الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • التطبيع بين حماس والنظام السوري.. سيناريو متوقع وخفايا صادمة

التطبيع بين حماس والنظام السوري.. سيناريو متوقع وخفايا صادمة
حماس - الأسد

10 سنوات من القطيعة بين النظام السوري وحركة حماس الفلسطينية انتهت مع زيارة وفد من الحركة إلى العاصمة دمشق ولقاء عضو المكتب السياسي، خليل الحية، مع الرئيس السوري، بشار الأسد، في اجتماع وصفه "الحية" باليوم المجيد والتاريخي والانطلاقة الجديدة، قائلاً: إن "حماس" طوت صفحة الماضي، ولقاء "الأسد" يُعتبر "فاتحة خير وصفحة جديدة من العلاقات التي طال انتظارها مع دمشق".

زيارة القيادي في "حماس"، خليل الحية، إلى العاصمة السورية التي تُعتبر الأولى من نوعها منذ عام 2012، لم تكن مفاجئة خاصة أن هذه الخطوة تعد امتداداً لتحركات سابقة من قبل حركة حماس تجاه النظام السوري، إلى جانب الحديث خلال الفترة الماضية عن تقارب قادم بين الطرفين برعاية إيرانية ولكن ضمن شروط محددة وضعتها دمشق تُحجم من دور ونشاط "حماس" في سوريا.

اقرأ المزيد: حركة "حماس" تعلن استئناف علاقتها مع النظام السوري

تصريحات "حماس" الإعلامية وإن كانت تأخذ في ظاهرها عودة العلاقات إلى طبيعتها ونبذ الخلافات ونسيان الماضي، لكنها تحمل في الوقت نفسه، الاتجاه نحو تطبيق وتنفيذ قانون السياسة بأنه "ليس هناك صديق أو عدو دائم" ضمن لغة المصالح، حيث اتهم مسؤولون سوريون إلى وقت قريب الجماعة الفلسطينية بالتعامل مع أعداء "دمشق" والاصطفاف ضدها، إلا أن إعادة العلاقات بين الجانبين، بحسب مراقبين، تُظهر بشكل واضح مدى التلاعب بالمعايير والمبادئ الوطنية لما يسمى "محور المقاومة والممانعة" في المنطقة.

الأمر بالغ الأهمية والمثير للجدل جاء مع تصريحات عضو المكتب السياسي لحركة حماس، خليل الحية، خلال مؤتمر صحفي عقب لقائه مع الرئيس السوري، بشار الأسد، مؤكداً أن قطر وتركيا شجعتا "حماس" على عودة علاقاتها مع النظام السوري ولم يعترضا على ذلك، مشدداً حول إعلام كافة الدول بقرار إعادة العلاقات، كما أوضح أن الحركة طوت أحداث الماضي وجميع الأخطاء الفردية المرتكبة خلال السنوات السابقة، في إشارة لدعم "حماس" الحراك الشعبي في سوريا.

"حماس" لم تكن مُحايدة

الكاتب الفلسطيني، محمد أبو مهادي، قال لليفانت نيوز، إن قرار حركة حماس بالمشاركة ودعم ما يسمى "الثورة السورية" عام 2011 ضد الدولة وقيادتها السياسية كان خاضعاً لموقف قطر وتركيا والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وحينها أخطأت الحركة في حساباتها، وأسقطت من اعتباراتها أهمية الحفاظ على حيادية الموقف الفلسطيني تجاه النظام العربي الرسمي من ما سمي "الربيع العربي" الذي اتضحت أهدافه بعد وقت، وثبت بالوثائق أن كل ما جرى كان في سياق خطة فوضى داخل البلدان العربية أعدتها الولايات المتحدة الأمريكية واستفادت منها إسرائيل لأبعد الحدود.

وأضاف "أبو مهادي"، إنه في أعقاب هزيمة قوى الدين السياسي في مصر، وسقوط حكم المرشد وعمليات الملاحقة للتنظيم الدولي خارج حدود الدولة المصرية، ثم السقوط اللاحق لحركة النهضة في تونس، كذلك لحزب العدالة والتنمية في المغرب، وكلاهما من قوى الدين السياسي، اكتشفت "حماس" حجم الخطأ الفادح الذي ارتكبته مع دولة مثل سوريا كانت تشكل لها حاضنة في كل أنشطتها وتقيم تحالفاً مع معظم القوى التحررية في العالم.

 

وبالتزامن مع انتقال مركز القرار الداخلي لحركة حماس إلى قطاع غزة عام 2013، وانحسار المشروع الإخواني للحكم، وانكشاف الموقفين القطري والتركي الأكثر وضوحاً واقتراباً من إسرائيل لدى غالبية كوادر الحركة، استوعبت حركة حماس التجربة، كانت البداية في إعلان الحركة فك ارتباطها مع تنظيم الإخوان، وفتح صفحة جديدة مع الدولة المصرية اتسمت بالتعاون السياسي والأمني مع القاهرة، وأطلقت جملة من المواقف الإيجابية تجاه العلاقات معها، واستجابت للمقترحات المصرية في جولات المصالحة الوطنية الفلسطينية وفي مبادرات التهدئة التي توسطت فيها مصر مع كل عدوان إسرائيلي كان يُشن على قطاع غزة، بحسب الكاتب الفلسطيني.

وأوضح "أبو مهادي"، أن تجربة "حماس" في الحكم ساهمت في إنضاج مواقف الحركة، وأصبحت تدرك أهمية العلاقات مع البلدان العربية في دعم نضال الشعب الفلسطيني، وساعدت كثيراً في عقلنة مواقف الحركة تجاه سوريا وحزب الله اللبناني، ومع بلدان غير عربية مثل روسيا، فالحركة صارت تتميز في معظم خطواتها بالبراغماتية العالية، وهي تكاد أن تكون أكثر الحركات السياسية الفلسطينية قدرة على مواكبة المتغيرات الإقليمية والدولية، فهي تعرف أن العالم قيد التغيير، وأن أحد المحاور المهمة فيه هي روسيا وحلفائها في الشرق الأوسط، سوريا وإيران على وجه الخصوص، لذلك سعت لإعادة إحياء العلاقة مع سوريا وإصلاح خطأ ارتكبته قيادتها التي كانت تُدار من قطر.

تغيير جذري قادم

بدوره، أكد الدكتور محمود الأفندي، الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية، أن العديد من الدول العربية والعالمية لاحظت وجود استقرار سياسي وعسكري في سوريا خلال الفترة الحالية، وبالتالي أصبحت تُفكر بإعادة علاقاتها مع الحكومة السورية.. الأمر الذي دفع قطر وتركيا إلى الموافقة على إعادة العلاقات بين حركة حماس ودمشق.

واعتبر "الأفندي"، أن لقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في أستانا، كان السبب الرئيس لإعادة علاقة "حماس" مع الحكومة السورية.

كما أفاد، أن السلطة الفلسطينية والفصائل يمكن أن تلعب دور الوسيط في إعادة دمشق للجامعة العربية، مشيراً في الوقت نفسه إلى وجود تغيير جذري بدأ الآن من خلال عودة سوريا إلى الحضن العربي مع إدراك الكثير من الدول بانتهاء دور المعارضة السياسية السورية وكذلك بقاء المعارضة العسكرية تحت سلطة تركيا وهناك "إرهاب" أيضاً بالإضافة إلى "الأكراد" المدعومين من التحالف الدولي.

اقرأ المزيد: حماس: قطر وتركيا شجعتا على إعادة علاقتنا مع دمشق (النظام السوري)

واختتم الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية، حديثه لليفانت نيوز بالقول: "إن مكاسب الطرفين يعود لحماس أولاً مع انضمامها مجدداً ضمن محور المقاومة إلى جانب سوريا وإيران وحزب الله اللبناني وهو أمر مهم جداً، فيما بقيت الحكومة السورية في نفس المحور خلال سنوات الحرب الماضية الأمر الذي يُعتبر ثناء لدمشق".

بالتأكيد سيكون هناك انعكاسات ونتائج لإعادة التطبيع بين النظام السوري وحركة حماس الفلسطينية ستظهر تباعاً خلال الفترة القريبة القادمة، لكن بغض النظر عما ستحققه هذه العلاقة المثيرة للجدل بشكل متفاوت للطرفين، فإنها قد تكون بداية مرحلة جديدة تحمل في طياتها استراتيجية غير مسبوقة لدول عربية وإقليمية كانت وما زالت تُظهر معارضتها الشديدة والرافضة لأي عمليات تطبيع مع النظام السوري.

 ليفانت نيوز – مكتب القامشلي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!