الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
الأسد الذي ضحك حين شبع السوريون موتاً!
الأسد الذي ضحك حين شبع السوريون موتاً!

ريما فليحان




في لقاءه مع "الصندي تايم" البريطانية أجاب "بشار الأسد" على سؤال حول نومه قرير العين بينما يموت الأطفال في بلده بالضحك.. وطمئن المجتمع الدولي إلى أنه ينام جيداً ويمارس رياضته المعتادة ويأكل ويعيش حياة طبيعية للغاية.




نحن السوريون اعتدنا منذ بدأت الاحتجاجات الشعبية في سوريا على ضحك "بشار الأسد"، فالأسد يضحك بشكل عادي أمام كل مجزرة وحدث، وحين يتكلم أمام برلمان الدبيكة او في حضرة عمامات النفاق، ونعرف تماماً لماذا يضحك، فنحن وهذا النظام عشرة عمر كما يقال في الأمثال الشعبية، تحديداً أكثر من نصف قرن وعائلة الأسد الضاحك تحكمنا، لهذا قررت ان أشرح في هذه المقاله لمن لا يعرف، لماذا يضحك "بشار الأسد" حين ينام الاطفال موتا في بلدي الممزق.




سأشرح أولاً للمجتمع الدولي والرأي العام والصحافة الدولية: ألا يحق للأسد أن يضحك وهو يرى أن كل بيانات الامم المتحدة وقرارتها ، كل بيانات الدبلوماسية الدولية وتصريحاتها النارية وكل ذلك القلق والامتعاض، وحتى المغص الذي أصاب كل مسؤولين العالم كان يساوي صفراُ فقط اذا كان نقيس مدى تأثير تلك المواقف على مستوى وقف نزيف الدماء في سوريا، و محاسبة مجرمي الحرب، وتحقيق تطلعات الشعب المحقة نحو بلد يعيش به بكرامه وحرية وديموقراطية؟! ألم ينجح الأسد بضحكه الأبله وسياسته الإجرامية وبدعم دولتين فقط بأن يحقق كل ما يريد؟؟




ألا يحق للأسد أن يضحك بعد أن كان هذا النظام وخلال حكم الأسدين الأب والأبن يقوم بعمليات ممنهجة لغسيل دماغ الشعب السوري بحيث يقنع هذا الشعب أن عدوه هو الغرب، وهي الحجة التي دقعت الكثير من البسطاء الى الخوف من قيم حقوق الإنسان والمنظمات الدولية لما يرتبط بذلك من شبهة الخيانة، و بما يتبع ذلك من ملاحقات أمنية واعتقالات لكل من يتبنى فكر الانفتاح وقيم الديمواقراطية وحقوق الإنسان والتهمة جاهزة طبعا العمالة للغرب!




وحين جاءت الفرصة التاريخية التي كان من الممكن أن تدفع بسوريا إلى نهج انفتاح على قيم الديموقراطية وحقوق الانسان - وأتكلم عن فترة الحراك السلمي للثورة - بالإضافة إلى علاقات قائمة على الاحترام المتبادل مع المجتمع الدولي، ألم يخذل المجتمع الدولي السوريين؟ دعونا نتحدث كيف قابل المجتمع الدولي هذه الاحتجاجات.




في بداية الأمر كانت هناك مرحلة من الاكتشاف والتقييم لطبيعة الحراك والقائمين به تخللها بيانات وتصريحات طبعا، كانت المجازر على الأرض تسير على قدم وساق غير مكترثة بمرحلة التعارف تلك،

تلى تلك المرحلة، مرحلة التعجيز، فكي يقتنع المجتمع الدولي بالأجسام السياسية التي بدأت تنشأ كان لا بد أن تتوحد المعارضة، ولكي تتوحد المعارضة يجب أن نحدد من هي تلك المعارضة التي كانت تنشأ عبر تيارات ومجالس وائتلافات وهيئات وأحزاب وتنسيقيات وشخصيات، بعد تصحر سياسي دام لما يزيد عن نصف قرن، طبعاً القوى الأساسية في المعارضة كانت تتقاتل منذ اللحظة الأولى على تمثيل الثورة بين داخل وخارج و وطني وغير وطني وشخصيات وطنية وقوى سياسية، وتقوم بإنشاء كياناتها بعقلية التحاصص على مقاعد ليست أكثر من كرتون مقوى في أحسن الأحوال، وتنتج عن كل تلك التجاذبات والتنافرات والضغط الدولي اشكال سياسية تضم عدداً كبيراً من تلك القوى غير المتجانسة بفكرها ومع هذا المجتمع الدولي لا يريد أن يقتنع.


طبعا في نفس الوقت كانت القوى الإقليمية تخترق القوى السياسية الناشئة لتلك المرحلة وتزيد من تشرذمها، مستغلة شبق بعض تلك القوى والشخصيات إلى السلطة والنفوذ، وعلى الجانب المقابل كان النظام يتدخل أيضاً في توصيف من هي المعارضة التي يقبل بها ولا يقبل بها! ويحدد مواصفاتها بدعم غير محدود من حليفه الروسي، في حالة من الكوميديا السوداء التي يعجز عن فهمها العقل، إلى أن وصلنا في يومنا هذا إلى عدد لا يحصى من كيانات وقوى وتجمعات ومنصات ومؤتمرات وجنيف وأستانه و التدمير والقتل جار على قدم وساق على الأرض السورية، وبينما ما زال النظام قائما بعد كل تلك الدماء والدمار التي تسبب بهما لا نعرف حقاً من هي تلك الأيادي التي تتحكم يمصير ومستقبل سوريا؟ أكيد طبعاً سيضحك الاسد.




ألا يحق للأسد أن يضحك حين يرى كم من الخطوط الحمراء و التحذيرات و التنبيهات التي طالبته بأن يتوقف عن الجرائم التي يقوم بها وذهبت هباء دون أن يكترث؟ بل إنه تمادى فاستخدم المجازر الجماعية والانتهاكات وجرائم الحرب والتعذيب واستهدف المدنين والصحفيين والمنشآت الطبية وأستخدم الكيماوي والأسلحة المحرمة دولياً، وأرتكب مجازر في حمص وحماه وإدلب وحلب وريف دمشق وقتل مدنيين في كل بقعة من سوريا، وأقصى ما حصل كرد فعل هو اجتماعات مهرجانية في مجلس الأمن يلعب بطولتها ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية و ممثله الجعفري على الجانب المقابل وتنتهي بفيتو روسي، ثم يعود النظام في اليوم التالي الى ممارسة كل تلك الفظائع بشكل اعتيادي وينام الأسد ويأكل ويشرب ويمارس الرياضة بينما يموت الأطفال في المخيمات والملاجئ وتحت القصف بشكل اعتيادي أيضا، ثم يبدأ المجتمع الدولي ذاته يتحدث عن بقاء ذلك النظام أو إعادة تدويره، أكيد سيضحك الاسد بينما يشبع السوريون موتاً.




سيضحك الأسد بالتأكيد حين نموت في المنافى قهراً وعيوننا معلّقة على أمل أحمق بالعودة للبلاد التي لم يبقى منها شيئاً إلا قصره المشيّد على عظامنا وأحلامنا ومستقبل أولادنا ، سيضحك الأسد حين يأكل وينام ويمارس الرياضة بينما يقف السوريون بالطوابير لأيام ليحصلوا على احتياجاتهم اليومية ، نأمل فقط اأكم قد استمتعتم بمشاهدتنا على شاشاتكم خبراً ورقماً على الشريط العاجل بينما نبكي ويضحك الأسد.


 


الأسد الذي ضحك حين شبع السوريون موتاً!


الأسد الذي ضحك حين شبع السوريون موتاً!

العلامات

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!