الوضع المظلم
الإثنين ٠٦ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • الشيشان.. موسكو تجلب من نكلت بهم للتنكيل بالأوكرانيين

الشيشان.. موسكو تجلب من نكلت بهم للتنكيل بالأوكرانيين
القوات الشيشانية المشاركة بغزو أوكرانيا \ متداول

شهدت الساحة الشيشانية خلال 6 سنوات، على حربين منفصلتين، الأولى كانت بين عامي 1994 و1996، والثانية بين عامي 1999 و2000، العديد من المجازر التي ارتكبتها القوات الروسية، وانتهت بوضع الشيشان تحت السيادة الروسية، مخلفةً آلاف القتلى وأضعافهم من المصابين.

الحربان شكلتا عنواناً لطموحات الاستقلال لدى الشعوب المنضوية سابقاً تحت الاتحاد السوفيتي التي تعامل معها الوريث الروسي بوحشية مفرطة، حيث كان الشعار الأهم هو عودة الإمبراطورية المنهارة والزود عن سمعتها بين دول المنطقة وسكانها.

وأجبرت وقتها الغارات المتواصلة التي شنتها قواتها ضد السكان المدنيين في البلاد، أكثر من 200 ألف شيشاني (60% من إجمالي عدد السكان) على الهرب إلى إنغوشيا المجاورة، بجانب تفشي جرائم السلب والنهب وهتك الأعراض في مشاهد نددت بها المنظمات الحقوقية واعتبرتها انتهاكات ترتقي لجرائم الحرب.

اقرأ أيضاً: الرئيس الأوكراني هدفٌ للقناصة.. ضوء أخضر بالقتل للكومندس الشيشاني

وفي أغسطس 1991 تعرض آخر الرؤساء السوفيت، ميخائيل غورباتشوف، لمحاولة انقلابية، لتمهد حالة الضعف التي بدا عليها الاتحاد الطريق لبروز نزعة انفصالية لدى العديد من الجمهوريات المنضوية تحت لواء السوفيت، على رأسها الجمهورية الشيشانية، ليعلن الضابط السامي في الاستخبارات السوفيتية جوهر دوداييف، استقلال الشيشان وأنغوشيا بعد يومين من الانقلاب الفاشل.

لترسل موسكو مع مطلع 1995، 30 ألف عسكري إلى هناك، دخلوا العاصمة غروزني بعد قصفٍ مدفعي وجوي بدا أشبه بالمجزرة المنظمة منه بالحرب، أدى إلى مقتل 25 ألف شيشاني، أغلبهم من المدنيين، ونزوح نحو نصف مليون مسلم من سكان البلاد، بينما قتل من الجيش الروسي قرابة 5 آلاف عسكري.

وتمكن الروس في منتصف 1996 من اغتيال جوهر دوداييف بقصفٍ صاروخي بعد رصد مكالمة هاتفية له، وهو ما ألهب حماس المقاتلين الشيشان لا سيما عقب انضمام أعداد كبيرة من القادمين من الساحة الأفغانية، ليوقع الروس في النهاية اتفاقاً لوقف القتال، مقابل انسحاب القوات الروسية، وتُطوى صفحة حرب الشيشان الأولى بعد أن خلفت ما بين 80 - 100 ألف قتيل، بخلاف الدمار الشامل الذي لحق بالبلاد.

وبعد فشل حرب السنوات الثلاثة الأولى، شعر الجيش الروسي بالإهانة والمذلة، وانتظر فرصة ثانية للانتقام واستعادة هيبة بلاده التي تعرضت لهزة عنيفة داخل الشارع الروسي.

ومع إخفاق الرئيس المنتخب أصلان مسخادوف في إرساء الأمن والاستقرار، وبزوغ حركات جهادية تدعو لتوحيد الجمهوريات الإسلامية في القوقاز والشيشان وأنغوشيا وداغستان، تحت قيادة شامل باسييف (شيشاني) والقائد خطاب (سعودي)، هيئت الأجواء للروس لمعاودة الهجوم، لا سيما بعد تعيين رئيس المخابرات - آنذاك - فلاديمير بوتين، رئيساً للحكومة ثم رئيساً لروسيا بالإنابة في أغسطس 1999.

اقرأ أيضاً: تعرّف على من يدير الغزو الروسي لأوكرانيا

ولم يتوان بوتين وجيشه عن ممارسة الانتهاكات الهمجية بحق مسلمي الشيشان، فخلال شهر واحد فقط من القصف الجوي دمر 60% من البنية التحتية للبلاد، وفي الـ5 من سبتمبر/أيلول من نفس العام، قصف الطيران الروسي مواقع في غروزني، وأعلنت موسكو أنها لم تعد تعترف بسلطة الرئيس الشيشاني مسخادوف، لتبدأ الحرب الثانية.

في 23 من سبتمبر 1999، دخلت روسيا إلى غروزني التي وصلتها في اليوم الأول من عام 2000، أي بعد يوم واحد من تولي بوتين رئاسة البلاد إثر استقالة يلتسين.

ولم يتوان بوتين وجيشه عن ممارسة الانتهاكات الهمجية بحق مسلمي الشيشان، فخلال شهر واحد فقط من القصف الجوي دمر 60% من البنية التحتية للبلاد، حيث أزيلت الغالبية العظمى من الجسور ومعظم محطات الكهرباء وأبراج الهاتف والاتصالات وبدأت القوات البرية الروسية في محاصرة الشيشان من الاتجاهات كافة.

وقد وثقت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" مجموعة من المذابح الواسعة التي قام بها الروس في المدن والقرى الشيشانية خلال فترات الحرب، إذ بينت أن سياسة الأرض المحروقة التي انتهجها بوتين خلفت وراءها عشرات آلاف القتلى والمصابين بجانب الخسائر التي يصعب حصرها في الممتلكات.

وأردفت المنظمة أن الغارات المستمرة التي شنتها القوات الروسية ضد السكان المدنيين دفعت أكثر من 200 ألف شيشاني على الهرب إلى إنغوشيا المجاورة، كما دأب الجنود الروس على نهب بيوت المدنيين ونقل المسروقات في شاحناتهم العسكرية وتخزينها في ثكناتهم في وضح النهار.

وكانت قد أطلقت منظمات حقوقية أوروبية وروسية وشيشانية أرشيف فيديو يوثق جرائم الحرب التي ارتكبتها روسيا خلال حربيها في جمهورية الشيشان بين عامي 1994 و2006، في نهاية مايو من العام 2016، إذ ساهم في تأسيس ذلك الأرشيف الرقمي، المنظمة الألمانية للدفاع عن الشعوب المهددة، ومنظمة مراسلون بلا حدود، وجمعية الأرشيف الشيشاني، ومنظمة سلام النساء العالمية.

وذكرت وقتها المنظمة الألمانية للدفاع عن الشعوب المهددة في بيان، إن الأرشيف يضم أعداداً كبيرة من أفلام الفيديو التي توثق وتحلل جرائم الحرب التي وقعت في جمهورية الشيشان، خاصة ما ارتكبه الجيش الروسي خلال حربيه في هذه الجمهورية المسلمة الواقعة شمالي القوقاز.

وحسب بيان المنظمة، فإن أفلام الفيديو الموجودة بذلك الأرشيف جرى إخفائها لسنوات ونقلها إلى خارج الشيشان وروسيا، وتضم مقابلات مع شهود عيان وجنود وصحفيين وناجين من ضحايا الحربين الروسيتين، ولقطات لمدن شيشانية مدمرة، وأفلام عرضت لأول مرة التقطتها الصحفية الروسية الراحلة آنا بوليتكوفسكايا التي اغتيلت عام 2006 بسبب أنشطتها المناهضة للحرب الروسية في الشيشان.

وقد عدّت حينها، المنظمة الألمانية للدفاع عن الشعوب المهددة، أن إطلاق الأرشيف الرقمي يمثل ركيزة أساسية لأي تعامل قانوني وتاريخي سيتم مستقبلاً مع جرائم الحرب الروسية في جمهورية الشيشان، وبينت أن عدم وجود إمكانية حالياً في الشيشان أو روسيا لمتابعة تلك الجرائم، يدل على الأهمية الكبيرة لهذا الأرشيف في البحوث التاريخية، ودعم الدعاوي القانونية لذوي الضحايا الشيشانيين ضد روسيا أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

واليوم، يقاتل مسلحون من الشيشان في حرب بوتين على أوكرانيا، إذ تؤكد وسائل إعلام الدولة الروسية وشبكات قنوات تليغرام الموالية للكرملين، بأن ما بين 10 آلاف و70 ألف مقاتل شيشاني، وصفهم الرئيس الشيشاني رمضان قديروف بالمتطوعين، جاهزون لدعم القوات الروسية في أوكرانيا.

والأكيد أن الشيشانيين وصلوا إلى أوكرانيا بعد انتشار صور ومقاطع فيديو لقوات خاصة ترفع العلم الشيشاني في بلدة هوستوميل غربي كييف في وقت سابق، فيما أعلن قديروف، حليف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في الأول من مارس الجاري، أن "جنديين من الشيشان قتلا في أوكرانيا وأصيب ستة" آخرون.

وضمن تقرير عرضته مجلة "فورن بوليسي" الأميركية مطلع نهاية فبراير الماضي، وتناول أسباب نشر قوات شيشانية في أوكرانيا، أشارت الصحيفة إلى أن موسكو تحاول "إرهاب" كييف بصور الجنود الشيشان المنتشرين على أراضيها، ولفت التقرير إلى أن "روسيا تستغل الصور النمطية للوحشية الشيشانية لاستخدامها كسلاح نفسي ضد الأوكرانيين".

ووجدت أن "تسليح موسكو للمقاتلين الشيشان، وتداول صور ومقاطع الفيديو التي تظهر انتشارهم في أوكرانيا هو جزء من حملة موسكو الدعائية لمحاولة إجبار كييف على الاستسلام".

ليفانت-متابعة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!