الوضع المظلم
السبت ٢٠ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • الجعجعة التركية لغزو سوريا كدليل عجز.. والقوى العالمية: "وراء در"

الجعجعة التركية لغزو سوريا كدليل عجز.. والقوى العالمية:
الجيش التركي في سوريا \ ليفانت نيوز

لم تتوقف أنقرة على مدار الأعوام الماضية، عن التهديد بغزو مناطق شمال سوريا، بالأخص عقب أغسطس العام 2016، عندما شنت أولى تلك العمليات تحت مسمى "عملية درع الفرات"، وتمكنت فيها من احتلال شريط حدودي فاصل بين منطقتي كوباني وعفرين، وذلك استباقاً لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية عليها، والتي كانت قد سيطرت للتو على مدينة منبج.

ومذ ذلك الوقت شنت تركيا عمليتين عسكريتين ضد المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، كانت الأولى في عفرين تحت مسمى "عملية غصن الزيتون"، والتي انتهت باحتلال المنطقة في 18 مارس العام 2018، والثانية كانت في أكتوبر العام 2019، تحت مسمى "عملية نبع السلام"، وانتهت باحتلال شريط حدودي واسع بين مدينتي رأس العين وتل أبيض.

اقرأ أيضاً: السويد وتركيا.. وما قد يعنيه أول تسليم لمطلوب من أنقرة

لكن أحلام تركيا التوسعية في سوريا ليس لها حدودها، فمن كان يحلم بإسقاط النظام في دمشق ليقيم نظاماً بديلاً (إخوانياً)، تابعاً لأنقرة، كما هي حال المعارضة السورية اليوم، التي تجتمع تحت مسمى "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة"، يدرك جيداً أي واقع كان ينتظر سوريا لو كان قد كتب لأنقرة واتباعها النجاح في تحقيق أهدافهم.

فيما نجح سوريون تنبذهم أنقرة، بلجم طموحات أنقرة التوسعية، رغم خسارتهم الكثير في حربهم ضد داعش، التي لأنقرة دور مشبوه في تمرير مسلحيها من أراضيها إلى الأراضي السورية، وعليه، بات هؤلاء السوريون ممن يقاتلون تحت مظلة "الإدارة الذاتية"، المطلوبين الأوائل لأنقرة، وباتت تصفيتهم والنيل من كيانهم أولوية قصوى تتفوق على أولوية مواجهة النظام السوري، وهو ما يفسر دعوة وزير الخارجية التركية قبل أيام للمصالحة بين النظام والمعارضة، ويفسر كذلك حرق السوريين المقيمين في مناطق مليشيات أنقرة السورية المسماة بـ"الجيش الوطني السوري"، للعلم التركي.

أنقرة العاجزة عن غزو شمال سوريا

لطالما تشدق المتحدثون باسم تركيا على الإعلام العربي، والمسؤولون الأتراك كذلك، بقدرتهم على غزو مناطق شمال سوريا الخاضعة لقسد، وتحويلها إلى رماد لو أرادوا، لكنهم عملياً عاجزون تماماً عن تنفيذ أي عملية عسكرية دون موافقة دولية على استخدام سلاح الجو في المعركة، لأنه دون ذلك السلاح، نتيجة المعركة غير محسومة لصالح الأتراك، واحتمال تكبد خسائر عالية والهزيمة واردة إلى حد بعيد، خاصة أنه لا يمكن الاعتماد على مسلحي المعارضة السورية في معارك حقيقة كما حصل في عفرين، والتي حسمتها طائرات أنقرة ومسيراتها.

وعليه، واصل المسؤولون الأتراك، تهديداتهم، لكن دون أن يتجروا على خوض غمار المعركة فعلياً، ففي الأول من يوليو، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنه “ليس هناك داعٍ للاستعجال” بشأن العملية العسكرية المحتملة في شمال شرقي سوريا، مؤكدًا أن العملية ستجري في الوقت المناسب، وذلك عقب اختتام اجتماع قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العاصمة الإسبانية مدريد، ورد أردوغان “قد نأتي على حين غرة ذات ليلة”.

اقرأ أيضاً: جرابلس.. اعتقالات في صفوف ناشطين تظاهروا ضد تركيا

بينما رفض وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، محاولات الولايات المتحدة وروسيا لثني أنقرة عن تنفيذ عملية عسكرية في شمال سوريا، وأوضح في مقابلة أجرتها معه قناة NTV التركية، في الرابع من يوليو، أن بلاده ستقوم بما هو ضروري، وقال: “أعربنا مراراً عن خيبة أملنا من المساعدة الأمريكية لوحدات حماية الشعب، عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي لا يهم من يقول وماذا، نقوم بما هو ضروري في إطار القانون الدولي”، معتبراً أنه لا يحق لروسيا والولايات المتحدة قول أي شيء لبلاده، وأضاف: “نحن غير راضين عن الخطوات التي تتخذها روسيا، ونتحلى بالشفافية حيال ذلك”.. لكن ورغم ذلك بقيت أنقرة عاجزة عن شن أي هجوم عسكري واسع النطاق، تحتل من خلال أراضي سورية جديدة.

ثم عادت وأعلنت تركيا، في الحادي عشر من يوليو، بأنها لن تتراجع أو تؤجل عملية عسكرية ضد مواقع خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في شمال سوريا، زاعمةً أنها لن تستجيب لأي محاولات لثنيها عنها، على لسان وزير دفاعها خلوصي أكار، الذي قال إن بلاده لن تتراجع أو تؤجل العملية العسكرية التي تخطط لتنفيذها ضد قسد في سوريا، ونفى أن تكون بلاده تلقت نصائح من أجل ثنيها عنها خلال قمة قادة دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) في مدريد.

قمة طهران والصفعة الروسية الإيرانية

ومع دنو قمة طهران التي عقدت في التاسع عشر من يوليو الماضي، توقعت مصادر دبلوماسية تركية، أن تحتل العملية العسكرية التركية المحتملة ضد مواقع لـقوات سوريا الديمقراطية (قسد) أولوية خلال مباحثات القمة الثلاثية الإيرانية – الروسية – التركية، وقالت مصادر لـصحيفة الشرق الأوسط، إن أردوغان سيعمل خلال القمة على تغيير الموقف الروسي الرافض للعملية العسكرية الهادفة إلى إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية لاستكمال الحزام الأمني على الحدود الجنوبية لتركيا، بعد أن حذرت موسكو من أن أي تحرك عسكري تركي في المنطقة سيشكل خطراً على الاستقرار فيها.

اقرأ أيضاً: تركيا تعتقل دكتورة سورية.. لإجبار ابنها المحامي على تسليم نفسه

لكن أيضاً هبت رياح موسكو وطهران بما لا تشتهيه سفن أنقرة، حيث قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إن طهران تريد حلاً سياسياً لمعالجة مخاوف جارتها الغربية؛ تركيا، في الأراضي السورية، بمعنى أنه لن يسمح لأنقرة بشن غزو جديد داخل الأراضي السورية، كيف لا وطهران وموسكو محتارتان بأمر القوات التركية الحالية في سوريا، حيث تكمن مصلحتهما في تقليص النفوذ التركي، لا توسيعه.

وقد سمع أردوغان الجواب الإيراني الشافي من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الذي قال للرئيس التركي في طهران، إن العملية العسكرية (التي تعتزم تركيا إطلاقها) في سوريا "من شأنها أن تزعزع استقرار المنطقة"، كما قال خامنئي إن عملية كهذه "ستعود بالضرر على سوريا، وستعود بالضرر على تركيا، وستعود بالضرر على المنطقة"، وذلك وفق بيان نشر على موقعه الرسمي.

الموقف الغربي جلي: لا للغزو

ولعل ما يشير بوضوح إلى الرفض الأمريكي القوي لمهاجمة أنقرة مناطق شمال سوريا، ما طلبه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان في العشرين من يوليو، من الولايات المتحدة، بالانسحاب من المناطق الواقعة شرق نهر الفرات في سوريا ووقف دعمها "للجماعات الإرهابية"، وذلك في بيان للرئاسة التركية بعد ختام قمة إيرانية روسية تركية في طهران، حيث قال أردوغان إن خطط شن هجوم تركي جديد على وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، ستظل مدرجة على جدول أعمال بلاده إلى أن يجري التصدي لمخاوف أنقرة الأمنية، حسب زعمه.

أما وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، فقد حذرت من شن "هجوم وقائي" في شمال سوريا، وشددت في التاسع والعشرين من يوليو، على أن "الصراع الجديد لن يؤدي إلا إلى مزيد من معاناة السكان وسيفيد عدم الاستقرار داعش".

اقرأ أيضاً: اعتقال ناشطين سوريين قاموا بحرق العلم التركي في مناطق سيطرة تركيا

بينما استنكر نحو مئة برلماني فرنسي، في مقال نشر في الواحد والثلاثين من يوليو، "سياسة الحرب" التي ينتهجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد الأكراد في شمال سوريا، وقال الموقعون على المقال المنشور على موقع صحيفة "لو جورنال دو ديمانش"، "بينما تضاعف روسيا بقيادة فلاديمير بوتين جرائم الحرب في أوكرانيا، يخطط رجب طيب أردوغان في ظل الانفعال العالمي، لشن هجوم دامٍ آخر على الأكراد في شمال سوريا"، كما دعوا فرنسا إلى حث مجلس الأمن الدولي "على فرض منطقة حظر طيران في شمال سوريا، ووضع أكراد سوريا تحت حماية دولية"، وطالبوا بأن تتمكن الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا "من الاستفادة من اعتراف دولي".

وعليه، سمعت أنقرة الرفض الدولي والإقليمي لتوسيع مناطق احتلالها في شمال سوريا بصوت عالي، فالعالم بأسره مرتاب من الدور التركي في سوريا، ويسعى بكل السبل إلى تقليصه، لأنه يدرك أن ذلك هو السبيل الوحيد للحل والسلام الدائم في سوريا، حيث لن تخمد الحرب حتى يرحل آخر جندي تركي من الأراضي السورية، وإلى ذلك الحين، سوف تواصل أنقرة الانتقام لفشلها بالقصف بالمسيرات تارة، وبالمدفعية تارةً أخرى.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!