الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • الصحافة والتواصل الاجتماعي بداية التصالح السوري - السوري.. أم تفسد المهنة وداً؟!

الصحافة والتواصل الاجتماعي بداية التصالح السوري - السوري.. أم تفسد المهنة وداً؟!
الصحافة والتواصل الاجتماعي بداية التصالح السوري - السوري ام تفسد المهنة ودا

محمد العويد


وصلت سماح .ع , قادمة من دمشق، عاصمة مغلقة بوجه كثر من زملائها، والمنظمات الصحفية، فاستقبل أعضاء رابطة الصحفيين السوريين خلال ورشتهم في العاصمة الفرنسية باريس زميلتهم القادمة بكثير من الترحاب، وقليل من الشكوك، وحضر طعم مذاق الحلويات الدمشقية ليضفي سحره ويمهّد الطريق الشائك بين زملاء المهنة الواحدة، بعد أن قسمتهم الحرب بين معارض ومؤيد وبينهما .


الصحفية القادمة من العاصمة السورية كان يفترض أن يرافقها زميل آخر، حالت الفيزا الفرنسية بينه وبين فرصة اللقاء وتوسّعه، لكن مشاركة رابطة الصحفيين السوريين, الشهر المنصرم في العاصمة التونسية، والتي جاءت بحضور زملائهم ممثلي اتحاد الصحفيين السوريين، التابع لنظام دمشق، مع منظمات صحفية من مختلف دول العالم، لم تكفِ جهود الراغبين بتقريب القلوب، والمواقف "المتقلبة على جمر النار السورية"، لكنّها تركت الباب مفتوحاً على الأسئلة القادمة.


إن كانت الصحافة إحدى بوابات التسوية القادمة، سيما وأن اشتراطات الاتحاد الدولي للصحفيين لممثلي الاتجاهين السوريين في مهنة الصحافة فرضت معايير جديدة، تظهر جديتها مرات وتختفي أحياناً، فتنافس الطرفان السوريان على شغل مقعد التمثيل في الاتحاد الدولي، وسارع كلاهما للاستجابة للمعايير،وغنى كل منهما نصره بالقبول. فقبل الاتحاد الدولي رابطة الصحفيين كعضو مشارك واتحاد الصحفيين كعضو أساسي, بفعل تضامن الاتحادات العربية المنضمّة مسبقاً للاتحاد الدولي، وبالتوازي مع القبول للطرفين كانت تعقد ورشات صحفية في العاصمة اللبنانية بيروت، عنوانها العام الصحافة والمهنة وقوانينها وتحولاتها ومساراتها ,وكيف نحمي الصحفي وقت الحرب، فيما كانت المضامين تصرّ على حضور طرفي المعادلة في الصحافة السورية، المؤيدة منها والمعارضة، وهو ما أبقى السؤال مفتوحاً:


هل ثمّة تمهيد لساعة التلاقي؟ أم هي سياقات مهنية فعلاً, وأراد المنظم خلالها جمع طرفي المعادلة المهنية؟


"علي عيد" رئيس رابطة الصحفيين السوريين المعارضة لا يرى مانعاً من أي حوار بين عموم الصحفيين السوريين على أسس القواعد المهنية، لكنّ الإشكالية برأيه أن ثمة أسئلة تطرح دائما من أطراف عربية ودولية  بطريقة غامضة: هل انتم مع الحوار؟


نحن نجيب دوماً بنعم، لكن ما نوع الحوار وما الغاية والهدف منه؟ لتأتي الإجابات غالباً عائمة.. نحن نسأل دوماً: "أيّ حوار وفوهات المدافع والطائرات تقصف رؤوس أهلنا هناك؟"  اعتقد أننا أمام "نكتة بايخة" ومن الذكاء مجاراة من يطرحها ".


لافتاً الى أن "الرابطة كعضو في الاتحاد الدولي للصحفيين، مؤمنة بحق الصحفيين السوريين وتطّلعاتهم، وتمثّل الرابطة ما يقارب (500  عضواً) ينتشرون في كل بقاع الدنيا باستثناء سورية. الرابطة تدافع عن قضية الصحفيين ولكنها بالمجمل قضية السوريين عموماً، حرية الرأي والتعبير وإطلاق الحريات العامة، وإخراج المعتقلين وخصوصا معتقلي الرأي. السؤال هو : (هل نترك المجال لاتحاد صحفي النظام ,يمارس ما خرجنا جميعاً ضدّه ونرفضه قولاً وفعلاً؟) لذا إجابتنا دوماً نحن مع الحوار، ولا نخافه لأننا أكثر مصداقية في القول والبرهان والدليل ".


حاول معد التحقيق التواصل مع صحفيين سوريين يقيمون في دمشق، حضروا ورشات سابقة في تونس أو بيروت، لكن الإجابة التي تلقاها تشير دوماً الى هاجس الخوف والريبة، بمعنى أن المشاركة مقبولة في سياق الدفاع عن النظام أو المهنة في سورية، لكن إبداء الرأي في صحف معارضة قد يعرّض صاحبه للمساءلة .

يقول "موسى عبد النور" رئيس اتحاد الصحفيين في سورية في تصريحات صحفية :" إن الاتحاد الدولي للصحفيين طلب من سورية بعض الوثائق الرسمية التي تتعلق باستقلالية عمل الاتحاد ,وقضايا الدفاع عن المهنة، واستطعنا الحصول على العضوية "

لافتاً في معرض حديثه "لأهمية انجازات الجيش العربي السوري وحلفائه ".


ويغمز عبد النور من زملائه السوريين الشركاء معه بذات الاتحاد بالقول :" رغم سعي مجموعات صحفية الاستئثار بهذه العضوية، لكن الأمر حسم نهائيا لصالح اتحادنا ".

يردّ عيد بالقول :" في اتحاد النظام الكل يعرف أن أعضاء المكتب التنفيذي, يعينّون من خلال قرار الحزب الحاكم، وبالتالي النظام، وسبق أن ذكرت بمؤتمر الاتحاد الفيدرالي بتونس انّه لا يقبل حديث اتحاد النظام في دفاعه عن الحريات، فأعضاء الرابطة صحفيون سوريون ملاحقون، وإذا أجلنا جدلاً الموقف السياسي، فإن الاتحاد ذاته لم يدافع عن أعضاء منتسبين إليه، اعتقلهم نظام دمشق وليس آخرهم وسام الطير ".


صفحات تقرب البعيد


لا تخلو في ذات السياق صفحات التواصل الاجتماعي من حوار زملاء الأمس، وان فرض قانون الجرائم الإلكترونية في دمشق، وعلى المعارضين قيم جمهورهم الثوري، فإن الحوارات غالباً لا تلتقي بنقاط تفاهم وتسوية وتوافق، ولكنها تنتقل بسياقات أخرى، كالمناسبات الاجتماعية، لتأكيد التوافق الشكلي على الأقل، وإبراز عمق العلاقة، بين أطرف القضية المهنية، وكأن لسان الجميع دعوة لفتح الأبواب المغلقة بعيد استبعاد الخوف الملتبس منذ سنوات .


ليس توافقاً سياسياً ما نفعله، نحن بشر كانت القواسم المشتركة قبل الثورة اكثر من أن تحصى. البعض مجبر فمن يعيل الصحفي إن رفض تصديق رواية النظام، هذا أخلاقيا ليس مبرراً كافياً، لكن ما يحدث في صفحات التواصل الاجتماعي أننا نعرف كنه بعضنا كسوريين ونميز بين المكره ولغته، ونعدّ عليه كلماته، وبين المتملق والأقرب "للتشبيح" لصالح النظام وجرائمه ويباركها, نعم نحن نتقارب مع زملاء الأمس ممن نعرف أصالتهم ونبلهم، إضافة الى ان هذا النوع من تواصل في المناسبات الاجتماعية واجب وأولوية قبل الثورة, وبعدها فلا شماتة بالموت عرفاً، والمباركة بمناسبات التهنئة والفرح واجبا ". يقول الصحفي المعارض محمد الحمادي

تتيح المصادر المفتوحة في صفحات التواصل الاجتماعي، مئات الحالات المشابهة، لصحفيين سوريين يتبادلون كلمات الود ويقتربون ببعض الأحيان من السياسة بحذر، بل ثمة مجموعات مغلقة في صفحات الفيس تضم زملاء الأمس ولا يدخلون اليها الا من يعتبرونه " ثقة" حرصاً على زملاء في مناطق النظام يتلبّسهم الخوف طيلة السنوات، ليبقى السؤال هل تنتظر صاحبة الجلالة وأبناءها فتح مناخات أرحب للحرية، ليعبر روّادها إلى سوريا الغد، وهل تأتي الورشات والمؤتمرات الصحفية في هذا السياق أم هي صدفة الأقدار التي ترفضها السياسة؟


الحوار السياسي


لا يمكن فكّ الالتباس الحاصل، فبين الصحافة والسياسة لا انفكاك، وهو ما يبقي مشروعية الأسئلة واستنباطها، إن كنا أمام تمهيد للسياسي، أم نبقى في فلك المهنة وما الفائدة إن كان ذلك؟

في العاصمة الفرنسية باريس، لا يخلو مقهى من زملاء المهنة، بعضهم مقيم كلاجئ في فرنسا، وآخر قادماً من سورية وعائداً اليها بانتهاء عمله او مهمته، دوماً فرصة اللقاء متوفرة،  وتبدأ من الحنين وصولا ًلعمق القضية السورية وتشظياتها، وغالبا ما يضطر ابناء المهنة الواحدة للدفاع أمام جمهورهم بعيد تسريب صور اللقاء من فضوليين أو رافضين، كما ان طبيعية الإعلام الفرنسي والعاملين فيه من السوريين وانقساماتهم، يفرض أجواءه على النقاش والحضور، فقد يجد روّاد اللقاء المهني أنفسهم بعمق السياسة ولكنهم، رغم تباينهم، يبقون الأبواب مفتوحة، وقد تجمعهم ذات المؤسسة، وهو ما يفرض التزاماً بقواعدها العامة، وقد يساعد على تقارب قادم بتحسن ظروف المعطيات السياسية السورية، وليس بعيداً عن العاصمة الفرنسية، فكثيراً ما تثار أخبار لقاءات فرقاء السياسة، ولسان حال الصحفيين " ما حدا أحسن من حدا".


يقول رئيس رابطة الصحفيين السوريين: "ليس من صلاحيات الهيئة الإدارية المنبثقة عن انتخابات ديمقراطية، ولا رغبتنا ولم نناقش مع زملاءنا بالرابطة إمكانية الحوار السياسي، لأن الجانب السياسي في القضية السورية عموماً يناقش في مكان آخر، وحتى الحوار مع اتحاد الصحفيين، وإن بدا أن ثمة تصريحات هنا وهناك فإن الإشكالية قائمة وغير قابلة للتطبيق. فمبادئنا مقدسة، وما يسمونه اشتراطات، أبداً هي مبادئ رابطة الصحفيين، وحتى اللحظة أؤكد انه لم يطرح الأمر بشكل رسمي، بمقدار ما يطرح كأسئلة افتراضية، و دوما نعبر عن ترحيبنا، ولكن ليس بالإطار السياسي، فنحن لا نعتبر أن كل صحفي سوري في سورية اليوم يمثل أجندة النظام، ومن هذا الباب نرحّب بزملائنا في أي إطار نتلاقى به".


في تعديله الجديد بغية الحصول على عضوية الاتحاد الفيدرالية الدولية ,عدل اتحاد الصحفيين بعضا من أهدافه مضيفا لأول مرة التعاون مع اتحاد الصحفيين العرب ومع الاتحادات والنقابات الصحفية العربية والأجنبية, بما يخدم تطوير المهنة ويدعم نضال الشعوب المشترك ويساعد الاتحاد على تحقيق أهدافه .


تقول بعض أوساط الصحفيين السوريين أن " الطبخة جاهزة" وريثما تثمر الأجواء السياسية بالملف السوري, فإن اتحاد الصحفيين بات قابلاً بتعديلات جديدة سيدخلها إلى ميثاقه ونظامه الداخلي، خلال مؤتمره القادم، بما يعزّز رغبته بالاستمرار في الفيدرالية الدولية كمحفل دولي واسع الانتشار و قادر -الفيدرالية - على تقديم المنح المالية والبرامج التدريبية، ولا تستبعد ذات الأوساط أن يضطر الاتحاد إلى الطلب من السلطات السورية أن ترفع الوصاية " الثقيلة والمحرجة" على الاتحاد في المحافل الدولية, فلا يعود أعضاؤه مقتصرون على منتسبي "حزب البعث" أو ممن يعملون في مؤسسات النظام الإعلامية، فيما من شاركهم " الأسى " لا يقبل الاتحاد، وهي مطالب طالما طرحت بصوت خافت خلال المؤتمرات السابقة، لكنها تبدو اليوم أكثر حضوراً وإلحاحاً، وهو ما سيمهّد لطاولة الحوار السياسي مع أقرانهم في رابطة الصحفيين المعارضة|، بعيد تحولات في الملف السياسي السوري عموماً، فهل يأتي ذلك اليوم أم تبقى تكهنات ستذروها رياح المحاصصات السياسة الأعمق دولياً .


الصحافة والتواصل الاجتماعي بداية التصالح السوري - السوري.. أم تفسد المهنة وداً؟!


الصحافة والتواصل الاجتماعي بداية التصالح السوري - السوري.. أم تفسد المهنة وداً؟!


الصحافة والتواصل الاجتماعي بداية التصالح السوري - السوري.. أم تفسد المهنة وداً؟!


الصحافة والتواصل الاجتماعي بداية التصالح السوري - السوري.. أم تفسد المهنة وداً؟!

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!