الوضع المظلم
السبت ٢٧ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
العالم العربي وجرائم نحر النساء.. بأي ذنبٍ قتلت
رقية العلمي

كما في اَلسَّابِق واللاحق يعود على العالم 25 نوفمبر "اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة" ويتزامن مع بداية حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة التي تستمر وتُختم في 10 ديسمبر، وهو اليوم العالمي لحقوق الإنسان، لونها برتقالي دلالة إلى مستقبل أكثر إشراقاً وعالماً خالياً من العنف ضد النساء.

نبذة تعريفية

في العام 2008 أطلق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حملة "اتحدوا" بهدف منع ارتكاب العنف ضد المرأة والفتاة واستئصاله والتصدي له في جميع أنحاء العالم، أجندتها اتخاذ إجراءت عالمية لإذكاء الوعي ولمناقشة التحديات وإيجاد الحلول ورصد واقع مسألة العنف ضد المرأة ومدى التقدم المحرز في هذا المضمار.

في الاتحاد قوة

اختارت الأمم المتحدة موضوع الاحتفالية لعام 2022 "اتحدوا! النضال لإنهاء العنف ضد المرأة". وتهدف حملة اتحدوا إلى حشد كافة أطياف المجتمعات في كل أقطار الأرض وتنشيطها في مجال منع العنف ضد المرأة والتضامن مع ناشطات حقوق المرأة ودعم الحركات النسوية لمقاومة التراجع عن حقوق المرأة والدعوة -كما في كل عام- إلى عالم خالٍ من العنف ضد المرأة والفتاة.

وحسب المنظمات الأممية والمؤسسات الدولية والحكومية وغير الحكومية، ما يزال العنف ضد المرأة يشكل حاجزاً في سبيل تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، بما يتماشى مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

فمن غير الممكن تحقيق وعد أهداف التنمية المستدامة 2030 "لن نخلف أحداً وراءنا" دون وضع حد للعنف ضد النساء بما يتماشى مع الهدف 5 "تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات".

منظمة المرأة العربية

تؤمن منظمة المرأة العربية بأن مفهوم العنف لا يقتصر على الإيذاء البدني أو الجسدي، وإنما يتسع مفهومه ليشمل سائر مظاهر ممارسة التمييز ضد المرأة وحرمانها من أي من حقوقها الإنسانية، بما فيه الحرمان من التعليم ومن العمل ومن المشاركة السياسية والخدمات الصحية. وأشكال التمييز ضد المرأة داخل الأسرة وفي أماكن العمل وأي انتقاص من حقوقها في جميع مجالات حياتها.

وعليه فإن أهداف منظمة المرأة العربية هو تمكين المرأة العربية، لا سيما في البيئات الفقيرة والمهمشة. ويتم ذلك بتضمين قضية مناهضة العنف ضد المرأة في سائر الجهود الموجهة للمرأة في المنطقة العربية وجعلها جزءاً أساسياً من التشريعات والخطط والسياسات الوطنية ومحاربة الجذور الثقافية لكل الممارسات التمييزية والعنيفة ضدها.

ظاهرة قتل فتيات جامعيات

كما نرى أن الحراك الرسمي والشعبي والحقوقي عالمياً وعربياً يعمل على كثير من المشاريع والخطط التي تصب مجهوداتها للقضاء على هذه الظاهرة. 

لكن الواقع مغاير تماماً وممارسات السلطة الذكورية الجائرة ما زالت تنفذ مما جعل مسألة العنف مستمرة لا تتوقف بل قد نقول بأنها في ازدياد، والوضع في العالم العربي لا يختلف عن بقية العالم: فخلال عام 2022 طال القتل فتيات جامعيات وكان الملاحظ والصادم ذات آن تنفيذ القتل أمام عيون الملأ في محيط الجامعة أو عند بوابات الحرم الجامعي أو بداخله:

يوم 20 يونيو، قتلت الطالبة نيرة أشرف في الشارع أمام بوابة جامعة المنصورة في مصر، على يد زميلها محمد عادل الذي ذبحها وطعنها بسكين.

تلاها بعد شهرين في 12 أغسطس قتل الطالبة من جامعة الزقازيق سلمى بهجت أيضاً على يد زميل لها في الجامعة طعناً بالسكين.

هذا كان في مصر لتقع بعد أيام جريمة مشابهة في الأردن في يوم 24 يونيو، إذ قام شاب بقتل طالبة جامعية بالرصاص داخل حرم الجامعة، وتدرس في قسم التمريض، حيث لقت إيمان إرشيد مصرعها بعد تعرضها لإطلاق نار في جامعة العلوم التطبيقية الخاصة شمال العاصمة عمان. وبحسب شهود عيان، فإن الجاني دخل حرم الجامعة متنكراً، وأطلق 5 رصاصات نحو الطالبة، أصابت إحداها رأسها بينما أصابت 4 رصاصات أخرى جسدها.

جرائم أخرى

والقتل يطال الفتيات الصغار أيضاً: ففي 5 يوليو 2022 قام مواطن أردني من محافظة الرمثا بقتل طفلتيه غزل 9 سنوات وسالي 12 سنة، بعد ضربهما بالعصا واعترف الأب أنه قبل عشرة أيام قام بضرب إحدى بناته بواسطة عصا مما أدى لموتها وقام بدفنها في محيط المنزل.

بعد أيام قام بضرب الأخرى وقام بدفن الجثتين في حفرة بجانب المنزل. قابله أب مصري من منطقة الوراق قتل ابنته التي لم تتجاوز من العمر ثلاث سنوات، بعد تعذيبها بقسوة بسلك شاحن الهاتف المحمول بسبب فتحها للثلاجة دون إذن منه.

من جهتها نشرت الصحافة الإماراتية والأردنية بأنه في يوم 24 يونيو قتلت المهندسة الأردنية في بيتها في الشارقة لبنى منصور30 عاماً على يد زوجها الذي اعترف بقتلها، واتضح فيما بعد، وحسب رواية أقربائها بأن المغدورة كانت قد رفعت قضية طلاق ضده ولما بات واضحاً بأنها ستحكم القضية لصالحها قام بانتظارها تحت درج بيت أهلها وطعنها 16 طعنة.

خلال هذا العام تعددت جرائم القتل ضد النساء، ففي الجزائر تم العثور على سيدة متزوجة حديثاً مقتولة داخل منزلها في بلدية التلاغمة ولاية ميلة، بواسطة آلة حادة.

في مصر جريمة أخرى نُفذت بحق المذيعة المصرية شيماء جمال على يد زوجها الذي يعمل قاض في سلك القضاة في مصر. وفي بغداد قتل سائق توك توك سيدة ستينية رمياً بالرصاص ثم حرق جثتها.

جرائم غير موثقة

من الصعب جداً حصر حوادث القتل ضد النساء في العالم العربي، فهناك عشرات من الضحايا يقتلن في الأماكن النائية لا يعلم عنهم أحد، منهم من تلقى جثتها في البئر، أو تدفن في العراء؛ ومنهم من يعلم أفراد العائلة عن مقتلها أو اختفائها لكن تحت وطأة السيطرة الذكورية والتهديد والابتزاز تضيع الوقائع ولا تُسجل. ومن الممكن أيضاً اتهام المغدورة بأن سبب وفاتها الانتحار كما حدث في فلسطين يوم 25 يونيو مع الطالبة الجامعية رنين سلعوس في مدينة نابلس التي أعلنت عائلتها خبر انتحارها، إلا أنه تم الاكتشاف لاحقاً أن الفتاة تعرضت للقتل بعد رفضها الزواج من ابن خالها وفق ما أفادت به صحيفة “أمد”.

خاتمة

يُعد العنف ضد المرأة والفتاة واحداً من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً واستمراراً وتدميراً في العالم، ولم يزل مجهولاً إلى حد كبير بسبب ما يحيط به من ظواهر الإفلات من العقاب والصمت والوصم بالعار.

نحن في العالم العربي بحاجة إلى توعية مجتمعية وتغيير الخطاب المجتمعي الذي يبرر العنف ويتسامح معه. وهناك ممارسات اجتماعية يجب التوقف عنها منها إسقاط الحق الشخصي من قبل أهل المغدورة والحلول العشائرية من صلح وتراض، والمماطلة والتأخير في تنفيذ العقوبة أو الأحكام المخففة بذريعة أن القاتل مختل عقلي وغير سوي؛ كل هذه العوامل مجتمعة ستبقى غير رادعة ولن توقف عملية القتل بحق المرأة أو العنف ضدها بجميع أشكاله.

 

ليفانت - رقية العلمي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!