه المنظمة حتى الآن أكثر من 115000 طفل.

لدى  PenPath اليوم 2400 متطوع بينهن ست نساء يقدمن دروساً سرية للفتيات في سن المدرسة الثانوية. مع عدة تأكيدات قدمتها طالبان في المنتديات الدولية، يستمر منع المراهقات من الفصول الدراسية في أفغانستان، بعد تسعة أشهر من استيلاء الجماعة الأسلامية المتشددة على كابول.

منذ بداية حكم طالبان الأخير فتحت المدارس للبنين والبنات حتى عمر الحادية عشرة. ولكن الريف ما يزال محروماً من التعليم لكلا الجنسين. بين مطرقة السلامة وسندان الفقر ترى الأهالي إما مترددين أو غير قادرين على إرسال أبنائهم إلى المدارس، إن وجدت.

أوضح ويسا أن بعض القرى في أفغانستان عدد سكانها 1500 نسمة ولا توجد مدرسة واحدة. لذلك تقوم منظمة PenPath بالتعليم في بيوت الأهالي، يعرض فيها المتطوعين الدروس المسجلة على الفيديو. وفي المناطق حيث يتوفر اتصال بالإنترنت يشرح المتطوعون الدروس على الإنترنت مباشرة للطلبة ذكوراً وإناثاً.

وتابع ويسا: “لقد سجلنا المنهاج الأفغاني من الصف الأول حتى الصف الثاني عشر ونقدمه لطلاب الريف. إذا لم يتمكنوا من الذهاب إلى المدرسة نحن نحضر المدرسة إلى عتبات بيوتهم وأحياناً خلف الأبواب المغلقة”.

واسترسل ويسا قائلاً: “سنناضل من أجل التعليم حتى لو هددتنا طالبان…. التعليم حق إنساني لنا”. تجدر الإشارة إلى أنه إضافة إلى منعها تعليم الإناث حظرت طالبان توظيفهن، أي إن المدرسات خسرن وظائفهن.

بعض الأهالي يترددون في إرسال بناتهم إلى مدارس فيها معلمين ذكور إما خوفاً من قمع طالبان لهم أو بسبب قيمهم المحافظة. لذلك يزور أعضاء منظمة PenPath البيوت فرادى لإقناع الشيوخ والأهالي وزعماء القبائل في الريف الأفغاني بتشجيع تعليم الإناث.

وأشار ويسا “إننا نواجه تحديين. الأول حظر طالبان الفتيات من الصف السابع حتى الثاني عشر. والتحدي الثاني افتقار الأهالي للدوافع لإرسال بناتهم بحجة عدم وجود معلمات ودورات مياه وبيئة مدرسية آمنة.

التصميم على القتال

معظم تمويل منظمة PenPath يأتي من جيوب المؤسسين دون أن ننسى الجالية الأفغانية في المغترب والشيوخ في البلاد. يعمل ويسا والمتطوعون دون أجر حتى يتبرع “فاعل خير” برواتبهم.

يتابع ويسا بفخر ويقول: “أتت إلينا الطالبات وأهاليهم وزعماء القبائل شاكرين لما نقدمه من تعليم لقراهم. فهم سعداء لمتابعة الدراسة. يشجع كلام الطالبات الصغيرات مدرسات المنظمة ويدفعهن للمزيد من العمل.”

تحدثت بعض المدرسات إلى موقع openDemocracy  أنهن لسن قلقات ولا خائفات من عملهن هذا لإيمانهن بالحق في التعليم. وقالت إحدى المتطوعات: “أشعر بالمسؤولية تجاه تعليم المحتاجين إلى التعليم ولا سيما الأطفال بناة المستقبل لبلادي أفغانستان. سأقاوم في عملي بكل تصميم لتحقيق هدفي.”

وتابعت بخصوص تعليم الإناث “سنسعى لتعليم كل فتاة أفغانية، ولذلك نطالب المجتمع الدولي بمنحهن الفرص الخاصة بالتعليم مثل المنح والمساعدة في بناء المدارس لهن.” وقالت مشجعة “لا داعي للخوف من أي شخص أو جماعة. سنبقى نعلم الفتيات حتى آخر نفس في صدورنا.”

© UNHCR/Andrew McConnell Displaced families collect water during a harsh winter in كابول, أفغانستان.

أيدت إحدى الزميلات المتطوعات هذا الكلام بقولها: “لقد تطوعت في هذه المنظمة لأن بلدي الحبيب أفغانستان في وضع سيء جداً. إننا نقاتل من أجل بلادنا ولن نتوقف في سبيل هذا الحق”. وتابعت: “أشعر بالحزن وليس الخوف كوني أناضل في سبيل التعليم وهو حق أساسي لجميع البشر. ونحن معتادون على وقوف كثيرين ضد تعليم الفتيات لذلك لست خائفة أبداً”.

لن يثبطوا عزيمتي

ومع ازدياد القيود التي تفرضها طالبان على تنقل النساء دون محرم، ينتقل متطوعوا منظمة PenPath في مجموعات تفصل بين الجنسين. يوضح ويسا “بعد وصول مدرسات المنظمة إلى بيت إحدى الطالبات المعروف مسبقاً يجمعن فتيات القرية الأخريات ويُعطى الدرس سراً. وبالمثل يقوم مدرسونا الذكور”. يتابع ويسا “تنقسم الحصص إلى دوامين صباحي يبدأ الساعة 7 والآخر الساعة 3. ويبلغ عدد الطلاب الذين يتلقون التعليم يومياً أكثر من 1000 طالب عبر مقاطعات متعددة في قندهار وهلمند وكابول.

كما أطلقت PenPath مؤخراً خدمة المكتبات المتنقلة وجمعت ووزعت أكثر من360 ألف كتاب للأطفال منذ عام 2013. وتأمل المنظمة زيادة عدد الصفوف الإلكترونية والمدارس السرية والمكتبات المتنقلة خلال الأشهر القادمة.  

اقرأ المزيد: انعطافة الصدر تربك المشهد السياسي العراقي والإطار التنسيقي يطرح سيناريوهات

بدأ ويسا العمل على إعادة فتح المدارس خلال حكم طالبان السابق في تسعينات القرن العشرين. ويعترف بأن عمله الحالي أصعب مما كان عليه ولكنه لن يستسلم أبداً.

عندما سألناه عن المخاطر المحتملة إذا اكتشفت طالبان أن المنظمة تعلم الفتيات قال ويسا: “اخترنا أسلوب اللاعنف في نضالنا من أجل الفتيات. لذلك حتى لو هددوني أو أرسلوني إلى السجن لن يثبط ذلك عزيمتي بأن أتوقف عن التعليم”. وأضاف: “إننا نحاول إيجاد أساليب لنضمن ألا يخسر أطفالنا الشيء الوحيد المنقذ لبلادنا من المجاعة ألا وهو التعليم”.

 

المصدر: Opendemocracy

 

 

 

 

 

 

 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!