الوضع المظلم
الإثنين ١٧ / يونيو / ٢٠٢٤
Logo
  • البرهان يعتزم طرح وثيقة دستورية جديدة في خضم الحرب السودانية

البرهان يعتزم طرح وثيقة دستورية جديدة في خضم الحرب السودانية
السودان

في خضم الحرب الطاحنة التي يخوضها الجيش السوداني مع قوات الدعم السريع، يعتزم رئيس مجلس السيادة، الفريق عبد الفتاح البرهان، طرح وثيقة دستورية جديدة للبلاد.

وأعلن مساعد قائد الجيش السوداني، ياسر العطا، السبت، في مقابلة تلفزيونية، أن البرهان يسعى لتقديم وثيقة دستورية جديدة، مشيرًا إلى أن العمل عليها يجري "بسرعة كبيرة جدًا".

وقال العطا إنه "تم التوافق على صيغة دستورية جديدة لإدارة الفترة التأسيسية الانتقالية للحكم الديمقراطي"، مشيرًا إلى أن الإعلان الدستوري الجديد يؤسس لـ "إعادة صياغة مجلس السيادة وتعيين رئيس وزراء مستقل، والذي سيعين حكومته من كفاءات مستقلة".

اقرأ المزيد: السودان يتجه نحو تعديلات دستورية وتعيين رئيس وزراء جديد

يرى محللون أن هذه الخطوة تهدف "لترسيخ حكم السلطة العسكرية" في السودان من خلال صياغة وثيقة دستورية جديدة تمنح الغلبة لجنرالات الجيش. واعتبر الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، قرار صياغة وثيقة جديدة بمثابة "التخبط الجديد" من الجيش في إبان الحرب.

وقال تورشين لموقع قناة "الحرة" إن "الغرض من هذه الوثيقة هو محاولة السيطرة فعليًا على السلطة وترسيخ الحكم العسكري من خلال إلغاء الوثيقة السابقة". وأضاف أن الوثيقة الدستورية الجديدة ستكون لصالح الجنرالات في مجلس السيادة، مما يعني أن رئيس الوزراء الجديد سيدين بالولاء لهم.

وأيد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء المتقاعد محمد عبد الواحد، هذا الرأي، مؤكدًا أن الجيش "يريد إحكام السيطرة الشرعية الكاملة" على البلاد. وأضاف لموقع "الحرة" أن البرهان "يريد إضفاء شرعية على نظامه وتحديد اختصاصاته في الدستور حتى لا يتم التعامل دوليًا مع أطراف أخرى داخل السودان".

### الوثيقة الدستورية الأولى

تدور الحرب الأهلية في السودان بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم "حميدتي"، مما أسفر عن مقتل آلاف السودانيين ونزوح نحو 8 ملايين آخرين. بعد ثورة أطاحت بحكم الرئيس السابق عمر البشير، أبرم العسكريون والمدنيون السودانيون وثيقة دستورية في أغسطس 2019 كانت تهدف إلى تأسيس مرحلة انتقالية مدتها 39 شهرًا. بموجب تلك الوثيقة، تولى الجيش السلطة السيادية بينما قادت حكومة مدنية ومجلس تشريعي الفترة الانتقالية.

تأسس مجلس السيادة السوداني برئاسة الفريق البرهان ونائبه السابق حميدتي، فيما تم تنصيب الخبير الاقتصادي عبد الله حمدوك رئيسًا للوزراء لقيادة الحكومة الانتقالية. لكن تلك المرحلة لم تستمر طويلًا، إذ قاد البرهان وحميدتي انقلابًا في أكتوبر 2021 أطاح بالقوى المدنية من الحكومة، مما أثار إدانة دولية واسعة.

منذ ذلك الوقت، تفاقمت مشاكل السودان التي شهدت احتجاجات دورية مناهضة للانقلاب، بالإضافة إلى أزمة اقتصادية متفاقمة وصدامات قبلية متزايدة في المناطق النائية. ولكن الوضع في السودان انفجر في منتصف أبريل 2023 عندما دخل حليفا الأمس في حرب دامية وضعت البلاد في مواجهة "واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في الذاكرة الحديثة"، بحسب الأمم المتحدة.

### تداعيات السيطرة على دارفور

أعربت الأمم المتحدة مؤخرًا عن قلقها المتزايد إزاء تقارير عن قتال عنيف في مناطق ذات كثافة سكانية مرتفعة، بينما تسعى قوات الدعم السريع للسيطرة على الفاشر، آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور لا تخضع لسيطرتها.

وقال اللواء عبد الواحد إن "الظروف في السودان صعبة للغاية" وأن البلاد "ليست بحاجة لوثيقة دستورية جديدة في ظل تطورات الحرب". وتابع: "الحالة العسكرية سيئة للغاية، والحديث عن اقتراب حميدتي من السيطرة على الفاشر يعني أن دارفور قد تسقط بالكامل في أيدي الدعم السريع".

وأكد عبد الواحد الأهمية الاستراتيجية لإقليم دارفور، الذي يشكل مساحة كبيرة من السودان ويربط المناطق الشرقية للبلاد، علاوة على حدوده مع ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى. وأضاف: "كثير من التوقعات تشير إلى أن سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر قد تعجل بإعلان حميدتي دولة من دارفور، مما قد يؤدي إلى تقسيم البلاد".

تعتبر الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، مركزًا رئيسيًا للمساعدات الإنسانية في الإقليم الذي يعيش فيه ربع سكان السودان البالغ عددهم 48 مليون نسمة. شهدت المدينة في هذا الشهر معارك عنيفة على الرغم من الدعوات الأممية المتكررة للطرفين المتحاربين بتجنيبها القتال.

واختتم تورشين بالقول إن "الجيش ينبغي أن يسعى إلى التوصل لتسوية مع قوات الدعم السريع بدلًا من الاستئثار بالسلطة"، معتبرًا أن "ترسيخ حكم المؤسسة العسكرية أمر مرفوض تمامًا". وأضاف أن "تهور الجيش" بطرح وثيقة دستورية جديدة في خضم الحرب سيكون له تداعيات حتى على الداعمين للمؤسسة العسكرية، وربما تعيد بعض المجموعات السياسية التي دعمت الجيش النظر في دعمها المطلق له نتيجة هذا التهور.

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!