الوضع المظلم
الإثنين ٠١ / يوليو / ٢٠٢٤
Logo
  • احتفالاً بالفوز على "الثيران الهائجة".. بشار الأسد يلقي خطاباً حافلاً بالشتائم

احتفالاً بالفوز على
بشار الاسد

ليفانت- نور مارتيني



لم تنته المهزلة الانتخابية في سوريا الأسد، حتى حملت معها مهزلة جديدة عبّر عنها خطاب من يدّعي تمثيل كل السوريين، ومن توسّل السوريين المقيمين خارج دائرة نظامه القمعية للمشاركة!


فبعد سلسلة كوميدية ابتدأت بظهوره كفتى إعلانات بعد عملية التجميل التي أجراها، في وقت كان قد احتجب فيه وزوجته إعلامياً بدعوى إصابتهما بـ"كورونا"، يختتم "الأسد"، المولع بالحيوانات فيما يبدو، المسلسل الكوميدي بخطاب "حيواني بامتياز"، عرض فيه رؤاه المشرقة لـ"سوريا الأسد" المستقبلية، ومشخّصاً سلوكيات الحيوانات التي يبدو أنّه خبير بها!



ويبدو أن بشار الأسد بات في هذه المرّة، بعد أن سلّم ناصية البلاد بشكل كامل للروس والإيرانيين في مناطق نفوذه، وتركيا والأمريكان خارجها، بات متيقّناً أكثر من أي وقت مضى بأنّه حصل على إقرار أبدي بالبقاء رئيساً على أنقاض بلد، فراح يطلق الشتائم والسباب على طريقة من لا يملك حولاً ولاقوة. وما يظهر تخبّطه بشكل أكبر هو ارتفاع نسبة الفوز إلى 95% بعد أن سجّل 88% عام 2014، على الرغم من مقاطعة محافظة درعا، والإقبال الهزيل في مناطق الإدارة الذاتية، ناهيك عن محافظة إدلب التي تؤوي قرابة 5 ملايين من سوريي الداخل!


انفو


خطاب الأسد، الذي حلّل فيها سيكولوجيا الثيران، بطريقة سوقية تحتوي على الكثير من الرّدح يكشف حجم عزلته، ويظهر أنّ هذا الخطاب المقتضب الذي لم يتجاوز الـ13 دقيقة، والذي يرجّح أنّه لم يخضع لأي هيئة استشارية، على عادة الرؤساء، جاء مختلفاً في مضمونه عن السياقات السابقة التي كان يناور فيها بخطاباته، حتى وإن لم يأتِ المغزى مفهوماً.


ولعل بشار الأسد نسي أن "الثور الهائج"، لا يعبّر عن مواقفه بالحراك السلمي والمظاهرات، ولا يناشد المجتمع الدولي بطرق حضارية محترمة؛ "الثور الهائج" هو ذاك الذي يستمرئ القتل والتدمير، من يدمّر البنى التحتية في البلاد التي جيء به رئيساً لها دونما إقرار وقبول من أهلها، من خلال عمليات سخيفة يطلق عليها اسم "انتخاب" أو "استفتاء"، وهو من يستهدف المدنيين بالبراميل والسلاح الكيماوي، ويبدو أنّ الأسد في ذروة "هيجانه"، نسي أن أيّاً من الحيوانات هو أقلّ ضررراً من "الوحش"!



 



التلويح بـ"جواز السفر" كأسلوب عقاب جماعي



لم يتورّع الأسد كعادته عن اعتبار سوريا مزرعة خاصة، وإطلاق التهم على كل من يشقّ عصا الطاعة، بل إنه حتى اتهم معارضيه بأنّهم يتلقّون "العلف"، ونعتهم بالثيران، حيث قال: "عرّفتم الثورة وأعدتم إليها ألقها بعد أن لوث اسمَها جزء من المرتزقة وفاقدي الشرف حاملي جواز سفر سوري، أنقذتم سمعتها وأعدتم إطلاقها".


اللافت في الأمر أنّه لجأ إلى القول بأنّ من يحملون "الجواز السوري" هم من يتآمرون على البلد، وهو ما رأى البعض فيه تلويح بالحرمان من هذه المكرمة التي احتال الأسد ونظامه بواسطتها على العقوبات الأمريكية، حيث يصل سعر استخراج جواز السفر السوري المستعجل في سفارات النظام السوري إلى 800 دولار.



يشار إلى أنّه بموجب مؤشر غايد لجوازات السفر عام 2020 (Guide Visa Index)، يحتل جواز السفر السوري المرتبة 108 من بين 110 دولة في العالم. فقط جوازات سفر كلًا من إيران وأفغانستان هما من تأتيان خلف جواز سفر سوريا في الترتيب. كما أن عدداً محدوداً من الدول فقط هي التي تسمح لحاملي جوازات السفر السورية بالدخول بدون تأشيرة مسبقة.



كورونا..الاحتفالات تعبيراً عن رفض المؤامرة!



في غمرة انتشار وباء "كورونا"، الذي حصد أرواح السوريين، وما زال يحصدها، في وقت عمد هو بنفسه إلى نسف البنى التحتية والمشافي التي كان يمكن أن تنتشل البلد من براثن هذا الوباء الفتاك، ومتناسياً أن أعداداً هائلة من الأطباء وطلبة الطب البشري، ممن كانوا سينفقذون البلاد لو أنّه ترك لهم الفرصة للبقاء على قيد الحياة، بدلاً من قيامه بقتلهم تحت التعذيب؛ في غمرة كل هذه الظروف يحثّ الأسد رعايا "مزرعته" التي لا تحتوي على "الثيران"، على الرقص والاحتفال، معتبراً أن هذا إنما يتمّ تعبيراً عن رفض المؤامرة، وهو ليس احتفالاً بنتيجة ما أطلق عليه اسم "انتخابات"؛ يقول الأسد ذلك غير عابئ بالنتائج الكارثية الناجمة عن التجمّعات في بلد لم تتجاوز فيه نسبة تطعيم كورونا 5%، وقضى نحو 212 طبيباً بالفيروس، في حين أن الإحصائيات تشير إلى أن نسبة الأطباء إلى السكان في سوريا هي 1 إلى كل 10000..




وفي هذا السياق، يقول غير عابئ بحجم الكارثة الإضافية التي يدفع الناس إليها: "ما حصل لم يكن احتفالات على الإطلاق، بل كان ثورةً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى حقيقي لا مجازي، ثورة ضد الإرهـاب والخيانة والانحطاط الأخلاقي، ثورة لسان وقلم وعمل وسلاح، ثورةٌ عنوانها الشرف ضد كلِ سا قط ارتضى لنفسه أن يكون مطية يمتطيها الآخرون ليصلوا بها إلى حيثما يشاؤون".

حيث أنّه بعيداً عن اتهامات الخيانة والعمالة والارتزاق، التي أطلقها على كلّ من رفض حكم "المزرعة" الذي فرضه ومن قبله والده على بلد، مسخ اسمه إلى "سوريا الأسد"!



ردود فعل ساخرة.. و"الثيران الهائجة" تجتاح وسائل التواصل



ردود الأفعال هذه المرّة من قبل معارضي الأسد، لم تكن غاضبة على الإطلاق، بل جاءت ساخرة، تستخف من حالة القطيعية لمواليه الشرسين من المستفيدين من فساد نظام الأسد، والتي تبدّت في احتفالات على أنقاض بلد، أما القسم الآخر، فوجد أنّ الخطاب هو تجسيد لحالة العجز التام التي يشعر الأسد حيالها، والتي فرّغها من خلال مفردات الشتائم التي أطلقها على معارضيه، ورأوا أنّه لو كان يملك من أمره شيئاً لما لجأ إلى هذا الأسلوب.


https://twitter.com/alkhames/status/1398227662464761863


تعليقاً على الخطاب، نشر الصحفي السوري "سعد الرّبيع" على حسابه في "فيسبوك":



"حتى الدقيقة الخامسة، كان يخلط هذا الأفاق بين ال "أنتم" و ال "هم" ، وما يلحقها من ضمائر ..

أنتم: الأخوة المواطنون

هم: الأعداء ..

الخلط كان "للرطانة غير المفهومة"، خلط من خلالها العدو بالصديق، والشريف وبالخائن .. ع حسب تعبير المعتوه ..

بعد الدقيقة الخامسة، حمل الصراع على مستوى شخصي، وكانت دلالة الكلام كله "نكاية" ...

...

لو حاولنا ترجمة الدقائق الخمس الأولى من الخطاب للغة أجنبية، لما خرجنا بجملة مفيدة واحدة ..

استخدام عبارات مثل "التفكير القسري" تفيد للتفخيم الفارغ، ولامعنى لها سوى الرطانة والحشو ..

نفس الخطاب، بنفس الكلمات، لو وضعت على لسان سهيل الحسن، لضحك عليها المؤيدون قبل المعارضون!"



في الحقيقة أن أحداً من معارضي الأسد أو حتى مؤيّديه لم يعبأ بالنسبة ولا بالنتيجة، فالمعارضون ينتظرون الجولات القادمة من أعمال اللجنة الدستورية ومؤتمرات "المعارضة الوطنية"، في سيناريو مشابه لمهزلة 2014 الانتخابية، والتي توقّفت إلى ما بعد مرحلة تمرير الانتخابات، أما الموالون ففكرهم منصرف إلى عودة مرحلة طوابير الخبز والمحروقات بحكم العادة، وحده الأسد كان يحتفل بانتصاره على طواحين الهواء بنسبة 95%!


 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!