الوضع المظلم
الإثنين ١٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
الأزمة السورية والحراك العربي
خالد الزعتر

إن الغياب العربي في الملف السوري شكل حالة من العبث في الأمن القومي العربي، لأنه أفسح المجال لقوى إقليمية، مثل إيران، لممارسة أدوار توسعيّة وعبثية تخدم طموحاتها السياسية، وقوى دولية لإدارة الملف السوري وفق ما يتناسب مع طموحاتها ومخططاتها التي تقود إلى إطالة أمد الأزمة والعبث بالأمن القومي العربي.

 فالأطراف الإقليمية، كإيران، ترى في الأزمة السورية فرصة مهمة لاختراق الأمن القومي العربي وتعزيز نفوذها في المنطقة العربية وتحقيق طموحاتها التوسعية، ولذلك أظهرت حرصاً على إغراق سوريا بميليشياتها لتثبيت وجودها في الأرض السورية التي تحتل أهمية استراتيجية، حيث تقع على تقاطع خطوط التبادل والتجارة بين القارات الثلاث، آسيا وأوروبا وأفريقيا.

على المستوى الدولي، تم التعامل مع الملف السوري خارج إطار الشرعية الدولية وحماية الأمن والسلم الدوليين، حيث شكلت الأزمة السورية ساحة للتنافس الدولي، الاتحاد الروسي من جهة، والقوى الغربية من جهة أخرى، ولذلك فقد وجدت القوى الدولية في الأزمة السورية فرصة لاختبار مستوى قوتها في النظام السياسي الدولي "وللمقايضة والمساومة"، وإسقاط الملف السوري على ملفات أخرى، كما حدث في أزمة أوكرانيا العام 2014، في سبيل تحقيق أهداف سياسية، وبلا شك فهذه الإدارة الدولية القائمة على المقايضة والمساومة والصراع والتنافس على حساب الأمن القومي العربي، أحد أسباب إطالة أمد الأزمة السورية، وهي بلا شك تظهر بشكل واضح حالة الخلل في المنظومة الدولية التي أثبتت قدرة على إطالة أمد الأزمات بدلاً من حلها.

ولذلك فإنّ الحراك العربي الذي بدأ بإعادة خطوط الاتصال السياسي بين البحرين والإمارات مع الدولة السورية، بجانب الحراك العربي، لإعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، يشكل بارقة أمل في إعادة ترتيب خارطة القوى الفاعلة في الملف السوري، بحيث يصبح هناك وجود فاعل للدور العربي في الملف السوري، وهو بالتالي ما يساهم في إعادة ضبط ميزان الحالة التنافسية على الأرض السورية بما يخدم تحجيم الدور الفوضوي للنظام الإيراني في الأراضي السورية، وأيضاً يعمل على ضبط طريقة الأداء الدولي وفق ما يخدم حماية الشرعية الدولية بدلاً من سياسة المقايضة والمساومة التي تنتهجها القوى الدولية في تعاملها مع الملف السوري، والتي تشكل عقبة أمام تحقيق الحل السياسي، وأيضاً تسعى لاستنزاف الأمن القومي العربي.

إن المساعي الهادفة لإعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، والتي يسبقها خطوات متسارعة لإعادة الاتصال السياسي بين الدولة السورية وعدد من الدول العربية، لا شك أنه يشكل خطوة مهمة في طريق إعادة الملف السوري إلى الطاولة العربية وتعزيز الإدارة العربية في الملف السوري بما يساهم في بناء خارطة الطريق نحو تحقيق الحل السياسي الحقيقي، وهذا بلا شك سوف يقود إلى تحجيم الأدوار الخارجية التي أثبتت قدرة في إطالة أمد الأزمات وفشلها في قيادة الملف السوري نحو تحقيق الحل السياسي، ولذلك فإنّ الإرادة السياسية العربية أمام اختبار حقيقي لإثبات قدرتها على إدارة ملفاتها العربية وتحصين الأمن القومي العربي، وعدم تكرار خطأ الملف العراقي، وتحجيم التدخلات الخارجية التي قادت إلى إحداث إضعاف الأمن القومي العربي.

 

ليفانت – خالد الزعتر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!