-
العالم بين قُطبِ وقُطبين
على شاكلة الخط الأحمر المصري في ليبيا، تريد الإدارة الأمريكية، المحرك الأول بالحرب الروسية الأوكرانية، وضع "خط أحمر" لعدوتها روسيا، لمنعها من التوغّل وتحجيم خطواتها المسعورة، لعدم حدوث صدام بينهما، ما دامت لم تتخطاه.
ليكون التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، ثاني أزمة لتعقيدها بعد أزمة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، أغسطس 2021، والتي وضعت الإدارة الأمريكية في أهبة الاستعداد والترتيب لها قبل نشوبها. عبر مجلس الأمن القومي الأمريكي الذي يلعب دوراً محورياً في إدارة السياسة الخارجية، وإدارة الأزمة الأوكرانية، لتجنب المفاجآت الاستراتيجية فيها منذ وقت مبكر من خلال التخطيط والتنسيق بين الأجهزة والوكالات الأمريكية المختلفة المعنية بالأمن القومي، وتشكيل فريق متخصص للتعامل مع الأزمة، بثلاث مستويات: الأول، وهو المستوى الأعلى، الذي يضم الرئيس وبعض طاقم الإدارة الأمريكية. والثاني، المستوى الأدنى، ويضم بعض المسؤولين من العاملين في مجلس الأمن القومي. والمستوى الثالث: الفريق المتخصص الذي تم تشكيله للأزمة، وذلك لوضع "خطة عمل" أو "دليل استرشادي"، والتي منها سيناريو "البجعة السوداء" والعمل على تطوير الاستجابة الأمريكية لتلك الأزمة حسب تغير المواقف على الأرض، وإطلاع الرئيس بايدن على الوضع أولاً بأول.
ومن بينها استخدام "استراتيجية إضعاف روسيا" والتي قد تحول الحرب الأوكرانية الروسية إلى حرب عالمية، نراها في سلسلة من التغييرات الراديكالية للجانب الغربي الأمريكي مؤخراً وتحول سياستهم لمساعدة أوكرانيا في الدفاع ضد روسيا إلى "سياسة تقويض قدرة ونفوذ روسيا نفسها"، مما لا يترك للروسي بوتين أي خيار سوى الاستسلام، أو مضاعفة جهوده العسكرية، وقد يزيد من احتمالية توسيع الحرب لجيران أوكرانيا، خاصة إذا قمت بدمج هذا مع تعليق بايدن في بولندا الشهر الماضي بأن هذا الرجل (بوتين) لا يمكنه البقاء في السلطة، ناقلاً الحرب من إطارها الإقليمي إلى مواجهة أوسع، تُغلق باب التفاوض أو أية تسوية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مع نية روسيا في خسارة الجميع حال خسارتها أيضاً، وهو ما نتجه نحو مساره الآن.. في منعطف خطير بعدما قال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، قبل عدة أيام من ذلك، إن الولايات المتحدة تريد رؤية "روسيا ضعيفة لدرجة لم يعد بإمكانها عمل شيء مشابه لما عملته في أوكرانيا"، فكانت النتيجة تخصيص 33 مليار دولار إضافي لمساعدة أوكرانيا في "مجالات الأمن والاقتصاد وتقديم المساعدات الإنسانية".
ولأن واشنطن لها مصالح هامة في تلك المنطقة قبل انفصالها عن الاتحاد السوفياتي وبعده، فهي حريصة عليها، لذا لن تتسرع أمريكا في التصرف بشأن الملف الحساس، وسيكون السيناريو الأقرب هو وضع "خط أحمر" للقوات الروسية، ما دامت لم تتخطاه لن يحدث صدام عسكري، تماشياً مع رؤية الرئيس بايدن، وهي عدم التورط عسكرياً إلا للضرورة.
لذلك تتعامل أميركا وكأن الأمر مُصنّف كمشكلة وليست أزمة، حتى أوكرانيا التي لا تريد أن تتحول لساحة حرب دولية، فمع تقارب حكومتها الحالية مع أمريكا ستحاول أن ترسل رسائلها بأن يكون التصعيد الأمريكي محدوداً على العقوبات فقط ولا يرقى للحرب العسكرية.
ليفانت - خالد الجاسر
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!