الوضع المظلم
الثلاثاء ٢١ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
الإخوان المسلمون في سوريا و(التقيّة السياسية)
الإخوان المسلمون

 ليفانت – مرهف دويدري 

 





استطاع تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا، اللعب على كل حبال السياسة البرغماتية فيما يتعلق بالشأن السوري، ضمن هدف واحد فقط هو الوصول إلى السلطة دون الالتفات إلى الطريقة التي يلعب بها، ودون الاكتراث لكون هذه الحبال السياسية توصل إلى داعمي التنظيم، ممن يريدون استخدامه بحسب أجتدتهم الإقليمية، أو لكارهي التنظيم والذين تجمعهم مصلحة واحدة وهي بقاء الأسد في الحكم دون المساس به، أو حتى تقاسم السلطة مع نظام الأسد، حيث كانت السيطرة على مؤسسات المعارضة السورية والتحدث باسمها في المحافل الدولية بدعم تركي قطري، أولوية للوصول إلى هذا الهدف.





وعلى الرغم من الإعلان الدائم أن الجماعة ضدّ أي مفاوضات مع نظام الأسد (الأب والابن)، معلنين أنهم يحاربونه بكل الوسائل السياسية أو العسكرية، إلا أن المفاوضات السرّية بين القيادات المتعاقبة للجماعة وبين نظام الأسد كُشفت في أكثر من مناسبة، ما يدل على أن نهج المفاوضات السرية مع “أعداء التنظيم”، وإعلان الحرب لكسب التأييد الشعبي، هي من ضمن أدبيات تنظيم الإخوان المسلمين، حيث استطاع جناح إخوان سوريا إدارة هذا الصراع بحسب أجندة الداعم في كل مرحلة يمرّ بها التنظيم.


وفي هذا السياق انتشر فيديو (مجنزأ) من لقاء لـ”خالد مشعل” رئيس المكتب السياسي السابق لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، على منصة (اجتماعات الفيديو) Zoom يتحدث فيه عن قيامه بمفاوضات بين قيادة تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا والنظام السوري، لكن هذه المفاوضات لم تثمر عن شيء ملموس، كما فشلت المفاوضات السابقة بين الإخوان ونظام الأسد التي بدأت بمحاولات الشيخ الحلبي والقيادي السابق في الجماعة (أمين يكن) إلى تدخلات أردوغان للتقريب بين الطرفين لإنهاء الثورة السورية.



“خالد مشعل” يدير مفاوضات مصالحة بطلب من الإخوان



روى رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس “خالد مشعل” خلال لقاء معه على الانترنت، تفاصيل عن المفاوضات التي قادها بين جماعة الإخوان والنظام السوري في بداية آذار/مارس عام 2011 وذلك قبل انطلاق الثورة السورية بأيام، وأكّد “مشعل” أن القياديين في جماعة الإخوان السورية “علي صدر الدين البيانوني” و”رياض الشقفة” طلبا منه الدخول في مفاوضات بين الجماعة والنظام السوري، وذلك خلال لقاء جمعهم على هامش مؤتمر القدس في الخرطوم، حيث أكد مشعل لهما أن من حق الشعب السوري أن يكون له “ملاحظات” على السياسة الداخلية السورية، ولكن النظام له سياسة خارجية “ممتازة ويحتضن المقاومة”، وقد حذّرهم من حراك مشابه لما يحدث في مصر واليمن وليبيا، ودعاهم لمقاربة مختلفة للأحداث، فما كان من القياديين في جماعة الإخوان، إلا أنهما توسلا لمشعل لفتح حوار مع النظام، حيث أكد مشعل أنه نقل هذا الطلب للنظام السوري “لكنه لم يحصل شيء”. 



“أمين يكن” يقود مفاوضات بين نظام الأسد والإخوان



انخرطت جماعة الإخوان المسلمين (الطليعة المقاتلة)، في أعمال العنف التي بدأت فردية منذ عام 1975، ثم انتقلت إلى جماعية في عام1979، ونتيجة لإعلان النظام السوري بعد عملية المدفعية التي نفذها مجموعة من الشباب بإشراف ضابط، الحرب على الجماعة وأفرادها في الداخل والخارج، في بيان رسمي أصدره وزير الداخلية عدنان دباغ آنذاك، ولم ينفع دفع التهمة عن الجماعة أنها أصدرت بياناً رسمياً أعلنت فيه عدم علاقتها بالعملية، ومع استمرار الصراع بين الطرفين ظهرت بعض بوادر العمل على إنهاء هذا الصراع، حيث صعد نجم الشيخ الحلبي “أمين يكن” القيادي البارز “المعتدل” في جماعة الإخوان المسلمين الذي كان له الدور الكبير في بناء التنظيم وامتداده، ولقناعة النظام السوري بأنه مؤثر جداً ومسموع الكلمة، ويحظى باحترام رجالات الجماعة على امتداد سوريا وخارجها، حيث لعب دور الوسيط الناصح والمشفق، فكانت لقاءاته تتم مباشرة مع رئيس النظام “حافظ الأسد” من جهة ومع قيادة الجماعة من جهة أخرى، ما أدى إلى حالة من التوافق، قادت إلى إطلاق سراح المئات من أعضاء التنظيم الإخواني وقياداته.


وبحسب علي صدر الدين البيانوني المرشد السابق للجماعة في سوريا، فإن الإخوان قد استجابوا لهذه المبادرة، وأبدوا استعدادهم للحوار وبدأت الإفراجات فعلاً، لكنها توقفت فجأة في منتصف شهر آذار/مارس عام 1980، وبدأت الاعتقالات من جديد، وبدأ تمشيط المدن ومحاصرتها من جديد فتوقفت هذه المبادرة.


عاد “أمين يكن” للقيام بمبادرة جديدة عام 1997، حيث قام بأكثر من لقاء مع قيادة الجماعة وكوادرها، وشخصياتها العامة خارج سوريا والتقى قيادة الجماعة، وعرض عليهم اقتراحاته فوافقوه وشجعوه، وعاد إلى دمشق، ليخبر المسؤولين بموافقة الجماعة على الدخول في حلقة جديدة من المفاوضات، فقالوا له: هذه الموافقة تحمل رأي فريق في الجماعة، لابدَّ أن تأتي بالموافقة من الطرف الآخر، التقى يكن فريقي الجماعة وانتهى الاجتماع بتفويض خطي من مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في سوريا للقيام بمشروع المصالحة مع النظام السوري. وعاد إلى دمشق ليخبر المسؤولين السوريين بالقرار، ولكن وفي اللحظة الأخيرة أيضاً كان هناك من النظام، حيث اغتيل الشيخ يكن في 16 كانون الأول/ديسمبر 1999، على يد مجموعة مسلّحة، نصبت له كميناً قبيل الإفطار ببضع دقائق.



محاولات تركية أردنية لإذابة الجليد بين الإخوان والنظام السوري



أسّس تنظيم الإخوان المسلمين السوري ما يسمى “جبهة الخلاص الوطني” مع “عبد الخليم خدام” المنشق عن النظام السوري في كانون الأول/ديسمبر عام 2005، بعد تدهور العلاقة بينه وبين الأسد الابن، والذي شغل منصب وزير الخارجية، ثم نائب الرئيس على مدى 35 عاماً، حيث كان هدف هذه الجبهة إسقاط النظام السوري بحسب البيان المعلن، إلا أنه بعد ثلاث سنوات انسحبت الجماعة من الجبهة رداً على ما وصفوه بـ”حملة الافتراءات والاتهامات” التي تشنها أطراف في الجبهة عليهم بعد إعلانهم تعليق أنشطتهم المعارضة، في حين ردّ عبد الحليم خدام قائلاً إن الإخوان كانوا يشكلون “ثقلاً” على الجبهة، وإنهم يجرون حالياً حواراً مع النظام السوري عبر لجنة أمنية شكلت خصيصاً لهذا الأمر.


 


وكانت قد دخلت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا في حوار جدّي مع النظام من خلال وساطة تركية، ووساطة أخرى من قبل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، حيث كان قرار الإخوان المسلمين  الخروج من جبهة الخلاص المعارضة، اعتبرت مقدمة تستبق الحوار المطلوب، حيث تم تشكيل لجنة قانونية بقرار من النظام السوري، انتهت من إعداد دراسة تهدف إلى إلغاء القانون رقم 49، والذي يعاقب بالإعدام منتسبي جماعة الإخوان المسلمين، ورفعت نتائج دراستها إلى الجهات المعنية تمهيداً لإصدار القرار اللازم لإيقاف العمل بالقانون المذكور.



ما بعد الثورة.. تركيا وإيران تتوسطان بين الإخوان والنظام



بعد انطلاق الثورة السورية في آذار/مارس، سارعت عدة دول لوقف هذا المدّ الشعبي ضد النظام السوري الذي يحكم البلاد منذ عام 1970، عبر عائلة “الأسد”، وقبلها بسبع سنوان عبر حزب البعث، حيث أشارت وكالة الأنباء الفرنسية أن رئيس الوزراء التركي آنذاك “رجب طيب أردوغان” اقترح في صيف عام 2011 على رئيس النظام السوري “بشار الأسد”، أن يقبل بضمّ عدد من رموز الإخوان المسلمين للحكومة، مقابل دعم جهود وقف الاحتجاجات التي تجتاج البلاد، حيث دعاه إلى تشكيل حكومة يكون فيها ربع أو ثلث الوزراء من الإخوان المسلمين، مقابل التزامهم باستخدام نفوذهم لوضع حد للحراك الشعبي الذي بدأ يهز أركان”.


بالمقابل، قال نائب المراقب العام لجماعة “الإخوان المسلمين” في سوريا محمد فاروق طيفور أن إيران عرضت على حركته أن تؤلف حكومة سورية، مقابل بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في سدة الحكم، حيث يروي أن “ما جرى هو أن علاقة تربطني ببعض رجال الأعمال الأتراك، وأحد هؤلاء جاءني وقال إن هناك ثلاثة رجال أعمال إيرانيين مرسلين من قبل مكتب مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي يطلبون لقائي من أجل البحث بالموضوع السوري على أن يبقى الأمر طي الكتمان”








 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!