الوضع المظلم
الجمعة ٢٦ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
الكرد في ظل الأنظمة الواحدة عامل زعزعة
حسين أحمد







إنّ نظرة النظام السوري أو الحكومات السورية فيما مضى، وكذلك قسم من المعارضة الحالية التي تعيش خارج البلد وجزء منهم في الداخل إلى القضية الكردية، ليست إلا نعوت واتهامات مستمرة للحركة الكردية بكل اتجاهاتها وحتى رموزها التاريخية بالسعي إلى الانفصال عن سوريا، علماً أنّ من حقّ الكرد أن يقرروا مصيرهم وفق العهود والمواثيق الدولية كــ”حق تقرير المصير”.


هذا الحق الذي أقرّه ميثاق الأمم المتحدة من خلال قرار رقم 421 الصادر في عام 1950، والذي تضمن حق تقرير المصير للشعوب، لكن الظروف الذاتية والموضوعية تلعب دوراً مهماً في تحقيق هذا الهدف، ومن مصلحة الكرد والسوريين حل القضية الكردية في سوريا على أسس عادلة، وما يستحقون من حقوق خدمة لاستقرار سوريا وشعبها. باعتقادي، وعلى الرغم من المصاعب الكثيرة التي تعرّضت لها الحركة الكردية منذ انطلاقتها في سوريا، في عام 1957 يُطلب منها أن توحد قواها وخطابها السياسي في هذه المرحلة خدمة للحقوق الكردية، فهناك خطوات جدية حول موضوع تكاتف القوى الكردية، وانفراج العلاقات بين أحزاب الوحدة الوطنية والمجلس الوطني الكردي (enks)، من خلال وسيط دولي، لئلا يخرج الكرد من المعادلة السياسية بدون نتائج.


فالكورد ومنذ فجر التاريخ يخدمون الشعوب المتعايشة معهم، عبر طرح مفاهيم الديمقراطية وإرسائها في سبيل أن تنعم باقي الأقليات المتعايشة مع بعضها البعض، بالتساوي، لعل وعسى أن يدفعوا بالآخر لإدراك دور الكرد في عملية السلام في عموم المنطقة وخاصة المناطق التي يعيشون فيها، وبالتالي لا يجنون من وراء هذه العملية سوى الفشل تلو الآخر، لأن الطرف الآخر ليس مستعداً لقبول الشركاء في العلاقة السياسية وإدارة السلطة المشتركة في البلد، غير أنّهم يحافظون على بقاء غيرهم لاستمرارهم في الهيمنة على شعوبهم بتسلطهم وهم يخرجون منها خالي الوفاض. وخاصة عندما يتعلق الأمر بحقوق الكورد التاريخية على أرض آبائهم، يجن جنونهم وتثور (نخوتهم) الوطنية والعروبوية والشهاموية، فيهددون ويوعدون ويصرخون بحجة، سوريا في خطر، هذه هي ثقافتهم، القبيلة القوية تغزو القبيلة الضعيفة، تسبي وتقتل وتنهب وتشعر بالفخر في انتصاراتها.


ينظر البعض إلى القضية الكردية بمنظور عنصري خاطئ، ويجهل تاريخ نشوء القضية الكردية، ويعتبر الكرد أقلية مهاجرة، وهذا ما يزيد الشرخ، ويتسبب في توجه الكردي إلى طرح فكرة كيان مستقل. أصبحت الجهود باتجاه تسليم قيادة المناطق الكردية، قسم لتركيا وقسَم لروسيا والنفط لأمريكا، أما إيران فهي ترى نفسها المعنية بإنقاذ سورية ووحدتها، وبالتالي إنصاف أكرادها الذين ساهموا في كتابة تاريخ سورية الحديث، إنما هو حل عادل لتكون سورية دولة رائدة في الشرق الأوسط، آمال كبيرة جدآ لبلد تثقف عروبياً وتشرّب من ثقافة البعث، هذه الثقافة التي أعادتنا إلى الخلف قروناً، فكراً وتطبيقاً، مع وجود رفض واضح من النظام وجزء من تيارات المعارضة للمطالب الكردية، وتصل إلى درجة نكران وجود المكون الكردي. إنّ محاولات الكرد تبدو صعبة جدآ في محيط لا يعرف سوى الكره والحقد، حتى أصبحنا نرى من يهلل بقوة لصوت يغرد نشازاً لغير ذلك، بين من يُعتبرون أخوة للكرد في المواطنة.


يبدو هذا قدر الشعب الكردي، ولا يرغب أحد بتوريط الشعب الكردي بما لا قدرة له به، فالتجربة السورية _الثورة الشعبية_ التي بدأت في 15/ 3/ 2011، أيقظت الوعي عند جميع المكونات السورية بما لا يسمح بعودة الأفكار الظلامية، والسلطة الواحدة، وسوف يبقى دعاة إنصاف الكرد ضمن صفوف من صمد في الديار حتى إنصاف كل المكونات السورية ومنهم الكرد، لا ينتظر الكرد من أحد أن يخرج عليه بفكرة جديدة عن المواطنة الحقيقية، فالكرد شعب أصيل في المنطقة وحقوقهم ليست مكتسبة لهم فيها كما لهم شاء من شاء وأبى من أبى، ولأنّ تاريخ الكرد ومنذ تأسيس الدولة السورية في 1946وقبلها، أقدم من هؤلاء بكثير، حيث إنّ إنصاف الكرد يخدم حاضر سوريا ويساهم في خروجها من نفق السلطة الأحادية، ويحافظ على استقرارها السياسي والاقتصادي وكذلك من شأنه تمتين أواصر اللحمة الوطنية وتمهيد الطريق لمستقبل مشرق ينعم فيه الجميع بالأمن والحرية والسلام.


ولقد حافظ الشعب الكردي على دوره الوطني من خلال دفاعه عن الأرض السورية، وضحوا بالغالي والنفيس وقدمت قوات سوريا الديمقراطية، التي تتشكل من الكرد و غيرهم، 11 اأف شهيد دفاعاً عن سوريا والقضاء على أعتى تنظيم إرهابي ألا وهو داعش، ومن جانب آخر ساهموا في تطوير مناطقهم وأحدثوها، وبنوا الجديد خلاف قسم من المعارضة والمعارضين الذين هدموا مناطقهم عبر تحالفاتهم التي لم تكن تخدم سوريا.


 حسين أحمد








النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!