-
الأحواز.. عندما تنتفض الأرض بالعربية على تمييز إيران
في السادس عشر من يوليو الجاري، أفادت وسائل الإعلام بأن محافظة خوزستان (التسمية الإيرانية لإقليم الأحواز ذي الغالبية العربية) جنوب غربي إيران، شهدت احتجاجات وأعمال شغب على خلفية نقص حاد في المياه، حيث ردد المحتجون بشعارات مناهضة لحكومة إيران باللغة العربية، فيما تداول نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي لقطات توثق الاحتجاجات، والاشتباكات التي اندلعت بين شرطة مكافحة الشغب والمتظاهرين وإطلاق عناصر الأمن طلقات نارية لتفريق المحتجين.
بارقة أمل لكل الإيرانيين
ورغم ما رافقها من عمليات قمع وسقوط لضحايا وجرحى، وفق التقارير الإعلامية، إلا أن التظاهرات يبدو أنها شكلت بارقة أمل، ليس فقط لسكان الإقليم من العرب، بل لعموم الشعوب الإيرانية، وهو ما بدى جلياً من خلال تلقف المعارضة الإيرانية لها، حيث قالت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في السابع عشر من يوليو، إنه قد "انتشرت الانتفاضات والاحتجاجات في مختلف مدن خوزستان، بسبب نقص المياه وأغلق المواطنون والشباب في الأهواز والبلدات المحيطة الطرق، لساعات".
وأضاف الموقع الرسمي للمنظمة: "وعلى الرغم من التعبئة الكاملة للقوات القمعية، فإن أهالي هويزة وسوسنكرد وأبو حميضة وشادكان، وحي "عين دو" في الأهواز خرجوا إلى الشوارع ووقفوا في وجه الشرطة والباسيج مرددين شعار "هيهات منا الذلة"، ووفق الموقع، فقد دوّن المتظاهرون على اللافتات التي حملوها "لن نستسلم أبدًا، نريد الماء".
اقرأ أيضاً: الصين وتايوان.. ما بين الرضوخ للأمريكي والحرب العالمية الثالثة
ونوّه الموقع إلى أن مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة، وجهت "تحياتها للمواطنين المنتفضين في الأهواز وكل خوزستان الذين نزلوا للشوارع متعطشين للماء والحرية وهم يهتفون "هيهات منا الذلة"، ودعت الشباب لمساعدة أهالي خوزستان وخاصة الجرحى"، وتابعت بأن "إطلاق النار على العزل واستشهاد الابن الشجاع لأهل شادكان، أظهر مرة أخرى أن الفقر والبطالة والمرض سيستمر طالما الملالي النهابون باقون على السلطة، وأنهم يحرمون المواطنين من الماء والكهرباء والخبز والسكن واللقاحات لتمويل مشاريع نووية وصاروخية ونشر الحروب في المنطقة".
مُحاولات خداع وإصمات الجماهير
وفي الثامن عشر من يوليو، أقرت وكالة "فارس" بسقوط ضحيتين في الأحواز/ خوزستان، ولكنها كانت على طريقة النظام السوري، عندما وصفت الوكالة إطلاق الرصاص في الاحتجاجات بأنه مثير للشك، زاعمةً أن الشرطة تعمل على التعرف على جماعات وصفتها بالإرهابية تحاول استغلال الاحتجاجات.
لكن تلك الحيل لم تنطلِ على المتظاهرين الذين واصلوا نشاطاتهم الرافضة لسياسات طهران ذات الخلفية العنصرية في إقليمهم، من خلال تعمد إهمال الإقليم، ونهب ثرواته، بينما شددت الخارجية الأمريكية على دعم واشنطن لحق الإيرانيين في التجمع بشكل سلمي والتعبير عن رأيهم بدون خوف من العنف والاعتقال التعسفي، وذكر الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، في الثاني والعشرين من يوليو، أن الوزارة تتابع عن قرب التقارير حول التظاهرات في إيران، بما في ذلك التقارير حول إطلاق قوات الأمن النار على المتظاهرين، فيما كان قد هدد مكتب المدعي العام في خوزستان، بزيادة قمع المحتجين المطالبين بتوفير المياه.
اقرأ أيضاً: داعش والسوريون.. مخاوف أوروبية من تأثير التطرّف والإرهاب عليهم
وفي محاولة لإصمات المتظاهرين وخنق صوتهم، وثقت منظمة دولية معنية بمراقبة الإنترنت، تعمد السلطات الإيرانية، قطع خدمات الشبكة العنكبوتية في مدن محافظة خوزستان لمواجهة الاحتجاجات، إذ أكدت منظمة (نت بلوكس) ما ذكرته صحف محلية إيرانية عن انقطاع واسع لشبكة الإنترنت بسبب الاحتجاجات في مدن خوزستان.
وبحسب تقرير للمنظمة الدولية، فإنه "في أعقاب مظاهرات أهالي خوزستان احتجاجاً على نقص المياه، حدث انقطاع كبير في خدمات الإنترنت عبر الهاتف المحمول في البلاد منذ الخميس بالتوقيت المحلي.. وهذا الوضع مستمر"، وأضافت: "تُظهر بيانات الشبكة اضطراباً إقليمياً كبيراً في خدمة الإنترنت عبر الهاتف المحمول، ابتداءً من الخميس 15 يوليو/ تموز 2021 وسط احتجاجات واسعة النطاق ضد نقص المياه في خوزستان".
المرشد الإيراني ينحني للريح
ولأن المعضلة ما تزال في إطار قد يمكن تجاوزه، كونها في إطار الاحتجاج على الخدمات، قرر المرشد الإيراني، علي خامنئي، الانحناء للريح، علّها تزول سريعاً، فدعا المسؤولين في بلاده إلى متابعة مشاكل خوزستان، قائلاً في منشور عبر حسابه على تطبيق "إنستغرام": "على المسؤولين أن يتابعوا مشاكل خوزستان، لأن من يهتم بالمواطنين لا يستطيع أن ينظر إلى مشاكل خوزستان الصعبة بلا إحساس بمعاناتهم، الاهتمام بالمواطنين، بين المسؤوليات الدائمة والمستعجلة للحكومات".
اقرأ أيضاً: أردوغان وقبرص.. ومسؤولية المجتمع الدولي عن فرملة مُخططات التقسيم
ليصل في الثالث والعشرين من يوليو، نائب الرئيس الإيراني، إسحق جهانغيري، إلى خوزستان، بغية ما قالت طهران إنه تقييم ومعالجة الوضع، خاصة أزمة المياه التي تشهدها المنطقة، بينما وجه بعض زعماء عشائر خوزستان، خلال لقائهم مع جهانغيري، انتقادات لاذعة لأداء حكومة البلاد، فيما أقر جهانغيري بأحقية وشرعية مطالبات سكان الإقليم عندما قال: "ما يزعج الناس (في خوزستان) ويثير استياءهم هو التمييز، حيث يرون أن الكثير من المحافظات شهدت النمو والازدهار، ومحافظتهم التي تمد باقي المحافظات بالكثير من الأمور، بقيت غير مزدهرة".
إقرارٌ يوضح أن على أهالي خوزستان العرب الذين لديهم كامل الأحقية في مطالبتاهم، وباتوا تحت مرمى أنظار العالم، في الوقت الراهن، أن يرصوا صفوفهم أكثر، ويحددوا بشكل جلي أوجه القصور والتعدي التي طالتهم وطالت ثرواتهم، حتى يتم استعادتها، ويتمتع أبناء الإقليم بخيراته في المستقبل، وهو ما ستكشفه قادمات الأيام، مع استمرار التظاهرات في الإقليم.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!