الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • العصفور الأزرق يُغرّد عكس هوى أنقرة ويدخل قفص اتهامها

العصفور الأزرق يُغرّد عكس هوى أنقرة ويدخل قفص اتهامها
العصفور الأزرق


يبدو أنّ الخديعة والبروبوغاندا التي تمارسها تركيا في الدول التي تهاجمها بحجة حماية شعوبها في سوريا أو مساندة الشرعية في ليبيا، لا ترتد امتعاضاً على الدول التي يجري مهاجمتها والاستيلاء على أرضها فحسب، إذ إنّ الداخل التركي، هو الآخر، يعاني ما يعانيه جرّاء السياسات التركية الخارجية، التي خلقت لها عشرات الأعداء في المحيط الإقليمي، بالتوازي مع المطامع التركية الرامية إلى منافسة المشروع التوسعي الفارسي الإيراني، بآخر عثماني تركي، وهو ما بدأ مسؤولون أتراك بالحديث عنه، من خلال التذكير بتاريخ احتلالهم للدول المستهدفة بالخطط التوسعية التركية، إضافة إلى حديث تركيا عن حقها في العودة إلى كل المناطق التي كانت خاضعةً سابقاً لما تسمى بـ “الدولة العثمانية”.


وعليه، يبدو أنّ السلطات التركية تسعى لكسب قلوب الأتراك من خلال الترويج لإنجازات السلطة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع شركة “تويتر” يوم الجمعة/الثاني عشر من يونيو، إلى القول بأنّها أوقفت حسابات في تركيا، ضمن حملة منسّقة لدعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، مضيفةً، أنّ شبكة من 7340 حساباً نشرت تغريدات ومواد تصبّ في صالح الرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية، فيما أكد باحثون، أنّ شبكة الحسابات تلك نشرت 37 مليون تغريدة، إذ قالت تويتر إنّ المواقع التي أغلقها تستخدم لأغراض الدعاية والتضليل الإعلاميين.


الدعاية والتضليل في عرف تركيا


وقد أثار حذف تلك الحسابات العائدة إلى ما يسمى بـ”الجيش الإلكتروني” التركي، حفيظة أنقرة التي اتهمت شركة “العصفور الأزرق” بالترويج للدعايات والأيديولوجيات، حيث ذكر فخر الدين ألتون، رئيس مكتب الاتصالات في الرئاسة التركية، ضمن بيان مكتوب مساء الجمعة: “لقد أظهر هذا التحرّك مرة أخرى أنّ تويتر ليس شركة للتواصل الاجتماعي، بل هو آلة للدعاية ذات نزعات سياسية وأيديولوجية معينة”، نافياً وجود حسابات “وهمية” لدعم أردوغان، وتتم إدارتها عبر سلطة مركزية.


 


وهدّد المسؤول في مكتب أردوغان بإمكانية تعليق الموقع أو حجبه في تركيا، بالقول: “نودّ أن نذكّر شركة تويتر بمصير عدد من المنظمات التي حاولت اتخاذ خطوات مماثلة في السابق”، حيث حجبت السلطات التركية سابقاً، موسوعة ويكيبيديا على الإنترنت في أبريل 2017، نتيجة وجود صفحات اتهمتها بإقامة علاقات مع منظمات إرهابية، ولم يُرفع الحجب عن الموسوعة إلا في يناير 2020، بعد صدور حكم من المحكمة الدستورية التركية.


لكن ألتون، في الوقت الذي وجّه فيه كل ذلك الكم من التهم لتويتر، تغافل عن كون المعارضة التي تواجه سياسات أردوغان لا تقتصر على العالم الافتراضي، ففي الثلاثين من مايو، أكد وزير العدل التركي السابق، يشار أوكويان، أنّ 63 نائباً من حزب “العدالة والتنمية” الحاكم يتحضرون للانتقال إلى حزب “ديفا” بزعامة علي باباجان، الحليف السابق للرئيس التركي أردوغان، في دليل واضح على تآكل السلطة التركية من داخلها.


وإن كان أردوغان قادراً على حجب تويتر بجرّة قلم منه، فذلك الأمر عينه ما يسعى إليه مع المعارضين الحقيقين على الأرض، حيث أشارت وسائل إعلام تركية، أنّ حزب “العدالة والتنمية” وحزب “الحركة القومية” اللذين يشكلان الائتلاف الحاكم، يضغطان لتغيير قانون الأحزاب السياسية وقانون الانتخابات، حيث يقترح زعيم حزب “الحركة القومية” دولت بهتشالي، قانوناً لا يسمح بانتقال النواب من حزب إلى آخر، ما سيؤدّي إلى منع حزبي المعارضة الجديدين، “المستقبل” برئاسة رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو، و”ديفا” برئاسة الوزير السابق علي باباجان، من خوض الانتخابات القادمة.


تهدف خطة أردوغان_بهجلي إلى قطع الطريق على الأحزاب المنشقّة من الحزب الحاكم، وعدم السماح لها من الدخول إلى البرلمان، أو تكوين كتل نيابية قوية عقب الانتخابات من خلال دعم حزب الشعب الجمهوري لها بنوابه، إلى جانب حرمانها من الحصول على دعم مالي من الخزانة للدعاية الانتخابية.


معارضة متصاعدة في الداخل


محاولاتٌ يبدو أنّ المعارضة التركية يقظة لها، حيث شدّد رئيس حزب “الديمقراطية والتقدّم” علي باباجان، في السابع والعشرين من مايو، بأنّ لدى حزبه خططاً بديلة في حال سعى الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومته عرقلة مشاركته في الانتخابات المقبلة، مؤكداً على أنّ الشعب سيقوم باللازم في الانتخابات المقبلة بعد أن دمر أردوغان النظام الديمقراطي في البلاد بتغييره النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي، وقال باباجان، إنّ أردوغان ارتكب أخطاء فادحة على جميع المستويات والسياسات الداخلية والخارجية، وخرّب كل شيء عقب أن هيمن على جميع أجهزة الدولة.


 


فيما نبّه زعيم المعارضة في تركيا رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيلجدار أوغلو، في الثلاثين من مايو، من أنّ حزب العدالة والتنمية الحاكم يقوم بأعمال استفزازية من أجل الإيقاع بالأحزاب المعارضة، بالقول: “ستزيد وتستمر هجماتهم علينا، ولكن لن نقع في هذه الفخاخ”، مشدّداً أنّ أردوغان ونظامه سيرحلون في أول انتخابات قادمة.


لا للغناء على بلال


وإلى جانب تويتر ومحاولات تحجيم أحزاب المعارضة ومنعها من دخول البرلمان، بات ممنوعاً في تركيا التطرّق إلى أبناء رئيس البلاد، حيث اعتقلت الشرطة التركية، في الواحد والثلاثين من مايو، مغني الراب التركي بولوت ألبمان، المعروف باسم روتا، بعد يوم من نشره فيديو لأغنية يسخر فيها من بلال أردوغان، نجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.


ويظهر مقطع الفيديو على الإنترنت لأغنية ألبمان بعنوان “أغلا” أو “صرخة”، شخصاً يرتدي قناعاً، وهو وجه بلال أردوغان، يتظاهر أمام مكتب الضرائب في إسطنبول، وتضمنت كلمات الأغنية سطراً يقول: “سأشرح لكم جميعاً أيّها الأطفال كما أشرح لبلال”، والتي كانت إشارة إلى فضيحة فساد عام 2013، تم فيها تسريب تسجيل صوتي جرى مسحه لاحقاً، جاء فيه صوت أردوغان يطلب مراراً وتكراراً من بلال التخلّص من ملايين الدولارات من الأموال المخبأة في عقار، بينما كان بلال يكافح لفهم تعليمات والده، ورفض أردوغان لاحقاً الادّعاء بأنّ التسجيل ملفّق.


 


وإن كان المغني يجري اعتقاله بسبب كلمة واحدة في أغنية، يمكن للمرء تصور أنّ الحجب بحقّ تويتر قد يكون قادماً لا محالة في الأيام القادمة، ليبقى السؤال الأهم، هل ستقوم السلطات التركية بتوجيه تهمة “دعم الإرهاب” إلى العصفور الأزرق، وهي التهمة التي لطالما أطلقتها أنقرة على معارضي أردوغان للتخلص منهم، خاصة إن علمنا أنّ الأوضاع ليست على ما يرام بين تويتر وترامب، وهو ما قد يفسح المجال لأنقرة أكثر للمناورة كما تشاء، وتوجيه الاتهام الذي ترغبه لحجب الموقع الشهير.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة







 



كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!