الوضع المظلم
الجمعة ٠٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • السودان.. الجيش ينسحب من الحوار والمتظاهرون على درب "الدولة المدنية"

السودان.. الجيش ينسحب من الحوار والمتظاهرون على درب
السودان والحراك الشعبي \ ليفانت نيوز

انطلقت في الثامن من يونيو الماضي، جلسة للحوار في السودان بين الأطراف السياسية، ضمن مساعي حل الأزمة السياسية المتفاقمة في البلاد، حيث جاءت المحادثات المباشرة بين الأطراف السودانية المختلفة آنذاك، بتسهيل من الآلية الثلاثية ممثلة في (الاتحاد الأفريقي، الايكاد، يونيتامس)، وبحضور عدد كبير من القوى السياسية وغياب قوى أخرى.

إذ شارك في المحادثات، لجنة من المكون العسكري تضم الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة، إضافة لقوى الحرية والتغيير (ميثاق التوافق الوطني) والجبهة الثورية ومكونات أحزاب الوحدة الوطنية وممثلين عن حزب المؤتمر الشعبي وقوى سياسية أخرى، لكن غاب عنه مكونات المجلس المركزي للحرية والتغيير، وحزب الأمة القومي والحزب الشيوعي ولجان المقاومة وتيارات ثورية أخرى، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السودانية (سونا).

اقرأ أيضاً: السودان.. عودة التظاهرات إلى شوارع الخرطوم بعد يوم دام

وأكد وقتها، المبعوث الأممي للسودان، فولكر بيرتس، في كلمة له: "نريد أن نحدث تغييراً حقيقياً من خلال الحوار، ودورنا هو تسهيل الحوار، والقرار متروك للسودانيين"، وقال المبعوث الأممي: "نسعى إلى رؤية نتائج الحوار خلال الأيام القادمة، بعد أن خضنا مشاورات كثيفة خلال الأسابيع الماضية لتسهيل الحوار".

عودة النظام السابق

وذكر بيرتس، إن استمرار الوضع الحالي وزيادة "الانتهاكات" وعدم الاستقرار، يمكن أن يؤدي إلى ما هو أخطر في "التمهيد لعودة" النظام السابق، مضيفاً في مقال صحافي نشرته البعثة الأممية: "لا يجب أن نتيح الفرصة للمفسدين الذين يحاولون خدمة أهداف عودة النظام القديم، عبر إشعال العنف أو الاستمرار في ارتكاب الانتهاكات أو تبني المواقف المتعنتة".

اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تدعو لإجراء "تحقيق مستقل" بمقتل متظاهرين في السودان

وتابع: "القتل ينبغي أن يتوقف الآن، التشريد والنزوح ينبغي أن يتوقفا، الفقر والمعاناة ينبغي أن ينتهيا، ولقد آن الأوان للسودانيين لينالوا حظهم من التنمية والديمقراطية والعدالة والسلام والاستقرار، ونحن في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأسره على استعداد كامل للمساعدة في ذلك"، مؤكداً أن "العملية السياسية لا يمكن أن تنجح في التوصل إلى حل شامل ودائم ومُجمع عليه، ما لم تكن سودانية الملكية بالكامل، وشاملة للجميع".

إرجاء الحوار

لكن في الحادي عشر من يونيو، أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة أن الجولة الثانية من الحوار لحلّ الأزمة السياسية في السودان، أرجئت إلى أجل غير مسمى، وقال المتحدث باسم بعثة الامم المتحدة في السودان فادي القاضي لـ"فرانس برس" إن المنظمات الدولية الثلاث قررت "تأجيل جلسة الحوار على ضوء التطورات الأخيرة"، وأضاف القاضي "ليس لدي موعد محدد لاستئناف جلسات الحوار"، وذلك نتيجة رفض تحالف "قوى الحرية والتغيير" المشاركة في الحوار، وهو تحالف أدى دوراً رئيسياً في الانتفاضة التي دفعت الجيش في 2019 للإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.

وأجرى وفد من قوى الحرية والتغيير مقابلة "غير رسمية" مع مسؤولين عسكريين في محاولة للخروج من المأزق، لكن التحالف المدني اعتبر لاحقاً في بيان أن الحوار "حل سياسي زائف" و"يشرعن الانقلاب العسكري".

اقرأ أيضاً: دعوات جديدة للتظاهر بالعاصمة السودانية

وفي التاسع عشر من يونيو، وبينما لم يزال الحوار السوداني المباشر معلقاً، شددت الآلية الثلاثية على أن جهودها متواصلة من أجل جمع جميع الأفرقاء في البلاد على طاولة المشاورات، وتشكيل حكومة تسير شؤون البلاد، وأشار محمد بلعيش، الناطق باسم الآلية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا-إيغاد، على الحوار أن يشمل كلّ الأطراف.

مؤكداً على أن العمل جار بغية إيجاد حكومة تسير أمور البلاد، وإطلاق تفاهمات بين كافة الأطراف، قائلاً: "نشجع حوار الأطراف السودانية مع بعضها بعضا"، ومضيفاً: "همنا في الوقت الحالي، إيجاد حكومة تسير دولاب الدولة لأن الوقت بدأ ينفد".

العسكر في مؤسسات الحكم

لكن الأمور ساءت بين الحكومة السودانية والبعثة الأممية، حيث استدعت الخارجية السودانية في التاسع والعشرين من يونيو، المبعوث الأممي، ورئيس بعثة يونيتامس، فولكر بيرتس، وأبلغته استياءها وعدم رضاها تجاه تصريحات له بشأن المظاهرات.

حيث كان فولكر قد قال في مقابلة مع قناة العربية، إن نقطة الخلاف الرئيسية بين الجانبين تتمحور حول مستويات السيادة ومن الذي يمثلها، ومسألة بقاء العسكر في مؤسسات الحكم في الدولة، معتبراً أن "حوار الثامن من يونيو، لم يكن متوازناً لغياب بعض الأطراف السياسية"، مضيفاً أن "كل الأطراف قبلت الآن التعاطي مع الآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا-إيغاد، إلا الحزب الشيوعي".

اقرأ أيضاً: استمرار التظاهرات في السودان لليوم الرابع على التوالي

وشدد على أن الحرية والتغيير عنصر أساسي للحل، لكنه ليس كافياً، واعتبر أيضاً أن من "قاموا بالانقلاب جزء من المشكلة ولابد أن يكونوا جزءاً من الحل"، وفق تعبيره، في إشارة إلى المكون العسكري.

فيما أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أن القوات المسلحة تتطلع لليوم الذي ترى فيه حكومة وطنية منتخبة تتسلم منها عبء إدارة البلاد، مشيراً إلى أن الطريق الوحيد لذلك إما بالتوافق الوطني الشامل أو الذهاب إلى الانتخابات، وليس بالدعوات إلى التظاهر والتخريب، مضيفاً إن الجيش "لن يتهاون في تحقيق أمن واستقرار البلاد"، وذلك عشية مظاهرات كانت مرتقبة في اليوم التالي.

الحراك الشعبي على درب الدولة المدنية

ورغم رسالة التحذير التي حملها خطاب البرهان، شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، وعدد من الولايات السودانية، في الثلاثين من يونيو، تظاهرات جديدة طالبت بتسليم السلطة للمدنيين، سقط خلالها 6 قتلى.. حملت معها قوى الحرية والتغيير السودانية في بيان "السلطة، مسؤولية سقوط ضحايا"، واصفة إياها بـ"جرائم ضد الإنسانية"، قائلةً: "اليوم أكد السودانيون عزمهم على انتزاع السلطة المدنية الكاملة".

وأضافت قوى الحرية والتغيير، أن "مليونية 30 يونيو حققت تغييراً نوعياً في موازين القوى لصالح الحركة الجماهيرية وغاياتها"، وأضافت: "خروج الملايين اليوم ضربة موجعة للمتلاعبين بإثارة الانقسامات الاثنية والجهوية.. شعبنا يضع قضية الجيش الواحد على رأس قائمة أولوياته لمصلحة استقرار البلاد"، وتابعت" نقول للمجتمع الدولي إن استقرار السودان مرتبط بمدنية الدولة وديمقراطيتها".

اقرأ أيضاً: الاعتصامات مستمرة بالسودان.. قطع طرق في الخرطوم

ويبدو أن التظاهرات السودانية نجحت أخيراً في جني ثمار حراكها، حيث أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، الاثنين\الرابع من يوليو، عن عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في الحوار الذي تديره الآلية الثلاثية، مؤكداً أن "المؤسسة العسكرية ستلتزم بتطبيق مخرجات الحوار"، وأن مجلس السيادة "سيُحل بعد تشكيل الحكومة المقبلة، وسيتم تشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة"، مشيراً إلى أن انسحاب الجيش من الحوار "يهدف لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية لتشكيل حكومة كفاءات"، وهو ما قد يعني إن الحراك الشعبي السوداني خطى أولى خطواته، على طريق استعادة الدولة المدنية، وإبعاد العسكر عن السلطة.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!